“ممر داود “تق سيم مناطق النفوذ الجيو سياسي..!
كتب / قاسم الغراوي
“ممر داود” يرتبط فعلاً بجملة مشاريع تجزئة سوريا التي طُرحت منذ سنوات، بعضها برعاية أمريكية – إسرائيلية، وبعضها وُضع منذ بداية الحرب السورية في سياق تقسيم مناطق النفوذ الجيوسياسي والطائفي والعرقي.
فكرة “ممر داود” إذا أخذنا هذا الاسم كاصطلاح استخباراتي أو جيوسياسي، فهو يوحي بمخطط إسرائيلي يرمي إلى وصل مناطق النفوذ الإسرائيلي المستقبلية في الجنوب السوري، بمناطق النفوذ الكردية شمال شرق سوريا، مرورًا عبر مناطق البادية السورية والتنف، حيث الوجود الأمريكي.
هذا “الممر” يفصل جغرافياً سوريا الطبيعية إلى كانتونات منفصلة طائفياً وإثنياً، ويحرم دمشق من أي سيطرة برية وازنة على الشرق أو الجنوب الشرقي.
وتفاصيل الأقاليم هي :
اولا : الإقليم الدرزي جنوب غرب سوريا:
السويداء – درعا – القنيطرة وسيكون محكوماً بعلاقة مباشرة مع إسرائيل (عبر التنسيق مع دروز فلسطين المحتلة)وإسرائيل تراهن على خلق “حزام أمان” لها من هذه المنطقة.
ثانيا : الإقليم الكردي شمال شرق سوريا:
الحسكة – الرقة – دير الزور (جزئياً) نفوذ أمريكي – إسرائيلي غير مباشر عبر “قسد”. ويستكمل مشروع الانفصال الكردي الذي فشل في العراق.
ثالثا : الإقليم العلوي/الساحلي:
اللاذقية – طرطوس – ريف حمص الغربي محمي روسياً. وسيكون بمثابة “محمية” تحافظ على بقايا نفوذ الدولة المركزية السورية (أو ما تبقى من النظام).
رابعاً : الإقليم العربي (س):
قلب سوريا المفكك: دمشق، حمص، حماة وربما امتداد نحو تدمر.وهو ضعيف، هش، بدون عمق استراتيجي، بلا موارد.
والهدف الاستراتيجي من هذا المخطط هو :
تقسيم سوريا إلى كانتونات عاجزة عن الوحدة مجددًا. وكذلك فصل إيران عن سوريا ميدانيًا وجغرافيًا. وكذلك تأمين حدود إسرائيل الشمالية وإزاحة الخطر الإيراني وحزب الله بعيداً. وسعى هذا الهدف الى تحقيق تواصل لوجستي بين قاعدة التنف وبين الشرق السوري حيث نفوذ “قسد”. اضافة الى إنشاء جدار سياسي وأمني يفصل العراق (الحشد، إيران) عن لبنان (حزب الله).
هل العراق في خطر وفي صلب هذا المشروع؟
نعم إذا تحقق هذا “الممر”، ستكون الأنبار العراقية محاصرة بين نفوذ أمريكي-إسرائيلي شرق سوريا والأردن غرباً والسعودية جنوباً. وبذلك يصبح العراق هو الآخر مؤهلاً للتقسيم، عبر الضغط على غربه.
معوقات تنفيذ هذا المخطط:
الوجود الروسي في سوريا يمنع تقسيمها رسمياً حتى الآن. وكذلك إيران وحلفاؤها (حزب الله، الحشد، فصائل المقاومة) لن يسمحوا بإنشاء هذا الكيان الدرزي المتصل بإسرائيل. كما ان تركيا لن تقبل بإقليم كردي على حدودها. اضافة الى ان البيئة العشائرية العربية في دير الزور والرقة ترفض “قسد”. لان الجنوب السوري ليس بيئة مرحبة بدروز “إسرائيل” سياسياً.
أدوات الدفع باتجاه تحقيق هذا المشروع هو : استمرار الحصار على سوريا وعزلها اقتصادياً. وضرب خطوط التجارة البرية بين طهران ودمشق.ودعم النزعات الانفصالية تحت يافطة “الحكم الذاتي”.اضاغة الى خلق حروب أهلية مصغرة (عرب-أكراد، دروز-بدو، علويون-سنة).
هذا المشروع ليس جديدًا، بل هو تطوير للرؤية الأمريكية – الإسرائيلية القديمة حول تفتيت سوريا (راجع مشروع بايدن 2006-2007، وخريطة برنارد لويس). الجديد اليوم هو محاولة فرضه عبر:
1- الأمر الواقع العسكري.
2- الاقتصاد والحصار.
3- اللعب على الهويات الفرعية.
“ممر داود” هو محاولة إسرائيلية لجعل سوريا جغرافياً مثل “لبنان 1983”، أي محاصصات طائفية متناحرة وضعيفة بلا هوية وطنية جامعة، وكل شطر منها تحت وصاية قوة إقليمية أو دولية