صراع السفراء حديثي النعمة في وزارة الخارجية
كتب / محمد فتاح …
تشهد وزارة الخارجية في الفترة الأخيرة واحدة من أعقد الأزمات الداخلية، إذ اندلعت حرب صامتة – لكنها طاحنة – بين السفراء الجدد فيما بينهم *( ٤٤ سفير ممن تعينوا من السلك الدبلوماسي الحزبي مقابل ٤٩ سفير من خارج السلك الدبلوماسي وايضاً حزبي)* حول تقاسم البعثات الدبلوماسية والدوائر الحساسة. الأزمة لم تبقَ في إطار التنافس الإداري، بل تحولت إلى صراع سياسي يعكس موازين القوى بين الأحزاب والتيارات المختلفة.
*هيمنة السفراء الجدد*
بحسب ما يتم تداوله، فقد حظي السفراء المعيّنون من خارج السلك الدبلوماسي بحصة الأسد من المناصب المرموقة. فقد تمكّنوا من الاستحواذ على البعثات في الدول الخليجية والأوروبية، إضافة إلى السيطرة على بعض الوكالات الإدارية المهمة والمنظماتية الحساسة. هذا التوزيع لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة توافقات حزبية ومحاصصات سياسية، بعيداً عن اعتبارات الكفاءة والخبرة.
*تراجع نفوذ القدامى*
في المقابل، تراجع حضور عدد من الوكلاء القدامى، ومن بينهم شخصيات خدمت لسنوات طويلة في الوزارة. أحد هؤلاء – وهو وكيل شيعي قديم – وجد نفسه مهمشاً بعدما استنفدت الأحزاب دورَه الاستخباري والسياسي، لتلقي به في “سلّة المهملات”، وفق تعبير بعض المراقبين. هذا التراجع يعكس واقعاً مأساوياً يعيشه عدد من الكفاءات التي كرّست حياتها للعمل الدبلوماسي، لكنها وجدت نفسها خارج اللعبة بسبب تبدّل موازين النفوذ.
*قراءة في المشهد السياسي*
الأزمة الحالية في وزارة الخارجية ليست معزولة عن السياق العام. فهي تعبير واضح عن حالة الانقسام العميق بين القوى السياسية، التي باتت تتعامل مع المناصب الدبلوماسية على أنها غنائم يتم توزيعها وفق الولاءات والانتماءات. هذه الممارسة أفرغت الوزارة من استقلاليتها، وأثارت موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية والشعبية.
*الخاتمة*
إن ما يجري في وزارة الخارجية اليوم هو انعكاس مباشر لأزمة النظام السياسي القائم على المحاصصة. فحين تُغيب الكفاءة وتُستبدل بالولاء الحزبي، يصبح مصير المؤسسات مصيراً هشاً، وتتحول إلى ساحة لتقاسم النفوذ بدلاً من أن تكون جسراً للتواصل مع العالم. وما حدث مع بعض الوكلاء القدامى ليس سوى مثال صارخ على المصير الذي يواجه كل من يفتح بيته للغرباء دون أن يكون محصناً بمظلة سياسية.