مشروع نزع السلاح تحت عباءة "السيادة"
كتب / الياس خضر
منذ مطلع عام 2025، تصاعدت وتيرة الحملة السياسية والاستخباراتية والإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية بالشراكة مع إسرائيل، وبدعم مباشر من السعودية وتركيا، بهدف نزع السلاح الشيعي في العراق ولبنان واليمن، إلى جانب محاولات متعددة لضرب القوة العسكرية الإيرانية، وتُطرح هذه السياسات تحت شعارات براقة من قبيل "حصر السلاح بيد الدولة" و"تعزيز السيادة"، لكنها في عمقها تمثل مشروعًا استراتيجيًا لإضعاف ما يُعرف بمحور المقاومة في المنطقة.
رغم الترويج الإعلامي لمفهوم "الدولة الحصرية في السلاح"، إلا أن الوقائع تشير إلى أن الحملة تتركز بشكل أساسي على القوى الشيعية ، دون أي مقاربة مماثلة للفصائل الكردية المسلحة في العراق وسوريا، أو الجماعات السنية المرتبطة بالمخابرات الخليجية في اليمن، أو الميليشيات المسيحية والسنية في لبنان.
فالمطلب الذي يُعلن عنه مبعوثو واشنطن إلى الشرق الأوسط لا يستهدف كل الجماعات المسلحة، بل يسعى إلى تفكيك القوى التي تمثل الردع الميداني للمشروع الأمريكي والإسرائيلي، وعلى رأسها قوات الحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله في اليمن.
النتائج المحتملة لهذا المخطط لا تتوقف عند حدود تفكيك الفصائل المقاومة، بل تمتد إلى خلخلة التوازن الداخلي في هذه الدول، وفتح الباب واسعًا أمام عودة النفوذ الغربي والإسرائيلي، وفرض تسويات سياسية على المقاس الأمريكي – الصهيوني.
وتعتمد هذه الحملة على أدوات إعلامية ومخابراتية محلية داخل الدول المستهدفة، تُروّج لفكرة أن "السلاح خارج الدولة" خطر على الاستقرار، دون أن تشير إلى استثناءات واضحة لفصائل غير شيعية، وتستند هذه الأدوات إلى خطاب مزدوج، يدعو إلى "السلم الأهلي" في الظاهر، بينما يخدم مشروعًا خارجيًا يُفضي إلى تجريد طرف واحد فقط من القوة.
وإن ما يُطرح على أنه مشروع إصلاحي لتقوية الدولة، ما هو في جوهره إلا مشروع تجريد المقاومة من أدواتها الميدانية، وفرض توازنات جديدة تُنهي أي قدرة فعلية على مواجهة العدوان الخارجي أو الهيمنة الداخلية.