تراجع التفوق الأمريكي: وثيقة سرية تكشف هشاشة الإمبراطورية أمام التنين الصيني والتحالفات الجديدة
كتب / احمد صالح سلوم
هزت وثيقة سرية مسربة من أعماق البنتاغون، قبل ايام، دوائر صنع القرار في واشنطن، لتكشف عن حقيقة مريرة طالما حاولت الولايات المتحدة إخفاءها خلف ستار من الدعاية العسكرية البراقة. الوثيقة، المعروفة باسم “موجز التفوق” أو “Overmatch Brief”، صادرة عن مكتب التقييم الصافي في وزارة الدفاع، رسمت سيناريوهات حربية صادمة تكشف عن تراجع كبير في التفوق الأمريكي، خاصة أمام الصين، ومدى الضعف الذي يجعل أي مواجهة عسكرية مباشرة مع بكين خاسرة لا محالة. هذه الوثيقة، التي انتشرت تفاصيلها في وسائل إعلام أمريكية ودولية، لم تكن مجرد تحذير داخلي، بل إنذاراً يعكس تحولاً جذرياً في موازين القوى العالمية، حيث يبدو أن عصر الهيمنة الأمريكية المطلقة يقترب من نهايته، وسط صعود قوى جديدة تعتمد على الابتكار السريع والإنتاج الكمي الرخيص.
الوثيقة تركز بشكل أساسي على سيناريوهات محاكاة حرب حول تايوان، حيث تظهر الصين قادرة على تدمير أصول أمريكية رئيسية، مثل حاملة الطائرات “يو إس إس جيرالد فورد” بقيمة 13 مليار دولار، في دقائق معدودة باستخدام صواريخ فائقة السرعة “هايبرسونيك”، التي يمتلك الجيش الصيني منها حوالي 600 صاروخ. هذه الصواريخ، القادرة على المناورة والتجاوز للدفاعات الأمريكية، تمثل قمة التفوق التكنولوجي الصيني، الذي يعتمد على استراتيجية غير تقليدية تجمع بين الهجمات السيبرانية، والطائرات بدون طيار الرخيصة، والإنتاج الضخم الذي يجعل الأسلحة الأمريكية الباهظة تبدو عتيقة وغير فعالة. في هذه المحاكاة، يُهزم الجيش الأمريكي بسرعة كارثية، مما يثير تساؤلات عميقة حول ما إذا كانت واشنطن ستتراجع عن تدخلها في الشأن التايواني، أم ستستمر في سياسة الغموض الاستراتيجي التي قد تتحول إلى استسلام ضمني أمام الواقع العسكري الجديد.
هذا التراجع لم يأتِ فجأة، بل هو نتيجة لتأخر تكنولوجي مزمن أمريكي، كما حذر منه نيكولاس شايلان، الرئيس السابق لبرمجيات القوات الجوية في البنتاغون، الذي استقال احتجاجاً على البيروقراطية البطيئة. شايلان، في تصريحاته الصادمة، أكد أن الولايات المتحدة خسرت سباق الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا العسكرية أمام الصين، وأن اللحاق مستحيل في غضون 15 إلى 20 عاماً، إذ تستغرق أي براءة اختراع أمريكية سنوات للتنفيذ بسبب الإجراءات المعقدة، بينما تنفذ الصين ابتكاراتها في أشهر. هذا التأخر يجعل أي حرب مع الصين خاسرة، ليس فقط بسبب الصواريخ الهايبرسونيك، بل أيضاً بسبب الاعتماد الأمريكي على أنظمة باهظة التكلفة وبطيئة الإنتاج، مقابل القدرة الصينية على إغراق الساحة بأسلحة رخيصة وفعالة.
الأمر لا يقتصر على الصين؛ فالوثيقة والواقع الميداني يظهران ضعفاً أمريكياً أمام روسيا أيضاً، حيث تكشف الحرب في أوكرانيا هزيمة استراتيجية للناتو. رغم الدعم الهائل، نفدت الذخائر الأمريكية والأوروبية، وأظهرت روسيا تفوقاً في الطائرات بدون طيار والصواريخ الهايبرسونيك مثل “زيركون” و”كينجال”، مما جعل الغرب يتراجع تدريجياً نحو مفاوضات تنازلية تحت ضغط إدارة ترامب. هذه الهزيمة ليست عسكرية مباشرة فحسب، بل اقتصادية وأخلاقية، إذ فضحت الادعاءات الغربية بدفاع عن “الديمقراطية” أمام الواقع الميداني الروسي الذي يعتمد على إنتاج سريع وفعال.
حتى في غرب اسيا، يتجلى الضعف الأمريكي بوضوح أمام إيران واليمن. في يونيو 2025، أدت الضربات الأمريكية-الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية إلى رد إيراني دقيق على قاعدة العديد في قطر، أكبر قاعدة أمريكية في المنطقة، حيث أصاب صاروخ إيراني قبة رادار حيوية، مما كشف عن هشاشة الدفاعات مثل “باتريوت” و”ثاد”. أما في البحر الأحمر، فقد أقر الرئيس ترامب ضمنياً بهزيمة بحرية أمام الحوثيين في اليمن، عندما أعلن وقف العمليات العسكرية في مايو 2025، مدعياً “استسلام” الحوثيين، بينما الواقع يظهر أن الهجمات الحوثية بصواريخ هايبرسونيك مدعومة إيرانياً-روسياً أجبرت الأسطول الأمريكي على التراجع بعد إنفاق مليارات دون إيقاف التهديد تماماً.
ad
هذه السلسلة من الإخفاقات تعكس تحولاً عالمياً نحو عالم متعدد الأقطاب، حيث يعتمد التحالف الصيني-الروسي-الإيراني على تعاون تكنولوجي متعمق، يشمل نقل تقنيات هايبرسونيك وطائرات بدون طيار، مما يجعل الولايات المتحدة تواجه تحديات غير متكافئة. الوثيقة السرية ليست مجرد تحذير، بل اعتراف ضمني بأن عصر التفوق الأمريكي انتهى، وأن أي مغامرة عسكرية جديدة قد تكون كارثية، سواء أمام الصين في المحيط الهادئ، أو روسيا في أوروبا الشرقية، أو إيران واليمن في الشرق الأوسط.
تكشف هذه الوثيقة عن إمبراطورية تواجه مصيرها، حيث يصبح التركيز على الردع الاقتصادي والدبلوماسي بديلاً عن المواجهة العسكرية، في عالم يعاد تشكيله بسرعة، ويشهد صعود قوى جديدة تعتمد على الابتكار والصمود، مقابل تراجع قوة اعتمدت طويلاً على الهيمنة التكنولوجية التي لم تعد مطلقة. هذا التحول ليس مجرد حدث عسكري، بل إعادة كتابة لتاريخ القرن الحادي والعشرين، حيث يبدو أن الغرب يدفع ثمن تأخره، والشرق يجني ثمار صبره الاستراتيجي.