نواب بغيبوبة دائمة وشعب بمحنة دائمة… برلمان بلا روح ولا ضمير
كتب / الياس خضر …
بات مجلس النواب العراقي، في نظر كثيرين، أشبه بمؤسسة معطوبة فقدت صلتها بالشارع العراقي وهمومه، بل تحوّلت إلى عبء ثقيل على كاهل الدولة والمواطن. فلا تشريع يُنجز، ولا رقابة تُمارَس، ولا إصلاح يُرجى منه. مجلس عاطل عن العمل، فاشل في الأداء، لا يقدّم سوى مزيد من الخذلان واستنزاف الموارد العامة، وسط مشهد سياسي تتقاذفه الأهواء والمصالح الضيقة.
الغيابات أكثر من الحضور، العطل أطول من الدوام، أما القوانين، فمكدّسة منذ دورات سابقة، تتراكم على رفوف اللجان البرلمانية التي أصبحت “مقدسة” لا تُمس، ولا يُحاسَب أعضاؤها، في ظل غياب كامل للشفافية والمساءلة.
وفي ذروة هذا الانهيار البرلماني، يعود إلى الواجهة رئيس البرلمان المؤقت، محمود المشهداني، العائد من أروقة الماضي السياسي بصفقة هزيلة وهفوة سياسية لا تخلو من التناقضات. الرجل الذي تولى رئاسة البرلمان قبل أكثر من عقد، والذي لم يأتِ هذه المرة عبر صناديق الاقتراع بل عبر أبواب خلفية واتفاقات مبهمة، خرج بتصريح يعكس حقيقة الوضع، حين قال بصراحة لاذعة: “نحن مقاولو تفليش، لا بناء ولا تشريع… ومجلسنا هو الأفشل والأفسد.”
كلام المشهداني لم يُدهش الشارع العراقي، بل أكّد ما هو معروف: أن البرلمان تحوّل إلى مشروع تخريبي لا يضيف شيئاً إلى حاضر العراق ومستقبله. فالنواب ينشغلون بصراعات الكتل، والصفقات السياسية، وتقاسم الغنائم، بينما يترك المواطن وحيداً في مواجهة الغلاء، وانعدام الخدمات، وتدهور الأوضاع الأمنية والاقتصادية.
كيف يمكن لبرلمان أن يدّعي تمثيل الشعب وهو لا يحضر، ولا يشرّع، ولا يراقب؟ كيف يُقبل أن تكون مؤسسة تشريعية بهذه الحالة من الخمول السياسي والتواطؤ الوظيفي؟ ومن يُحاسب رئيساً يعترف بعجز المؤسسة التي يقودها؟
الشعب العراقي،لم يكن يبالغ عندما قال إن الطبقة السياسية تمثل جزءاً كبيراً من الأزمة. واليوم، ومع شهادة “المشهداني نفسه”، أصبح واضحاً أن البرلمان بحاجة إلى ما هو أكثر من الإصلاح… إنه بحاجة إلى إعادة تأسيس ودماء وطنية جديدة .