سياسات جباية في زمن الأزمة: المواطن يدفع ثمن غياب الرؤية الاقتصادية..!
كتب / قاسم الغراوي
في ظل أزمة مالية خانقة باعتراف حكومي ورؤية محدودة، تتجه السلطة التنفيذية إلى أسهل الحلول وأخطرها وهي تحميل المواطن كلفة الفشل.
فبدل معالجة الخلل البنيوي في إدارة الموارد، تلجأ الحكومة إلى فرض ضرائب ورسوم على الكهرباء والماء وخدمات الإنترنت، وهي خدمات أساسية لم تعد كمالية في حياة العراقيين، بل جزءاً من الحد الأدنى للعيش الكريم.
هذه الإجراءات لا يمكن فصلها عن سياق غياب استراتيجية اقتصادية بعيدة المدى. فالدولة التي تعجز عن ضبط الهدر، ومكافحة الفساد، وتنويع مصادر الدخل، تختار طريق الضغط المباشر على أصحاب الدخل المحدود، وكأنّ المواطن هو الحلقة الأضعف والأسهل استنزافاً .
الضرائب المفروضة على الخدمات الأساسية لا تقف آثارها عند فاتورة الكهرباء أو الماء، بل تمتدّ إلى ارتفاع كلفة المعيشة عموماً. فكل زيادة في الطاقة أو الاتصالات تنعكس تلقائياً على أسعار المواد الغذائية، والنقل، والخدمات اليومية، ما يخلق حلقة تضخمية يدفع ثمنها الفقراء وذوو الدخل الثابت، دون أن يقابلها أي تحسن في مستوى الخدمة أو البنية التحتية.
الأخطر من ذلك أنّ هذه السياسات تعمّق الفجوة الاجتماعية، وتؤدي إلى تآكل الثقة بين المواطن والدولة.
فالحكومة التي تطلب من الناس “شدّ الأحزمة” لا تقدّم في المقابل نموذجاً مقنعاً للإدارة الرشيدة أو العدالة في توزيع الأعباء، ولا تفرض ضرائب تصاعدية على الأرباح الكبيرة أو الامتيازات غير المنتجة.
ما يجري اليوم ليس إصلاحاً مالياً ، بل إدارة أزمة قصيرة النظر، تُرحّل المشكلة إلى الأمام، وتضع المجتمع أمام ضغوط معيشية متزايدة، في غياب رؤية اقتصادية شاملة تعالج جذور الأزمة بدل الاكتفاء بمعاقبة نتائجها.