أمريكا خدعت قطر فهل يأتي الرد العربي بإغلاق القواعد الأمريكية والإتجاه نحو الشرق؟
كتب / د. بسام روبين
ad
لقد بات واضحا لكل من يقرأ المشهد بعيون صافية أن الولايات المتحدة ليست حليفا صادقا، بل قوة إستعمارية جديدة تبدل وجوهها وأساليبها، لكنها تبقى وفية لهدف واحد وهو حماية إسرائيل ونهب خيرات العرب ، وما حدث مع قطر مؤخرا يؤكد أن كل من يراهن على واشنطن يضع نفسه في خانة الخاسرين ،
فقد إعتقدت الدوحة أن وجود أكبر قاعدة أمريكية على أرضها سيضمن لها الحماية والأمان، لكنها اكتشفت أن هذه القاعدة ليست سوى وسيلة لإبتزازها، وأنها عاجزة عن حمايتها في ساعة الخطر ، وهذه ليست حالة فردية، بل نهج أمريكي راسخ تجلى في عشرات التجارب فواشنطن قد تخلت عن الشاه في إيران، وخانت الأكراد في شمال العراق وسوريا، وإنسحبت من أفغانستان تاركة حلفاءها يفرون كالفئران، وضربت العراق بذرائع كاذبة لتدميره وتسليمه للفوضى ،
فهي لا تعرف الصداقة، بل تعرف فقط لغة المصالح ، ومصالحها في منطقتنا لا تتعدى أمرين ، أمن إسرائيل ، وضمان تدفق النفط والغاز ، أما الشعوب العربية، فمكانها عندهم على هامش الحسابات، تستخدم كأوراق ضغط أو أدوات للتنفيذ.
ad
من هنا أقول ، لقد آن الأوان أن يدرك القادة العرب أن بقاء القواعد الأمريكية على أرضنا لم يجلب لنا إلا الضعف والإنقسام، وأن وجودها هو بمثابة إحتلال ناعم يفرض الوصاية على سياساتنا وقراراتنا ،
لكن المسؤولية لا تقع على الحكام وحدهم ، بل على الشعوب أيضا ، وعلى الشعوب العربية أن تضغط بكل الوسائل السلمية المتاحة لإغلاق هذه القواعد، وأن تجعل مطلب التحرر من الوصاية الأمريكية مطلبا شعبيا جامعا، لأن بقاء هذه القواعد هو تهديد لمستقبل الأجيال القادمة، وخيانة لتضحيات الأمة.
وفي المقابل، فإن الإتجاه شرقا نحو الصين وروسيا والهند والدول الصاعدة هو الخيار الإستراتيجي الواعي ، فهذه القوى تبحث عن شراكات متوازنة ومصالح مشتركة، وليست بحاجة لإبتزاز العرب أو إذلالهم ، بل إن مشاريع مثل “الحزام والطريق” قد تفتح لنا أبواب التنمية والإستقلال الإقتصادي بعيدا عن الهيمنة الأمريكية.
ad
وأقول لأبناء الأمة، لا تنخدعوا بالشعارات الأمريكية، ولا تصدقوا وعود البيت الأبيض ، فأمن العرب لا يصنعه الوجود العسكري الأجنبي، بل تصنعه وحدة الصف، وإستقلال القرار، والتحالفات المتوازنة شرقا.
فقد خدعت أمريكا قطر، وخدعت قبلها عشرات الحلفاء، وإن لم نتحرك اليوم، فستستمر في خداع كل من يثق بها ، والوقت قد حان لنقول ، إرحلوا عن أوطاننا، فقد إكتفينا من الخداع.