البرلمان العراقي.. جلسات معطّلة وقوانين مؤجلة..!
كتب / قاسم الغراوي
لا يخفى على المتابع للشأن العراقي أن المؤسسة التشريعية تعاني حالة من الترهل والتعطيل المستمر، الأمر الذي انعكس بصورة مباشرة على مسار التشريعات المصيرية التي ينتظرها الشارع.
تشير التقارير إلى أن مجلس النواب لم يتمكن من عقد سوى نصف عدد الجلسات التي يفرضها نظامه الداخلي، ما يعني أن نصف المسار التشريعي ظلّ معطلاً بحكم الغياب المتكرر للنواب، أو رفع الجلسات بسبب فقدان النصاب. هذا الخلل لا يعدّ مجرد إرباك إجرائي، بل يمثل إهداراً للزمن الدستوري وتعطيلاً لآليات الرقابة والتشريع التي وُجد البرلمان أصلاً من أجلها.
الأخطر من تعطيل الجلسات هو بقاء عدد من القوانين الحيوية مجمّدة على رفوف اللجان دون أن تصل إلى قاعة التصويت. فـ قانون الانتخابات – الذي يمثل حجر الزاوية في أي عملية ديمقراطية – لا يزال مؤجلاً، وسط خلافات سياسية تعرقل تمريره. وإلى جانبه نجد مشاريع إصلاح القطاع العام، وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة، فضلاً عن بعض القوانين الفيدرالية والقضائية، كلها تعيش حالة من الترقب بانتظار توافق لم ينضج بعد.
هذه التأخيرات لا تقف عند حد تعطيل التنمية والإصلاح، بل تهدد بشكل مباشر موعد الانتخابات القادمة، إذ إن غياب الإطار القانوني الواضح يعني إدخال البلاد في دوامة دستورية قد تعمّق أزمة الثقة بين المواطن والعملية السياسية.
في المحصلة، فإن البرلمان وهو السلطة التشريعية الأولى، لم يعد في نظر الشارع العراقي قادراً على أداء دوره كاملاً. فالتلكؤ في عقد الجلسات وتمرير القوانين لم يعد شأناً فنياً أو إدارياً، بل أصبح أزمة سياسية تمسّ جوهر النظام الديمقراطي، وتطرح سؤالاً كبيراً حول جدوى استمرار هذا النسق من العمل البرلماني ما لم تُتخذ إصلاحات جذرية تُعيد الثقة بالمؤسسة التشريعية.