سلاح المقاومة ونهجها في المرحلة المقبلة “بين التحدي والصمود”..!
كتب / غيث زورة
نظراً للتطورات المتسارعة في المنطقة، وبعد حرب الأيام الاثني عشر، بات سلاح المقاومة ضرورة قصوى لا يمكن التفريط بها. فالدعوات التي تُطرح اليوم لتسليم السلاح أو حصره، كما تروّج بعض الجهات، ليست سوى خطوة خطرة تهدد أمن المنطقة واستقرارها، وتفتح الباب واسعاً أمام قوى الشر للتوسع والهيمنة.
خلال الفترة الماضية شهدنا حديثاً مكثفاً حول ضرورة حصر السلاح بيد الدولة، ويُعلَّل ذلك بأن المقاومة يجب أن تسلّم سلاحها بعد الاتفاق على انسحاب التحالف الدولي والقواعد الأمريكية من العراق. وكأن هذا الشرط أصبح ذريعة لعرقلة تشكيل الحكومة، في حين أن أحد الاشتراطات الأمريكية يركز تحديداً على هذا الملف.
فهل يمكن أن نثق بالولايات المتحدة دون أن نتساءل عمّا تخطط له بعد حصولها على ما تريد من تفكيك قوة المقاومة؟ وكيف لا نتوقع أن تستغل غياب قوة رادعة لتفرض مشاريعها وسياساتها بكل أريحية، بعد أن تنهي عملياتها وتعمل على تفكيك البُنى الاجتماعية وإدخال ثقافات دخيلة، لتفرض نفسها وصية على المنطقة ومقدّراتها؟
إن نهج المقاومة وسلاحها باقٍ، خاصة بعد أن حصلت القوى المقاومة على عدد مؤثر من المقاعد البرلمانية في الانتخابات الأخيرة، مما مكّنها من التعبير بصوت واضح عن رؤيتها وموقعها، كونها تمثل شريحة واسعة من المجتمع الذي صوّت لها إيماناً بدورها وكونها القوة الرادعة للشر.
فالواقع السياسي تغيّر، وأصبحت للمقاومة قوة تشريعية رصينة داخل قبة البرلمان، محصّنة بالدستور والقوانين. وسلاحها جزء من إطار الدولة، لأن الدولة تعني الشعب، وأبناء المقاومة هم من هذا الشعب، شركاء في الدستور والحكومة ومؤسساتها. وإن اختيار الشعب للقوى التي تتبنى خطاب المقاومة ونهجها عبر صناديق الاقتراع دليل على ثقته بهذا المسار.
لقد أثبتت بعض القوى السياسية الشيعية المقاومة قدرتها على إدارة مؤسسات الدولة، سواء العلمية أو الاقتصادية، ونجحت في إصلاحها بشكل ملحوظ، لتضع حداً للفوضى وتقدم نموذجاً للمهنية والكفاءة.
أما الحرب الأخيرة فقد أثبتت أن الدول التي لا تمتلك قوة مقاومة حقيقية تُسحق وتُذل، كما حدث في التجربة السورية التي ما تزال تعاني حتى اليوم من القتل والتهجير والسرقة والخراب، في ظل حكومة ورقية هشة تتحكم بها إرادات خارجية وتنهب ثرواتها وتحتل أراضيها.
وعلى النقيض، يظهر نموذج لبنان وإيران، حيث أثبت سلاح حزب الله صموده في مواجهة أحد أعتى الجيوش، رغم تكالب العالم، دون أن يُسمح للعدو باغتنام شبر واحد. وكذلك أثبتت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال حرب الأيام الاثني عشر قدرتها التسليحية وموقعها المقاوم في مواجهة كل من يحاول المساس بأرضها وكرامتها. وهذا ما نعنيه حين نقول إن بقاء سلاح المقاومة نهجٌ ثابت وضرورة لحماية الأرض والوجود.
التحديات التي تواجه المقاومة اليوم كبيرة، والضغوط الخارجية لا تتوقف، لذلك يبقى الدعم الجماهيري صمام الأمان الأول. فلا ينبغي الانجرار وراء الخطابات التي تدّعي خطورة وجود سلاح المقاومة أو تدعو لحل الفصائل، فبعض هذه الأصوات مأجورة، وأخرى تتحدث بسطحية دون إدراك حقيقة ما تقول.
ومن الضروري أن تبقى للمقاومة مشاركة فاعلة في الحكومات وصنع القرار، لردع قوى الشر وتمثيل إرادة المجتمعات الحية الصامدة التي لا تنخدع بالشعارات الصفراء ولا تبحث عن رضا الخارج أو مطامع السلطة.