المصارف في حالة انحدار
كتب / ماجد زيدان
العمل في المصارف يجذب الشباب والكوادر الموصوفة ويستهويهم لما له من مكانة اجتماعية بين الناس للأمانة التي يتمتع بها هؤلاء , وتوفيره اجر افضل للذين يمتهنون ذلك بمختلف العناوين الوظيفية وغيرها من المزايا .. ولكن الحال بدء يتردى وينحدر مع الحروب الصدامية وتداعيتها والاجراءات التي اتخذت وفي جوهرها تحد من تصرف المودع في ماله وقت يشاء , وامانة المصرف على الاموال , فلجأ الزبائن الى الاكتناز في البيوت , خوفا من تعرضهم للابتزاز ودفعا للفساد الصغير .
وما بعد التغيير في عام 2003 اخذ تعامل الناس مع المصارف ينحدر بصورة شديدة , وبدأت الرشى تكون جزءا من العمل اليومي لهذه المصارف وعلى رؤوس الاشهاد , وذلك لقاء خدمات بسيطة تتعلق بمن يريد تجاوز الروتين والبيروقراطية وما شابه ذلك , ناهيك عن ملف القروض , ولكن هذه الظاهرة وغيرها كبرت وتطورت لغياب الرقابة مع انتشار المصارف الاهلية التي هي عبارة عن دكاكين صرافة ومتاجرتها بالفساد علنا وبرعاية الدولة من خلال مزاد العملة والتوسط في منح القروض الحكومية والمبادرات التي سلب جزء ملموس من اهدافها ..
والاكثر خطورة والصارخ ان الفساد استشرى في المصارف الحكومية , واصبحت الفضائح التي تزكم الانوف تتوالى , بل ان النهب لمبالغ طائلة امرا عاديا مثل سرقة القرن ومنح قروض لكبار الرأسماليين من دون ضمانات كافية وغيرهما , ناهيك عن تهريب الاموال وغسيلها والذي تشارك فيه المصارف الاهلية دون خوف , لتعطل الرقابة , وحتى ما يؤشر منه يتم طمره لارتكابه من قبل نافذين في السلطة او قوى حزبية حاكمة , في تزاوج رهيب بين طغمة مالية وسلطوية – حزبية تسخر كل شيء لإشباع نهمها للمال ..
ونشير , ايضا , الى خروج المصارف عن دورها الاقتصادي , فلم نسمع عن مشروع صناعي او اقتصادي او خدمي كبير اسهمت فيه هذه المصارف لتنمية البلد اقتصاديا .
من حق الناس ان يحتفظوا بأموالهم في البيوت ولا يودعوها في المصارف مع موجة الفساد العاتية التي تضربها , ان احوال المصارف بحاجة الى مراجعة على كل الصعد كافة لاستعادة ثقة المواطن بها , والاطمئنان على امواله فيها , واستئناف دورها في التنمية والبناء , كما انها بحاجة لمحاربة الفساد وكبار مقترفيه .