حين يصبح الفساد تجارةً والسياسةُ سوقًا..!
كتب / مازن الولائي
لا نحتاج إلى تعقيدٍ لفهم نمط تفكير أهل “الدكاكين من الساسة” أولئك الدنيويون الذين حوّلوا السياسة والوطن إلى سوقٍ للمصالح! ولا أعني بذلك كلَّ من يملك دكانًا بالحلال، بل أولئك الذين جعلوا همَّهم الأوحد هو إبقاء دكاكينهم مفتوحةً، يبيعون ويشترون بلا ضمير، حتى لو كانت البضاعةُ وهْمًا والأصواتُ سِلعة! وهذا – للأسف – هو حالُ الأغلب اليوم.
لأن أول مَن يهدد هذه الدكاكين هو مشروع “حاكمية الإسلام المحمدي الأصيل الحسيني”، إذا وجد من يبذلون الغالي والنفيس لتحقيقه، أو وجدت دولةٌ تقدم للمجاهدين ما يُزعزع نظرية “الكسب بأي ثمن”. هنا تقف الدكاكين – ذاتُ الدخل المشبوه – كتلةً واحدةً تحارب كلَّ مَن يحاول إعادة الأوضاع إلى نصابها. وهذه محنةُ العراق الكبرى!
من هنا انتشرت الحزبيةُ الضيقة، وتكرست التجمعاتُ المصلحية، وتعاون أهلُ الباطل ليمنعوا الحقَّ من أن يُجرَّب في بلادهم. فأصبحنا أمةً تقف بالضدِّ من كلِّ تغيير حقيقي، وأصبحوا أمةً كبرى تحارب أيَّ محاولةٍ لإصلاحٍ يُهدد مصالحهم. وبما أن انحصار التغيير عن طريق صندوق “الانتخابات”، فلابد من الخروج على شكل نفير لأنها معركة وجودنا أو عدم وجودنا، وليعلم جميع الشيعة أن كلما فشل هذا المسار، ازدهرت دكاكين الفساد وترسخت. وبنيت دكاكين جديدة تتخذ من عقول البسطاء قلاعًا تحارب بها كلَّ صوتٍ يُنادي بالإصلاح الحقيقي لا القشري الصوري. وهكذا يصبح السذجُ وقودًا لحروب الفاسدين، ويُستخدم جهلُهم لضرب أيِّ محاولةٍ لتغيير الواقع.
كل ذلك بسبب نجاح آلةُ التضليل الإعلامي حين قدَّمت الحكومة العراقية على أنها “حكومة شيعية” وربطت فسادَها بإيران! وصار هذا الروايةَ المسيطرةَ لدى كثيرٍ من العراقيين، حتى باتوا يعتقدون – كمسلَّمةٍ – أن الحكم لا يصلح إلا لغير الشيعة! وكأنهم يعيدون إنتاجَ مقولة البعث القديمة: “الشيعةُ لا يصلحون للحكم!”
وهكذا، وصل المواطن الشيعي إلى قناعةٍ خطيرةٍ ونسي أن صناديق الاقتراع لا تُحدد مصيرَ الوطن فحسب، بل تُحدد:
– قوَّتَه في إدارة الدولة.
– حمايةَ أبنائه من العنف والاضطهاد والفقر والتمييز وووو
– أمنَه واستقرارَه.
– كرامتَه وهويتَه.
– بل وحتى مقاومته الإسلامية والحشد.
نعم ليست الحكومة الشيعية وبعض مسؤوليها بالمستوى المطلوب والطموح صحيح لكن هذا أيضا بسبب الشركاء الخونة! وها إنتم تشاهدون كل دورة تزيح منهم أمة ونستبدل أخرى لهم الهمة في محاربة الفساد وعدد المدافعين عن الشيعة وقضاياهم كثيرون بفضل الله تعالى ومنعكس الصورة وعزف الشيعي عن التصويت، سيترك الساحةَ لأذرعٍ عميلةٍ تفتح البلادَ للنهب والصهيونية وأعداء العراق والمرحلة جدا خطرة جدا.
طبعا وكل ذلك من منجزات الإعلامُ الذي لعب دورًا خبيثًا في ترسيخ هذه الأفكار، ووجد الفاسدون في الإعلام ذريعةً لتمرير أجنداتهم. فشوهوا الوعي الشيعي، وقطعوا أوصال الشعب، وجعلوه أمةً مشتتةً لا تقرأ إلا من شاشات الفتنة وتلك القنوات الممولة من جيوب اللصوص! وكلما عزفنا عن الانتخابات، اشترينا – بجهلنا – سيفًا مسلولًا على رقابنا، وسلَّمنا زمامَ الأمور إلى من لا يريدون للشيعة إلا التنحي عن الحكم! وهذا حلم لا يجب أن يتحقق لهؤلاء القتلة والمجرمين عملاء أمريكا وإسرائيل والعرب المطبعين ونحن شلالات من الدماء وفواتير مكلفة دفعنا يتامى وأرامل وجرحى ومعاقين وبيئة يمزقها الفقر وسوء الخدمات والقائمة تطول جدا. مسؤولية الكتل الشيعية والزعامات الشيعية والأحزاب الشيعية أن تتحلى بوعي ويقظة وعدم حسن الظن بشركاء معروف تاريخهم ومن مشغليهم قبل فوات الأوان!
( وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡیَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِی جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ ) البقرة ١٢٠