edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. الرهان الخاسر: لماذا لا يمكن لوعود واشنطن أن تصنع سلامًا حقيقيًا؟
الرهان الخاسر: لماذا لا يمكن لوعود واشنطن أن تصنع سلامًا حقيقيًا؟
مقالات

الرهان الخاسر: لماذا لا يمكن لوعود واشنطن أن تصنع سلامًا حقيقيًا؟

  • إعداد: كتب / البروفيسور حكيم غريب
  • 26 أيلول 12:47

منذ عقود، دأبت الولايات المتحدة على تقديم نفسها باعتبارها “الوسيط النزيه” في النزاع الفلسطيني–الإسرائيلي، لكن الوقائع المتراكمة تكشف أن واشنطن ظلت – في معظم الأحيان – أقرب إلى الانحياز للمصالح الإسرائيلية منها إلى تبني مقاربة متوازنة تضع الأسس لسلام عادل ودائم. القمة الأخيرة التي عقدها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في نيويورك مع عدد من الزعماء العرب والمسلمين جاءت لتعيد إنتاج ذات المعادلة: وعود كبرى، بيانات منمّقة، وخطاب مفعم بمفردات “السلام” و”الاستقرار”، في مقابل استمرار نزيف الدم الفلسطيني على أرض غزة، وتصاعد التهديدات الإسرائيلية بضم الضفة الغربية.

إن هذه المفارقة بين الخطاب السياسي الأميركي والواقع الميداني تُبرز حدود الرهان العربي على الدور الأميركي، وتؤكد أن “سلام واشنطن” لا يعدو أن يكون مشروعًا مؤجلًا، سرعان ما يتبخر أمام حسابات القوة والضغط السياسي. ومع استمرار الكارثة الإنسانية في غزة وسقوط آلاف الشهداء، يتضح أن التعويل على وعود واشنطن ليس سوى رهان خاسر، وأن الطريق نحو سلام حقيقي يتطلب إعادة صياغة الاستراتيجيات العربية والإسلامية بعيدًا عن وصاية البيت الأبيض.
  واشنطن وسياسة الوعود المؤجَّلة
منذ اتفاقيات كامب ديفيد (1978) وأوسلو (1993) مرورًا بخارطة الطريق (2003) ومبادرات السلام اللاحقة، دأبت الإدارات الأميركية المتعاقبة على إطلاق مبادرات تحمل وعودًا بسلام شامل، لكنها بقيت في الغالب حبراً على ورق. ما يُميّز هذه الوعود ليس فقط تكرارها، بل أيضًا طابعها المؤجَّل الذي يُبقي الفلسطينيين أسرى انتظار دائم لسلام لا يأتي. وفي كل مرة، يتضح أن واشنطن تستخدم ملف التسوية كورقة ضغط دبلوماسية مرتبطة باستحقاقات انتخابية أو بحسابات جيوسياسية تخصّها، لا باعتباره التزامًا استراتيجيًا نحو حل عادل .في القمة الأخيرة بنيويورك، أعاد ترامب إنتاج هذا النهج حين تعهّد للقادة العرب والمسلمين بمنع نتنياهو من ضم الضفة الغربية، في الوقت الذي كانت فيه غزة تتعرض لمجزرة جديدة أودت بحياة العشرات من الأطفال والنساء. هذا التناقض الصارخ يكشف جوهر السياسة الأميركية: وعود شفهية لتهدئة الرأي العام العربي والإسلامي، يقابلها دعم عسكري وسياسي غير محدود لإسرائيل. وبذلك يتحول “السلام” إلى مجرد خطاب استهلاكي يُسوّق في المحافل الدولية، بينما الواقع الميداني ينزف دمًا ودمارًا .
تراهن واشنطن على استثمار عامل الزمن لصالح إسرائيل، إذ تُغرق المنطقة في مسار تفاوضي طويل بلا نهاية، بينما يستمر الاستيطان ويتوسع الاحتلال ويُفرض الأمر الواقع. هذه السياسة تجعل من كل وعد أميركي “قفصًا مؤقتًا” لإدارة الأزمة لا لحلها، بحيث يُمنح العرب بعض الأمل الزائف مقابل استمرار الهيمنة الإسرائيلية. وهنا يتضح أن الرهان على واشنطن ليس فقط رهانا خاسرًا، بل هو أيضًا تكريس لحالة الانتظار العقيم التي تُضعف أي قدرة عربية على صياغة بديل مستقل .
  ازدواجية الخطاب الأميركي بين الإنسانية والمصالح.
تتبنى الولايات المتحدة في خطابها الرسمي مفردات إنسانية لامعة، تركز على حقوق الإنسان، حماية المدنيين، وضرورة وقف “المآسي الإنسانية” في مناطق النزاع. غير أن الواقع يكشف عن تناقض جوهري بين هذا الخطاب وما يجري على الأرض. ففي الوقت الذي كان الرئيس الأميركي يتحدث أمام القادة العرب والمسلمين عن “وقف الحرب في غزة” و”فتح أفق لسلام عادل”، كانت طائرات الاحتلال الإسرائيلي – المدعومة بالسلاح والغطاء السياسي الأميركي – تواصل قصفها لمراكز إيواء النازحين والمستشفيات والمدارس. هذا التناقض يضع واشنطن في خانة شريك فعلي في استمرار المأساة، لا وسيط حيادي يسعى لإنهائها .
الازدواجية الأميركية تتجلى بوضوح في معيارين مختلفين: معيار إنساني يُستدعى عند الحاجة لتجميل الصورة أمام الرأي العام العالمي، ومعيار براغماتي يُطبق حين تتعلق الأمور بالمصالح الإستراتيجية والأمن القومي الأميركي المتشابك مع إسرائيل. وبهذا، يصبح الخطاب الأميركي مجرد “غطاء أخلاقي” يُستعمل لتسويق السياسات، بينما الفعل السياسي والدبلوماسي يتجه دوماً نحو دعم التفوق الإسرائيلي وحماية مشروعه الاستيطاني .
إن هذا الانفصام بين القول والفعل ليس جديدًا، بل يمثل سمة ملازمة للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لكن خطورته في اللحظة الراهنة تكمن في أنه يُشرعن استمرار الحرب على غزة ويُطيل عمر الأزمة، تحت لافتة إنسانية مضللة. وبذلك، تتحول واشنطن من مدّعٍ للوساطة إلى طرف متواطئ، يملك أدوات الضغط على إسرائيل لكنه يختار أن يوظفها في اتجاه تكريس ميزان القوة، لا لتحقيق العدالة .
غياب الإرادة العربية وتكريس التبعية لواشنطن.

إن أحد أبرز مظاهر الأزمة الراهنة يتمثل في الارتهان العربي المزمن للدور الأميركي، بحيث باتت القمم واللقاءات مع الرؤساء الأميركيين أشبه بطقوس سياسية متكررة تُنتَج فيها البيانات ذاتها، وتُعاد فيها التأكيدات على “السلام العادل” و”الحقوق المشروعة”، دون أن يرافقها أي فعل عملي على الأرض. إن حضور ثمانية زعماء ومسؤولين عرب ومسلمين في قمة نيويورك بدعوة من ترامب يكشف عن حقيقة هذا الارتهان: انتظار “الوعود الأميركية” بدل صياغة موقف مستقل قادر على فرض معادلات جديدة .
هذا الغياب للإرادة العربية الفاعلة جعل من الساحة الفلسطينية ساحة مفتوحة لتجريب السياسات الدولية، حيث تتسابق القوى الكبرى لتوظيف المأساة كأداة مساومة في ملفات إقليمية أوسع. وفي الوقت نفسه، يُدرك الاحتلال أن الموقف العربي الرسمي لن يتجاوز حدود البيانات، ما يمنحه مساحة أكبر لفرض الأمر الواقع عبر استمرار الاستيطان والتوسع الجغرافي، بل وتهديد بضم الضفة الغربية دون خشية ردع جدي .
لقد تحولت التبعية العربية لواشنطن إلى عائق بنيوي أمام أي مقاربة بديلة، حيث تضعف القدرة على بناء تحالفات إقليمية مستقلة، أو حتى تفعيل أدوات الضغط الاقتصادي والدبلوماسي على الاحتلال. وبهذا، يصبح “السلام الأميركي” ليس فقط رهانًا خاسرًا، بل أيضًا أداة لتكريس العجز العربي وإدامة غياب الفعل الجماعي. إن المستقبل لن يختلف ما لم يقرر العرب – ككتلة إقليمية – التحرر من قيود التبعية، وصياغة خطاب واستراتيجية تفاوضية تنطلق من موازين قوة جديدة، لا من انتظار وعود البيت الأبيض
   استشراف المستقبل بين استمرار الكارثة وخيارات البديل العربي–الإسلامي.
تدلّ مؤشرات الواقع الراهن على أن مسار الأحداث يسير في اتجاهين متوازيين: الأول استمرار الكارثة الإنسانية في غزة، حيث تزداد أعداد الشهداء والجرحى يومًا بعد يوم في ظل عجز المنظومة الدولية عن وقف العدوان؛ والثاني هو إعادة تدوير الخطاب السياسي الأميركي الذي يَعِد بسلام قريب بينما يوفّر الغطاء الدبلوماسي والعسكري لإسرائيل. وإذا استمرت هذه المعادلة، فإن مستقبل الصراع لن يعرف سوى المزيد من الدماء والتدمير، في ظل فقدان الثقة الكاملة بأي دور أميركي في صناعة سلام حقيقي
إن استشراف المستقبل يوضح أن الرهان على واشنطن وحدها هو مسار مسدود، وأن البديل يكمن في امتلاك العرب والمسلمين لزمام المبادرة عبر تحالفات وسياسات مستقلة تُخرج القضية من دائرة الوعود الأميركية إلى أفق الفعل الاستراتيجي. فالسلام الحقيقي لا يُصنع بالانتظار، بل بفرض معادلات جديدة على الأرض تعكس توازن قوة مختلف، وتعيد الاعتبار لحقوق الشعب الفلسطيني .
لقد تحوّل شعار “السلام” إلى أداة للتسويف والمماطلة، بينما يُستباح دم الفلسطينيين بلا رادع. في المقابل، يبقى الموقف العربي الرسمي أسيرًا لثقافة الانتظار، وكأنّ القدر مرهون بما يقرره البيت الأبيض. والحقيقة أن التاريخ قدّم الدروس الكافية: صدام حسين، القذافي، وغيرهما من القادة الذين ظنّوا أنّ تحالفاتهم أو مساوماتهم مع أميركا قد تمنحهم حماية، انتهوا إلى مصائر مأساوية. فأميركا لا تحمي إلا مصالحها، ولا تكترث لا لسلامٍ حقيقي ولا لحقوق المستضعفين، بل ترى في أمن الكيان الصهيوني جوهر استراتيجيتها في المنطقة .
في غزة اليوم، تُذبح النساء والأطفال، وتُهدم البيوت فوق ساكنيها، فيما تُكمّم الأفواه ويُغيب الفعل الحقيقي. يظل النداء “وامعتصماه” حاضرًا في الذاكرة، لكنه يفتقد إلى من يترجمه فعلًا على أرض الواقع. فالزمن لم يخن بعد، لكنّ الخيانة كامنة في العجز، في صمتٍ يُشبه التواطؤ، وفي انتظار حلول لن تأتي من الخارج .
إن السؤال الجوهري لم يعد: ماذا ستفعل واشنطن؟ بل: متى يقرر العرب والمسلمون أن يصوغوا مصيرهم بأيديهم، بعيدًا عن وهم الوعود الأميركية وأوهام “سلام” يدفن في الأدراج قبل أن يولد؟
ها نحن أمام مشهدٍ تتجلى فيه كل ملامح العبث: غزة تُحاصر بالنار والحديد، ودماء الأطفال والنساء تُسكب في وضح النهار، بينما تُعقد القمم في نيويورك ويُعاد ترديد أسطوانة “السلام العادل والدائم” بوعود أميركية متهالكة. الحقيقة أن هذا “السلام” ليس سوى سرابٍ جديد يُضاف إلى أرشيف الوعود المؤجلة التي ملأت الأدراج ولم تغيّر شيئًا في واقع الاحتلال والدمار .
لقد آن الأوان لكسر دائرة الوهم؛ فأميركا لن تمنح العرب سلامًا ولا فلسطين حرية، بل تحرس مصالحها وتحمي الكيان الصهيوني باعتباره ركيزة مشروعها في المنطقة. والتاريخ القريب شاهد: من صدّام إلى القذافي، لم ينجُ أحد من مصيرٍ قاتم حين راهن على البيت الأبيض. فكيف يُعقل بعد كل هذه الدروس أن يظلّ العرب أسرى الوعود الكاذبة؟
غزة اليوم تصرخ بدمها: كفى انتظارًا! كفى انحناءً أمام أكاذيب “أبو سلامية” و”ترامب السلام”. الزمن لم يخن، لكن الخيانة تجسدت في عجز الحكام وصمتهم، في أمةٍ كممت أفواهها وتنازلت عن فعلها.

وما لم يتحرر القرار العربي والإسلامي من قيود التبعية، فإن الغد لن يكون سوى نسخة أشد قتامة من اليوم.
إنها لحظة الحقيقة  إمّا أن يخرج العرب من دائرة الرهان الخاسر على واشنطن ويكتبوا مصيرهم بأيديهم، أو يظلوا شهود زور على مجازر غزة وأشلاء الأطفال، بينما يسطر التاريخ وصمة العار في جبينهم. فسلام الأوهام انتهى، وما يبقى هو خيار واحد: إرادة الشعوب وكسر الوصاية الأميركية إلى الأبد.

الأكثر متابعة

الكل
القوات الأمريكية تعيد نشر أكثر من 1500 جندي في قاعدة عين الأسد

القوات الأمريكية تعيد نشر أكثر من 1500 جندي في...

  • أمني
  • 14 كانون الأول
الحشد الشعبي يبطل مفعول جسم مفخخ غربي الرمادي

الحشد الشعبي يبطل مفعول جسم مفخخ غربي الرمادي

  • أمني
  • 13 كانون الأول
الاطاحة بقيادي بارز في داعش شمال بغداد

الاطاحة بقيادي بارز في داعش شمال بغداد

  • أمني
  • 14 كانون الأول
تحذيرات نيابية من نشاط الخلايا الإرهابية النائمة في العراق

تحذيرات نيابية من نشاط الخلايا الإرهابية النائمة في...

  • أمني
  • 13 كانون الأول
فؤاد البطانية
مقالات

الشعب العربي يشرب من كأس العلقم.. ولا بد من الترياق

عبد الحسين هنين
مقالات

جدلية اسعار النفط و الموازنةً

طه حسن
مقالات

حين لا تكفي النوايا : القوة كشرط لحماية الحق وبناء الدولة .؟

بين عجز الموازنة وهبوط أسعار النفط العالمي ( أقل من ٦٠ دولار )..!
مقالات

بين عجز الموازنة وهبوط أسعار النفط العالمي ( أقل من ٦٠ دولار...

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا