هل : انتهى عهد الصحافة الورقية ؟
كتب / الدكتور خالد القرة غولي ..
– في خضم التحولات الرقمية المتسارعة ، وانغماس المجتمعات في فضاءات الإنترنت المفتوحة ، يبرز سؤال يفرض نفسه بإلحاح : هل انتهى عهد الصحافة الورقية ؟ وهل لا تزال لهذه الوسيلة التقليدية مكانة في مشهد إعلامي تهيمن عليه المنصات الرقمية والتقنيات الحديثة ؟
– التحول الرقمي .. واقع لا يمكن إنكاره ؟
أصبحت الصحافة الورقية ، التي شكّلت لعقود طويلة المصدر الأول للمعلومة والرأي ، تعاني اليوم من تراجع لافت في جمهورها وانتشارها , فقد غيّرت المنصات الإلكترونية آليات استهلاك الخبر ، حيث بات الوصول إلى المعلومة لحظيًّا ، لا يتطلب سوى نقرة واحدة على شاشة الهاتف الذكي أو الحاسوب ؟ وقد دفعت هذه التحولات كثيرًا من المؤسسات الصحفية إلى إعادة النظر في نماذجها الاقتصادية ، إذ أوقفت العديد منها إصداراتها الورقية بشكل كلي أو جزئي ، وركزت على تعزيز حضورها الرقمي كخيار استراتيجي لا مفر منه ؟
– أسباب التراجع :
يرتبط انحسار الصحافة الورقية بعدد من العوامل المتشابكة ، من أبرزها :
– السرعة والآنية : الإعلام الرقمي يوفر تغطية فورية للأحداث ، مقارنةً بالإصدار الورقي الذي قد يصدر بعد مرور وقت طويل على وقوع الحدث ؟
– انخفاض التكاليف : النشر الإلكتروني أقل تكلفة من الطباعة والتوزيع ، ما يجعله أكثر جاذبية للمؤسسات الإعلامية ؟
– التغير في سلوك القارئ : يميل الجيل الجديد إلى استهلاك المحتوى عبر الوسائط الرقمية ، ويُفضّل التفاعل الفوري مع المادة الصحفية ؟
– الوعي البيئي : يتجه العالم نحو تقليل استهلاك الورق ، ما يضع الصحف الورقية تحت ضغط أخلاقي وبيئي متزايد ؟
= الصحافة الورقية .. من الانقراض إلى التخصص ؟
– ورغم هذا التراجع : لا تزال الصحافة الورقية تحافظ على حضور محدود ، لكنه مؤثر في بعض الأوساط , فهناك من يرى في الجريدة الورقية رمزًا للمصداقية والرصانة ، ويجد في ملمس الورق ورائحة الحبر ما لا توفره الشاشات ؟ وقد تبنّت بعض المؤسسات الصحفية الرائدة نماذج (هجينة ) تجمع بين النشر الورقي المحدود ، والنشاط الرقمي المكثف ، لتلبية تطلعات جمهور متنوّع في اهتماماته وسلوكياته ؟
– خاتماً : هل آن أوان الوداع ؟
من غير الإنصاف القول إن الصحافة الورقية انتهت تمامًا ، لكنها بالتأكيد لم تعد في صدارة المشهد الإعلامي , فقد تنازلت عن عرشها لصالح المنصات الرقمية ، ووجدت نفسها مضطرة لإعادة تشكيل هويتها ودورها ؟ وقد لا يكون اختفاء الصحافة الورقية وشيكًا ، لكنه بات أمرًا مرجحًا في الأفق ما لم تُواكب هذه الصحف متطلبات العصر الجديد ، وتجد لنفسها دورًا في منظومة إعلامية لا تعرف الثبات .. والى الله ترجع الأمور