بعثيون في الواجهة من جديد.. أي خديعة هذه؟
كتب / عماد الناصري
في مشهد سياسيّ لا يخلو من المفارقات المؤلمة، نجد أن الأحزاب التي طالما رفعت شعارات المقاومة والتضحية، وزجّت بأبنائها في أتون الصراع ضد نظام البعث الصدامي، باتت اليوم تتقاسم السلطة والامتيازات مع من كانوا بالأمس أعداءً للوطن ومشروعه الديمقراطي.
الأدهى من ذلك، أن من يتصدرون المشهد اليوم هم أبناء القيادات، أولئك الذين لم يعرفوا شيئًا عن المعتقلات، ولم يتذوقوا مرارة البطش، ولم يشهدوا ليل السجون ولا حرقة فقدان رفاق النضال. جاؤوا على الحاضر بلا شقاء، فتسلّقوا المناصب سريعًا، وأصبحوا يتعاملون مع المناضلين الحقيقيين وكأنهم عبءٌ ثقيل على مشروعهم السلطوي.
ولأنهم يدركون، في قرارة أنفسهم، أن حضورهم لا يستند إلى شرعية نضالية حقيقية، فإنهم يشعرون بالدونية أمام من قدّموا أرواحهم وسنوات عمرهم في سبيل الخلاص من الاستبداد. لذا، ولكي يُبعدوا عنهم شبح المقارنة، راحوا يستقطبون البعثيين القدماء وأبناءهم، ويعيدونهم إلى مواقع القرار: سفراء، نوابًا، مستشارين… وكأن شيئًا لم يكن.
وما كان للبعثيين، وهم أهل الانتهازية السياسية، أن يترددوا لحظة في الانصياع لخطط هؤلاء “الطارئين” على التاريخ، فراحوا ينفذون ما يُملى عليهم سمعًا وطاعة، لا عن قناعة بل عن طمعٍ في النفوذ والعودة إلى اللعبة من بوابةٍ خلفية.
يا أبناء الشهداء والمناضلين والمضحين… لقد خُدعتم مرة بشعارات الآباء الكاذبين، فلا تنخدعوا مرة أخرى بأكاذيب الأبناء الذين توهموا أنهم قادة لمجرد أنهم وُلدوا في بيت قيادة. لا تسكتوا عن طمس تضحياتكم، ولا تسمحوا بسرقة تاريخكم. هذا الوطن ليس ميراثًا لعائلة، ولا غنيمة لحزب، ولا “كعكة” تتقاسمها جهات المصالح.
التاريخ لا يرحم، والذاكرة لا تموت.