الحوار الوطني منطق تفاعل الآراء وتجاوز التعصب الفئوي والعقائدي
كتب / وليد خالد احمد
بمثابة تقديم : الحوار .. احترام الاختلاف
إن مفهوم الحوار كآلية للاجتهاد في مختلف القضايا الوطنية وخاصة فيما يتعلق بالجوانب السياسية والفكرية هو بحد ذاته منهج حياة وممارسة عملية ينطوي على اجتهادات وآراء وأداء في مختلف المجالات حول قضية مختلف فيها حيث لكلٍ تصوره ومفهومه للحل وليس مقولات لاتتجاوز في واقعها صدر القائل بها.
والحوار ، مفهوم شامل ضمن أُطر مرجعية معينة يقوم على مجموعة من الأُسس التي لابد من أتباعها من أجل تأطيره في مكانه الصحيح وحيزه الذي لابد أن يوضع فيه ، قد يكون أولها وأهمها التسليم بوجوه آراء أخرى لابد من الاعتراف بها واحترامها كحق لها في الوجود على أسس ديمقراطية ، لأن لغة الحوار في جو من التوجه الواحد أو إملاء وجهة نظر واحدة يصبح تلقيناً مفروضاً وليس حواراً.
وفي هذا الظرف من تاريخ عراقنا العزيز نحن أحوج مانكون إلى الحوار الوطني وخاصة مايتعلق بالقضايا المصيرية المطروحة على الساحة العراقية الآن ومااتبعها من قضايا جديدة تتطلب منا التعامل معها بروح موضوعية ضمن أسس ومنطلقات فكرية . فإطلاق العموميات بمصطلحات فضفاضة تتسع لكل شيء أو تضييق الطروحات بحيث لاتتجاوز مساحة كتابتها ضمن نظرات ضيقة ليس من شأنها أن تقدم شيئاً جديداً أو حلاً لأي إشكالية . وإننا لابد من مراعاة الظروف الحالية التي يمر بها عراقنا هي في أمس الحاجة إلى اجتهادات ووجهات نظر مدعمة بأدلة واقعية عقلانية وليس إلى أوهام مستقبلية من أجل أن تحظى بحضور على الساحة السياسية والفكرية.
كم هو جميل أن يكون لدينا اختلاف أو وجهات نظر متعددة إزاء قضية ما لما فيه المصلحة العامة ، حيث أن تعدد الآراء وحتى المعارضة منها تتبعها استيضاحات قد لاتكتب لها الحياة لولا وجود روح ديمقراطية تؤمن بالحوار ، وهذا النهج / الحوار كان غائباً قبل 9 / نيسان ، مما رسخ مجموعة من العوامل أدت إلى أعاقة هذا المنهج وتغييب وجوده بالكامل . ومن هذه العوامل:-
ـ إضفاء صفة العداء على الرأي الآخر وليس صفة الاختلاف مما أدى إلى تجاهل الآراء الأخرى ومحاولة تغييبها . فالحوار لم يكن يوماً على مد التاريخ مواقف عداء أو استعداء وإنما يعني بأبسط معانيه الاختلاف . ولكن تبعات المرحلة السابقة أدت إلى ترسيخ هذا المفهوم ضمن فئات معينة نعاني منها في الوقت الحاضر ونجد صعوبة في التعامل معها.
ـ طبيعة المجتمع العراقي . لاشك أن ثقافة أي مجتمع بكافة عناصرها من معايير وأعراف لها دور كبير في سلوك أفراد المجتمع ، والمجتمع العراقي له خصوصية معينة فيما يتعلق بكافة عناصر الثقافة . ولكن هناك ظاهرة سلبية وعدم تداركها يقود إلى ما قاد إليه العامل الأول وهي طبيعة التعامل بين الأفراد التي يظهر فيها طابع الخجل والمخاجلة جلياً مما يؤدي إلى تدخل العوامل الشخصية في القضية المطروحة للنقاش وبالتالي من أجل المجاملة أو نفوذ شخصي لطرف ما أو سلطة معينة يتم تقبل وجهة نظر معينة دون تمحيصها أو التدقيق بها ضمن منهجية الحوار مما يقود إلى الخطأ حتماً ، ذلك أن هذا الرأي يكون واحداً ولايوجد رأي آخر يوضح الجوانب الأخرى غير المعلنة.
لقد شهد العالم متغيرات للأسف لم تواكبها متغيرات في المفاهيم والمفردات التي لابد من استخدامها في منهجية الحوار وإنما ظلت المفاهيم القديمة سائدة راسخة في عقولنا . صحيح أن التغيير اللامادي / المعنوي هو بطيء جداً حتى لايكاد المرء يشعر به ولكن الأحداث التي تحدث التغيير في المنهج والسلوك تحتاج إلى مفاهيم ومفردات تناسبها كي يسيرا في التغيير اللامادي إلى الأمام.