edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. دبلوماسية التملق في شرم الشيخ
دبلوماسية التملق في شرم الشيخ
مقالات

دبلوماسية التملق في شرم الشيخ

  • 14 تشرين الأول 14:50

كتب / أحمد بشير العيلة
تحول تجمع زعماء العالم لإعلان وقف الحرب على غزة المناضلة إلى مسرح كبير للتملق والتبجيل المفرط للرئيس الأمريكي ترامب دون اعتبار لتوازن الكرامة الدولية، وربي إنها صورة مزرية لما يمكن تسميته بـ “دبلوماسية الخنوع” أو “سياسة التبعية الذليلة”. إنه تجسيد حي لأزمة الضمير السياسي في عالمنا المعاصر، حيث تذوب المبادئ وتتبخر الكبرياء الوطنية أمام مذبح المصالح الضيقة والرهبة من القوة.
إن ما رأيناه على الهواء مباشرة ليس تملقاً عادياً قد تشهده المجاملات الدبلوماسية، بل هو استعراض مأساوي للضعف المذل، حيث يقف قادة دول كبرى وصغرى في طابور الإطراء، يتسابقون في ابتكار عبارات الإعجاب، وكأنهم في سباق محموم لنيل نظرة رضا أو إيماءة بترحين هش من زعيم مصاب بالغرور. إنه مشهد يشي بأزمة عميقة في النظام الدولي، حيث لم تعد الدبلوماسية فن الحوار بين أنداد، بل تحولت إلى طقوس إذعان واعتراف بالتبعية.
هذه الظاهرة ليست جديدة في التاريخ السياسي، ولكنها تتجلى اليوم بأبشع صورها في عصر العولمة والعلاقات العامة المصورة. يمكننا تسميتها “الانبطاح السياسي” أو “دبلوماسية الخضوع”، حيث يضحي القادة بكرامة دولهم على مذبح المصالح الاقتصادية أو العسكرية المؤقتة. إنه انعكاس لاختلال موازين القوى بشكل فاضح، حيث تتحول الدبلوماسية من حوار بين سيادات متساوية إلى علاقة تبعية.

ad
والأكثر إشمئزازاً في هذا المشهد هو أنه يحدث علناً، أمام شعوب العالم، وكأنه إعلان عن موت الكبرياء الوطني والعالمي. فبدلاً من أن تمثل القيادات صوت شعوبها وكرامة أوطانها، نراها تتحول إلى ممثلين في مسرحيه مهينة، يتبارون في إظهار الإعجاب والولاء، وكأنهم في بلاط إمبراطوري قديم.
هذا الضعف المذل هو خيار سياسي لقادة   تميل بخنوع نحو المصالح قصيرة المدى على المبادئ طويلة الأمد. إنه يذكرنا بأن القوة الحقيقية لا تكمن في التملق للأقوياء، بل في احترام الذات والثقة بالشعب والمصير. التاريخ سيتذكر هذه اللحظات المهينة ليس كدليل على البراغماتية السياسية، بل كشاهد على أزمة القيادة وضعف الإرادة.
إن مشاهد التملق هذه تترك جرحاً عميقاً في ضمير الإنسانية، وتؤكد حاجة العالم الملحة إلى نظام دولي جديد، يقوم على الاحترام المتبادل والمساواة في السيادة، لا على الخنوع والتبعية. فكرامة الأمم لا تقدر بكل مصالح الأرض، وعندما تذوب هذه الكرامة في بوتقة المصلحة الضيقة، تفقد الشعوب ثقتها بقياداتها، ويفقد العالم توازنه الأخلاقي.
ad
إن ما حدث في شرم الشيخ يتجاوز مجرد مشهد مذل من مشاهد التملق، ليصبح جريمة أخلاقية وسياسية بإمتياز. ففي الوقت الذي كانت غزة تتعرض لأبشع أشكال الإبادة الجماعية، وكان العالم ينتظر تحركاً جاداً لوقف نزيف الدماء الفلسطينية، تحول هذا التجمع إلى كرنفال بئيس للإطراء والمديح، وكأن دماء الأطفال في غزة لم تكن سوى خلفية غير مرئية لمأدبة الملق هذه.
لقد تجاوزوا ليس فقط موضوعهم الأساسي، بل تجاوزوا إنسانيتهم ذاتها. فالصمت المطبق على جرائم الحرب، والتغاضي المتعمد عن الإبادة الجماعية، والترفع حتى عن مجرد ذكر معاناة الفلسطينيين، فكان همهم مقابلة ترامب – كل هذا يشكل تواطؤاً تاريخياً سيُسجل بأحرف من نار في سجل الإنسانية.
الأكثر إدانة هو أن هذا الصمت لم يكن صمتاً عادياً، بل كان صمتاً “مشغولاً” بنشاط مَرَضي في تمجيد القوة والسلطة. فبدلاً من مناقشة كيفية إنقاذ أرواح المدنيين، انشغل الزعماء في مسابقة مبتذلة على نيل رضا الرئيس الأمريكي، الذي تمثل دولته أكبر داعم للآلة العسكرية التي تطحن الشعب الفلسطيني.
إنها خيانة للقضية الفلسطينية، بل هي خيانة للضمير الإنساني بأكمله. فالقادة الذين يقفون صامتين طوال فترة الإبادة الجماعية، بل ويشغلون أنفسهم بالتملق للقوة الداعمة لها، يفقدون شرعية تمثيلهم لشعوبهم، ويخونون الأمانة الأخلاقية التي منحتهم إياها مناصبهم.
إن الصمت على الظلم هو مشاركة فيه، ولكن التملق للظالم أثناء ارتكابه للجرائم هو تواطؤ مزدوج. إنه يشير إلى أزمة عميقة في النظام الأخلاقي العالمي، حيث أصبحت المصالح والعلاقات الاستراتيجية تغطي على أبسط مبادئ العدالة والإنسانية.
المأساة الحقيقية أن التاريخ سيسجل أن هؤلاء القادة، في لحظة مصيرية كانت تتطلب الشجاعة والموقف الأخلاقي، اختاروا الطريق الأسهل: طريق التملق والصمت. سيسجل أنهم فضلوا نظرة رضا من ترامب على إنقاذ حياة طفل في غزة. إنه وربي انهيار أخلاقي للقيادة العالمية.
يؤسفني القول؛ إن هذا المشهد لزعماء العالم في شرم الشيخ سيبقى عاراً على جبين كل من شارك فيه أو صمت عنه. أما ضحايا غزة، فسيظلون شهداء على زمن الخيانة والانهيار الأخلاقي، وشهداء على صمت زعماء العالم وهم يُبادون.

الأكثر متابعة

الكل
سلم الرواتب ( الجديد ) : بين الحقيقة والأمنيات

سلم الرواتب ( الجديد ) : بين الحقيقة والأمنيات

  • 16 نيسان 2023
في ذكرى مجزرة سبايكر: 11 سنة من الدم والصمت

في ذكرى مجزرة سبايكر: 11 سنة من الدم والصمت

  • 12 حزيران
ماذا لو اتحدت الدول العربية؟!

ماذا لو اتحدت الدول العربية؟!

  • 15 تشرين الأول 2023
علي المؤمن

هكذا تحول الشيعة العرب الى سنّة على يد قادة أتراك...

  • 18 آذار 2024
نواف سلام يرش على التطبيع سكرا
مقالات

نواف سلام يرش على التطبيع سكرا

قرار تجميد الأموال وشرعنة خيانة المقاومة..!
مقالات

قرار تجميد الأموال وشرعنة خيانة المقاومة..!

هل تنفذ الكتل السياسية أهم برامجها الانتخابية في عملية تشكيل الحكومة ؟
مقالات

هل تنفذ الكتل السياسية أهم برامجها الانتخابية في عملية تشكيل...

اكبر ذراع دبلوماسي وأستخباري لواشنطن  في العراق ضد دول الجوار!!
مقالات

اكبر ذراع دبلوماسي وأستخباري لواشنطن  في العراق ضد دول الجوار!!

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا