edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. دولة على رملٍ متحرك: الإمارات بين هشاشة الداخل واستعراض القوة
دولة على رملٍ متحرك: الإمارات بين هشاشة الداخل واستعراض القوة
مقالات

دولة على رملٍ متحرك: الإمارات بين هشاشة الداخل واستعراض القوة

  • 2 تشرين الثاني 15:08

كتب / الأستاذ الدكتور نوري حسين نور الهاشمي

من يراقب السلوك السياسي للإمارات خلال العقد الأخير، يلحظ دولةً تتقن هندسة المظهر وتخفق في بناء الجوهر؛ تُشيِّد ناطحات السحاب وتُخفي تحتها خوفًا متجذّرًا من الإصلاح والحرية. فكلّما اهتزّ الداخل أمام فكرة المشاركة الشعبية، هرعت أبوظبي إلى تصدير أزمتها نحو الخارج، تُغطي هشاشتها بالتحالفات العسكرية والصفقات الأمنية، وتلوّح بقوة المال والإعلام لتكميم أيّ صوتٍ يسائل شرعية هذا التوجّه أو أخلاقيته.
إنّها دولة تكدّس الرموز وتُفلس في القيم، تُراكم الأبراج ولا تبني الإنسان. وما بين “العريضة” التي دوّنها مثقفوها عام 2011، والمسيّرات التي تُحلّق اليوم فوق سماء اليمن والسودان، تتجلّى الحكاية الكاملة: نظام يخشى الإصلاح، فيُحارب الحرية بدم الآخرين.
لقد بدأت هذه الهشاشة تظهر بوضوح في رد النظام على العريضة الإماراتية عام 2011، حين طالب مجموعة من المواطنين، المعروفين لاحقًا باسم UAE94، بالمشاركة السياسية الحقيقية عبر انتخاب أعضاء المجلس الوطني الاتحادي ومنح المجلس صلاحيات تشريعية ورقابية كاملة. لم يكن هذا مجرد مطلب تنظيمي أو شكلي، بل صوت وعي شعبي يطالب بالإصلاح داخل الدولة نفسها.
لكن الدولة اختارت القمع بدلاً من الحوار: الاعتقالات والمحاكمات، سحب الجنسيات، مصادرة الأصول، المنع من السفر والطرد من البلاد كانت أدوات الرد. وبقي المجلس الوطني الاتحادي في هيئته الجزئية وصلاحياته المحدودة، فيما تم إسكات أصوات الإصلاح بشكل نهائي.
هذا المشهد الداخلي لم يكن منعزلاً عن ما تبع ذلك من توسع إماراتي خارجي في المنطقة: اليمن وليبيا وسوريا ومصر والعراق، واليوم السودان. فبينما كان الداخل مكبوتاً، كانت أبوظبي تصوّر نفسها قوة إقليمية لا تعرف الحدود، محاولةً احتواء أي موجة شعبية محتملة عبر التوسع الخارجي والسيطرة العسكرية والسياسية.
إن الخطاب الرسمي الذي برّر التدخل الإماراتي في الشؤون العربية بدعوى «محاربة الإخوان المسلمين» أو «التصدي للمحور القطري التركي» لا يعدو كونه قناعاً سياسياً يخفي جوهر الأزمة الداخلية.
فالحكومة لم تكن تحارب الإخوان بقدر ما كانت تحارب فكرة الوعي الشعبي نفسها، وتُرحّل أزمتها إلى الخارج كي تشتري لنفسها أمناً مؤقتاً عبر تحويل الأنظار عن الداخل المكبوت.
من منظور تحليلي أعمق، يمكن القول إن العلاقة بين الداخل والخارج في الاستراتيجية الإماراتية بعد 2011 كانت علاقة وقائية بامتياز.
فالتجارب الشعبية في تونس ومصر وليبيا كانت بمثابة إنذار مبكر لأنظمة الخليج، بأن الاستقرار الظاهري قد يُخفي قابلية للاشتعال.
ومن هنا، تحوّل التدخل الإماراتي في الخارج إلى أداة لاحتواء النموذج الثوري العربي، ومنع تشكّل أي تجربة قد تُلهم الشارع الإماراتي.
لقد تجلت هذه السياسة في ثلاثة أبعاد رئيسية:
1. دعم الأنظمة والميليشيات الصديقة في دول الأزمات لضمان عدم نشوء نموذج ديمقراطي شعبي قريب.
2. توجيه السياسة الخارجية كامتداد مباشر للأمن الداخلي، بحيث يصبح كل تحرك خارجي وسيلة لضبط الداخل.
3. توظيف النفوذ الإقليمي لتعزيز الشرعية الداخلية عبر إظهار القوة والتأثير الخارجي في مقابل تغييب النقاش حول الحريات والمشاركة السياسية في الداخل.
وهكذا تحولت الشرعية في الداخل إلى مشهد استعراضي في الخارج: دولة صغيرة الحجم ضخمة النفوذ، تُمسك بملفات المنطقة بينما تُخفي في بيتها أزمة شرعية صامتة.
إنها مفارقة الأنظمة الحديثة التي تستخدم القوة في الخارج لتغطية القسوة الصلبة في الداخل.
على الصعيد القانوني، استخدمت الإمارات منظومة تشريعية متشابكة تُجرّم أي نشاط سياسي مستقل، وتُصنّف حتى التعبير السلمي ضمن «تهديد الأمن الوطني» .
ولم تُترك ثغرة قانونية أو إعلامية يمكن أن تُستثمر لصالح الرأي الحر.
بهذا، أصبحت القوانين درعاً للسلطة وليست ضماناً للمجتمع، وغدا الأمن ذريعة دائمة لتكميم الكلمة.
من جانب آخر، رأت منظمات حقوق الإنسان الدولية – مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية والاتحاد الدولي لحقوق الإنسان – في تعامل الإمارات مع الموقعين على العريضة نموذجاً صارخاً لانتهاك الحقوق الأساسية، مؤكدة أن الدولة تعاقب النية قبل الفعل، وتتعامل مع الفكر النقدي كجريمة محتملة.
ومن هذا المنعطف، يمكن قراءة الوجه الميداني الأكثر انكشافاً للسياسة الإماراتية، حيث يطلّ الخارج بوصفه مرآة لما يختلج في الداخل:

إنّ حكماً يستند إلى العنف المموَّه والسياسة الخارجيّة المدفوعة بالخوف لا يمكن أن يؤسس لأرض صلبة؛ بل لعكس ذلك تماماً: أرضٍ رخوة تتهرأ تحتها أقدام الحاكم قبل أن تتهرأ أمام العالم. احتلال أجزاء من التراب اليمني، وتجييش مرتزقةٍ أجانب للقتال في ساحات بعيدة، وإعادة تزويد أطراف مسلحة بوسائل قتالية متقدّمة — كل ذلك ليس تجسيداً لقوةٍ دائمة بل هو قناع هشّ يخفي ضعفاً بنيويّاً. المشاهد الوحشيّة التي تتكرر اليوم في السودان — من قتلٍ جماعي وإجرامٍ بحق المدنيين — ليست مجرد نتائج عرضية لسياسةٍ خارجيّة، بل هي تجلٍّ عملي لمنطقٍ أمنيٍّ أعمى يحوّل الدولة إلى ماكينةٍ للقمع خارج حدودها قبل أن يصنع لها أعداء داخلها.
إنّ من يعتقد أنّ ترهيب الآخر يمكن أن يجعل الداخل آمناً يخطئُ حساباته: اليمن لا ينسى أرضه المغتصبة، والسودان لا يغفر دماء أبنائه بسهولة، وشظايا الغضب الشعبي تتراكم لتكوّن زلزالاً ماضياً صوب أبراج الهيبة. كل مشاريع الإنقاذ بالمال والأسلحة والإعلانات الدعائية لا تُخفي هشاشة نظامٍ يبني أمنه على استنزاف الآخرين وطمس أصوات مواطنيه. وفي نهاية المطاف، سيكُون ما اختزنته هذه السياسات من عداءٍ وظلمٍ سبباً في انهيارٍ سريعٍ لواجهةٍ لم تُبنَ على شرعيةٍ حقيقية بل على إرهابٍ سياسيٍّ يُصدَّر إلى الخارج.
إن الخلاصة التي يفرضها هذا المشهد أن العريضة الإماراتية عام 2011 لم تكن حدثاً عابراً، بل كانت مرآة عكست هشاشة النظام أمام فكرة الإصلاح، فاختار الهروب إلى الأمام عبر التوسع الخارجي والتطبيع مع إسرائيل، في محاولة لتأمين نفسه من أي هزّة داخلية.
فـ اتفاقيات إبراهام، ومسارات التعاون الأمني والاستخباري مع تل أبيب، وفتح خطوط المساعدات والدعم، كلها ليست سوى أعراض لقلق سياسي عميق، يعيش في قلب النظام منذ أن وُقّعت تلك العريضة.
أما اليوم، فإن أحرار الإمارات بين معتقل أو منفي أو مجرد من الجنسية، فيما يُدار الداخل بقبضة أمنية محكمة، ويُدار الخارج بشبكة من النفوذ الإعلامي والمالي.
تدفع حكومة الإمارات مليارات الدولارات سنوياً لتلميع صورتها وإخفاء صوت المعارضة، لتبدو للعالم نموذجاً للتقدم، بينما يختنق في داخلها صوت الإنسان الحر.
في الختام، تمثل التجربة الإماراتية نموذجاً معاصراً لما يمكن تسميته بـ “الاستبداد المتأنق”: نظام يوظف أدوات الحداثة والتكنولوجيا لبناء واجهة براقة تخفي وراءها منظومة أمنية معقدة تُدار بالخوف لا بالثقة.
وعليه، فإن العريضة الإماراتية لعام 2011 تظل وثيقة كاشفة، ليس فقط لوعيٍ شعبي أُخمد، بل أيضاً لآلية نظامٍ يخشى الإصلاح أكثر مما يخشى الانهيار.

الأكثر متابعة

الكل
محمد الربيعي

الشلل الدراسي..!

  • 25 تشرين الأول 2022
عبد الخالق فلاح

الشواذ والمثليين ورقة الغزو الجديدة

  • 3 آب 2023
زوال أمريكا والكيان الصهيوني قادم لامحالة وحسب القران الكريم

زوال أمريكا والكيان الصهيوني قادم لامحالة وحسب...

  • 7 تشرين الثاني 2023
السفيرة الأمريكية تلعب طوبة بالعراق

السفيرة الأمريكية تلعب طوبة بالعراق

  • 27 أيار 2023
الإعلام بين مطرقة الحقيقة وسندان التزييف
مقالات

الإعلام بين مطرقة الحقيقة وسندان التزييف

مدن تغرق ووعود تطفو
مقالات

مدن تغرق ووعود تطفو

العراق بحاجة إلى رئيس وزراء لأزماته.. لا إلى مديرٍ ليومياته..!
مقالات

العراق بحاجة إلى رئيس وزراء لأزماته.. لا إلى مديرٍ ليومياته..!

اورربا تقول لأمريكا.. لا تتدخلوا في شؤننا..!
مقالات

اورربا تقول لأمريكا.. لا تتدخلوا في شؤننا..!

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا