edition
Almaalouma
  • أخبار
  • مقالات
  • إنفوجرافيك
  • فيديو
  • كاريكاتير
  • تقارير
  • ترجمة
  1. الرئيسية
  2. مقالات
  3. دعايات المرشحين وآراء الناس
دعايات المرشحين وآراء الناس
مقالات

دعايات المرشحين وآراء الناس

  • 6 تشرين الثاني 17:18

كتب / صالح مهدي محمد

 
 
في كل موسمٍ انتخابي، تنقلب الشوارع إلى مهرجانٍ مفتوح للألوان والابتسامات المعلّقة، وتتحوّل الجدران والأعمدة إلى دفاترٍ عملاقة تكتب عليها الوعود بخطٍّ عريض. صور المرشحين تغزو الأحياء كما تغزو أوراق الأشجار الشوارع في الخريف؛ بعضها يحمل وجهاً مبتسماً حدّ المبالغة، وبعضها الآخر يبدو كأنه خرج لتوّه من معركةٍ مع آلة التصوير. لكن خلف هذا الزخم الدعائي، تقف أسئلة اجتماعية أعمق تتجاوز حدود الورق والصوت الانتخابي.
لقد أصبحت الدعايات الانتخابية ظاهرة اجتماعية بقدر ما هي سياسية. فهي لا تعبّر فقط عن برامج المرشحين، بل تكشف عن صورة المجتمع نفسه، عن ذائقته، ومستوى وعيه، وطبيعة علاقته بالسلطة والوعود. فحين يرى الناس المرشح الذي يوزّع العطاءات، لا يتساءلون عن برنامجه الاقتصادي، بل عن مدى “كرمه” أو “طيبة قلبه”، وكأن السياسة تحوّلت إلى صدقةٍ موسمية. هذا التبسيط في فهم العمل العام يعكس – دون قصد – هشاشة الثقة بين المواطن والمرشح، إذ لم تعد البرامج تُقنع، بل الهبات المؤقتة.
من جهةٍ أخرى، تكشف الدعايات عن روح المنافسة المفرطة التي تسكن المجتمع. فكل مرشح يسعى لإظهار نفسه وكأنه المنقذ الوحيد، في حين يتّخذ الناس مواقفهم الاجتماعية بناءً على الانتماءات القبلية أو المناطقية أو الطائفية، لا على أساس الكفاءة. وهكذا تتحول الانتخابات إلى مسرحٍ اجتماعي تُعرض فيه الولاءات القديمة بثيابٍ جديدة، حيث يصوّت الناس غالباً “لمن يعرفونه” لا “لمن يستحقّ”.
أما وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أضافت طبقة جديدة إلى المشهد. فبدلاً من اللافتات الورقية، باتت الدعايات تُصنع رقمياً؛ مقاطع قصيرة، تصاميم مبهرة، شعارات مُنمّقة. غير أن جوهر الخطاب لم يتغير كثيراً، فما زالت اللغة الدعائية تقوم على المبالغة والمدح الذاتي، وما زال كثير من المرشحين يتعامل مع الجمهور ككتلةٍ من الأصوات لا كعقولٍ تحتاج إلى إقناع. وفي المقابل، يجد بعض الناخبين في هذه الحملات مادةً للتهكم والسخرية، فيتداولونها كنوعٍ من التسلية لا المشاركة السياسية.
المفارقة أن المجتمع بات أكثر وعياً من ذي قبل، لكنه في الوقت نفسه أكثر إحباطاً. يرى الناس التكرار ذاته في الوجوه والوعود، فيتعاملون مع الدعاية الانتخابية بوصفها مشهداً معروف النهاية. فالإعلانات، مهما بدت فخمة، لم تعد قادرة على إقناع الناس بسهولة، لأن ذاكرة الشارع طويلة، تحفظ من التجارب السابقة ما يجعل الابتسامات المعلّقة باهتة أمام الواقع.
إن دعايات المرشحين مرآة مزدوجة: تعكس طموح الفرد السياسي، لكنها أيضاً تفضح المزاج الاجتماعي العام، ما بين السخرية واللامبالاة والبحث عن “الأقل سوءاً”. وربما تكمن المعضلة في غياب ثقافة الحوار الجاد بين الطرفين، حيث يتحدث المرشحون من فوق المنصّات، بينما يتحدث الناس في المقاهي ووسائل التواصل، ولا يلتقي الطرفان إلا في يوم الاقتراع.
يبقى السؤال مطروحاً: هل يمكن للدعاية أن تتحول يوماً من وسيلة تجميل إلى وسيلة توعية؟
ربما يتحقق ذلك حين يدرك المرشح أن الصورة ليست أهم من الفكرة، وأن المجتمع لم يعد يحتاج إلى وجهٍ مبتسم بقدر حاجته إلى ضميرٍ مستيقظ. وحين يدرك المواطن بدوره أن صوته ليس “هدية” يمنحها، بل “مسؤولية” يختار بها ملامح غده.
فما بين الصورة والشعار، تبقى الحقيقة في وعي الناس، لا في لافتات الشوارع.

الأكثر متابعة

الكل
سلم الرواتب ( الجديد ) : بين الحقيقة والأمنيات

سلم الرواتب ( الجديد ) : بين الحقيقة والأمنيات

  • 16 نيسان 2023
في ذكرى مجزرة سبايكر: 11 سنة من الدم والصمت

في ذكرى مجزرة سبايكر: 11 سنة من الدم والصمت

  • 12 حزيران
ماذا لو اتحدت الدول العربية؟!

ماذا لو اتحدت الدول العربية؟!

  • 15 تشرين الأول 2023
علي المؤمن

هكذا تحول الشيعة العرب الى سنّة على يد قادة أتراك...

  • 18 آذار 2024
الغياب الذي أعاد تشكيل المشهد العراقي
مقالات

الغياب الذي أعاد تشكيل المشهد العراقي

اعصبوها برأسي… أنا أُرشِّح المالكي لرئاسة وزراء العراق
مقالات

اعصبوها برأسي… أنا أُرشِّح المالكي لرئاسة وزراء العراق

الرمز الكردي...
مقالات

الرمز الكردي...

الجولاني… والعودة الهادئة إلى “نظام الطاعة”
مقالات

الجولاني… والعودة الهادئة إلى “نظام الطاعة”

Almaalouma

المعلومة: وكالة اخبارية عامة مستقلة، تتميز بالجرأة والموضوعية والمهنية والتوازن،شعارها، خبر ﻻ يحتاج توثيقا، لدقة وتنوع مصادرها الخاصة وانتشار شبكة مراسليها

الأقسام

  • ترندات
  • أخبار
  • مقالات وكتاب
  • فيديو
  • كاريكاتير

روابط مهمة

  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اتصل بنا

تابعونا