الغرامات المرورية المليونية “الغاية لا تبرر الوسيلة”
كتب / وليد خليفة هداوي الخولاني
منذ أقدم العصور، كانت الشرطة ولا زالت ترفع شعار ” الشرطة في خدمة الشعب ” وتتم فلسفة تجسيد هذا الشعار على ارض الواقع من خلال ما تقدمه الشرطة من جهود مضنية في سبيل الحفاظ على أرواح الناس واموالهم وممتلكاتهم، ويتم ذلك بالسهر ليلا والسعي ونهارا، ومتابعة عصابات الجريمة المنظمة، وتتبع اثار اللصوص والمجرمين والقتلة والقبض عليهم وتقديمهم للعدالة. وتفقد الشرطة الكثير من خيرة رجالها بين شهيد وجريح في مهمة متابعة تنفيذ رسالتها السامية. وتنتهي تلك المهام بكشف القتلة وتقديمهم للعدالة والقبض على اللصوص وقطاع الطرق واسترجاع الأموال المسروقة لأهلها.
لكن المواطنين وجدوا أنفسهم على حين غرة مطلوبين للدولة بملايين الدنانير، وان أجهزة الشرطة التي تسترجع أموالهم المسروقة أصبحت تستحوذ على أموالهم ” رغم انها تؤول لخزينة الدولة”،بسب قيام الكاميرات المرورية بتصويرهم في وضعية المخالفة للعديدمن المخالفات المرورية، التي رغم التنبيه على تفعيل عملها من قبل الجهات الإعلامية في مديرية المرور العامة، لم يهضمونها بالشكل الكافي، ومن ان الجدير بالذكران تلك الكاميرات تلتقط الصور دون ان تنبه المخالف او تحيطه علما بان تلك اللقطة ستكلفه (400) ألفدينار. وذلك لان الكثير من السواق لم يفعّلوا عمل التطبيقات الذكية مثل “عين العراق، او منصة ” اور “. وان مبالغ الغرامات أكثر من قدرتهم على السداد، بسبب تجاورهم لإشارة حمراء في تقاطع مروري او وقفوهم بعجلات سياراتهم فوق خط عبور المشاة او وضعيات أخرى. وتراكم تلك المخالفات حتى تجاوزت غراماتها على البعض منهم عشرات الملايين، رغم انه لا يملك في داره الا قوت يومه. وذلك ما خلق ردة فعل عنيفة ليصب جام غضبه على عمل رجال المرور والشرطة رغم الأهداف السامية لخدمتهم.
وفي واقع الحال فان عدم مواكبة الكثير من المواطنين للثورة الرقمية الحاصلة في العالم أحد أسباب الوقوع في تلك الغرامات، والجهل بحيثيات وتفاصيل الرقمنة لدى الكثير واقع لا يمكن انكاره، فنسبةالبطالة في البلاد تتجاوز 13% وهنالك ما يقارب 7 ملايين عاطل عن العمل.. كما ان نسبة الامية في العراق لعام 2025 حسب إحصاءات وزارة التخطيط للأعمار 15 عام فما فوق بلغت 15%.
فاذا كانت الغرامات والعقوبات المفروضة على المخالفين وسيلة لتحقيق غاية عنوانها” الحد من الحوادث المرورية كالدهس او الاصطدام او الانقلاب والحفاظ على حياة الناس وسلامتهم وتنظيم السير في الطرق العامة. فان تلك الوسيلة يجب ان لا تكون أكثر من طاقة المواطنين على تحملها. لذلك فهنا “الغاية لا تبرر الوسيلة“والمقترح مفاتحة الجهات العليا لتعديل قانون المرور رقم 8 لسنة2019 وتخفيض مبالغ الغرامات بما يتناسب مع مستوى الدخل للفرد العراقي، وكذلك الحصول على اعفاء للغرامات المليونية التي سبق وان فرضت بحق المخالفين وإعادة النظر بتطبيق نطام الكاميرات المرورية من قبل لجنة شاملة للجهات ذات العلاقة بمن فيهم ممثلين عن السواق والجهات الخدمية المسؤولة.