اعصبوها برأسي… أنا أُرشِّح المالكي لرئاسة وزراء العراق
كتب / مجيد الكفائي
ليس من السهل أن يخرج أحد ليعلن موقفًا واضحًا في لحظةٍ يتردد فيها الجميع، أو يكتفون بالهمس خلف الأبواب المغلقة. لكنّي أقولها بصراحة: اعصبوها برأسي… أنا أُرشِّح نوري المالكي لرئاسة وزراء العراق. لا لأنني أبحث عن مجدٍ شخصي، ولا لأنّ الأمر مزايدة سياسية، بل لأنّ العراق اليوم وصل إلى مرحلة لم يعد ينفع فيها التردد، ولا إدارة يومية تُسيِّر الدولة بلا رؤية، ولا قيادات تتردد أمام الأزمات أكثر مما تواجهها.
العراق اليوم يمرّ بواحدة من أكثر المراحل حساسية: اقتصاد مرتبك، مؤسسات مترهّلة، حدود رخوة، خلافات سياسية تتجدد كل موسم، وتراجع واضح في هيبة الدولة وقدرتها على فرض القانون. وحين يكون المشهد بهذا التعقيد، فإن البلد لا يحتاج إلى رئيس وزراء يقف عند خطوط التوازنات الدقيقة فحسب، بل إلى رجل يعرف كيف يصنع تلك التوازنات، وكيف يضبط الصراع بدل أن يُترك لينفجر.
المالكي — شئنا أم أبينا — هو واحد من القلائل الذين أثبتوا قدرتهم على إدارة الأزمات الكبرى. لم يأتِ من الفراغ، ولم يتردد حين كانت البلاد على شفير الهاوية، ولم يكن مجرد “مدير يومي” بل صاحب قرار يعرف كلفة التردد أكثر من كلفة المواجهة. هو رجل خبر الدولة من الداخل، وفهم دهاليزها، وعرف أين تضعف ومتى تُشدّ. وفي زمنٍ مثل هذا، الخبرة ليست مجرد ميزة… بل ضرورة وجودية.
كما أنّ المالكي يمتلك قدرة نادرة على جمع الأطراف حين يريد، وعلى فرض الانضباط حين يتطلب الموقف ذلك. علاقاته الداخلية واسعة، ومقبوليته في الشارع — شئنا أم أبينا — ما زالت حاضرة بقوة، خصوصًا في بيئات ترى فيه شخصية حاسمة و”رجل دولة” لا يهرب من المواجهات. وحتى على مستوى العلاقة مع الكورد، ورغم التباينات، ما زال يشكل واحدًا من الأسماء التي يمكنها فتح أبواب التفاهم حين تتوفر الإرادة السياسية.
أما إقليمياً ودولياً، فالمالكي ليس غريبًا عن الفاعلين الكبار، ويمتلك خبرة في التعامل مع المعادلات الإقليمية المعقدة. وهذا ما تحتاجه بغداد الآن: رئيس وزراء يعرف كيف يُدير شبكة المصالح لا أن يُدار بها، وكيف يُوازن القوى دون التفريط بسيادة الدولة.
نعم، يمكن أن يختلف الناس حول المالكي، ويمكن أن تُفتح ملفات وتُطرح تساؤلات، وهذا طبيعي في أي تجربة حكم. لكن الأكيد أنّ الرجل لا يهرب من الضوء، ولا من محكمة الرأي العام، والأهم أنه يمتلك من الجرأة ما يكفي للعودة إلى الواجهة في زمنٍ اختار كثيرون فيه السلامة والحياد البارد.
ولهذا أقولها بوضوح:
اعصبوها برأسي… إذا كان المطلوب رجل أزمات، صاحب قرار، قادرًا على فرض هيبة الدولة، فالأقرب — في هذه اللحظة — هو المالكي.
قد يكون الموقف صادمًا للبعض، ومتوقعًا لآخرين، لكن العراق اليوم يحتاج إلى خيارٍ شجاع… لا إلى خيارٍ مريح