إسرائيل “تتحركش” في السعودية
كتب / فرح سمحان
تتجه الأنظار بشيء من الترقب والتكهنات لواقع الشرق الأوسط وخارطة المحسوبيات والتقسيمات السياسية حال إتمام السعودية التطبيع مع إسرائيل في خطوة قديمة حديثة سبقها لملمة العلاقات وعودة المياه لمجاريها مع عدوة الصهاينة اللدودة إيران بعد سنوات من القطيعة ؛ لتأتي الضمانات السعودية بلغة الألغاز المعروفة عن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وحرصه على عدم إعطاء وعود أو رهانات أو حتى ضمانات أكيدة إلا بوضع بنود وصياغتها بما يخدم مصلحة بلاده أولا ويحفظ بقاء السعودية على مسافة واحدة من الجميع ويحقق رؤيتها المنشودة وتطلعها للتفوق على نفسها والبلدان الأخرى بما تملكه و “بعين قوية” ؛ ولا أحد ينكر أن الرؤية السلمانية حققت أكثر من نصف الهدف حتى الآن.
إسرائيل وكعادتها تحب دائما انتهاز الفرص سواء غالبة أو مغلوبة وفي نوع من الحركشة الدبلوماسية، هنأت وزارة الخارجية الإسرائيلية المملكة السعودية باليوم الوطني في منشور عبر منصة إكس العالمية ، الأمر الذي دشن قاعدة تساؤلات وجدل حول شكل العلاقات المستقبلية في المنطقة وقرب إسرائيل وأمريكا من الوصول للهدف المشترك بإدماج السعودية في مخطط التطبيع الذي بلا شك ودون الحاجة لأي تحليلات؛ ستخرج فلسطين منه بلا فائدة أو ضمانات حقيقية و بمجرد شكليات تنادي بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة مع أن إسرائيل لم تقدم حتى الآن أي ضمان أو رسالة تؤكد فيها نيتها السير بمشروع التطبيع على الأقل وفق مقترح السلام السعودي لعام 2002 والذي تضمن تطبيع الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية مع إسرائيل مقابل تحقيق السلام الشامل في المنطقة والانسحاب من الأراضي المحتلة .
المهم أن إيران وبعد تصويبها الأوضاع مع السعودية وربما إدراكها أن عودة العلاقات الدبلوماسية لا يترتب عليه أي التزامات أو تدخلات في الشؤون الداخلية للمملكة السعودية التي لا تسمح بذلك بتاتا ؛ أصبحت ترسل إشارات مبطنة في أي محفل أو مناسبة عالمية وكان آخرها اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أكد خلالها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن أي تطبيع عربي مع الصهاينة هو بمثابة طعنة في خاصرة فلسطين ، الأمر الذي قد يخلق برودا في العلاقة التي جَمعت زجاجها المكسور حديثا وربما سيكون نهاية البداية إذا ما اعتبرت إيران أن تطبيع السعودية مع إسرائيل بوساطة أمريكية سيشكل تهديد عليها أو ضغطا لتمرير أجندة أو ملفات عالقة.
السعودية من جانبها لم تعلق حتى الآن على أي انتقادات أو التحليلات المطروحة أمامها ؛ ولكن المعطيات تقول إن التطبيع قادم لا محالة وفق تصريحات بن سلمان الأخيرة بأن الاتفاق يشهد تقدما مع إسرائيل في حين تحاول السعودية الحفاظ على خصوصيتها الدينية ومكانتها الشرق أوسطية بحفظ خط الرجعة والشعرة الفاصلة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وحتى لا تضطر مستقبلا لتبريرات من هذا النوع ، تحديدا وأن النظام السعودي لا يكترث كثيرا بما يقال على الخارطة السياسية العالمية إنما هناك تركيز مطلق بما سيُقدم له على صعيد قوة السعودية أصلا والتي تجعلها في حالة استغناء مطلقة عن أي آراء أو مطالب معكرة لرؤيتها المستقبلية داخليا وخارجيا .