حروب الجيل الرابع وصراع الارادات
كتب / أ.د عبودي جواد حسن
يقول الاستراتيجيون العسكريون الغربيون ان الغرب حاليا يخوض حربا غير متماثلة وغير متناسقة (ِAsymmetric)ضد دول العالم الثالث وكذلك ضد اعداءه التقليدين حربا من نوع الجيل الرابع. وهي حرب لاتستهدف تدمير المؤسسات العسكرية بشكل رئيسي كما كان في السابق ولكن من خلال خلق دولا فاشلة (Failing States )واكتساب نفوذ في هذه الدول من خلال المساعدة في زرع افكار وممارسات تتنافى مع تقاليد واعراف وعادات الشعوب في هذه البيئات كالمثلية والالحاد وحجاب المرأة المسلمة مستخدما في الترويج لها الاعلام والعملاء والطابور الخامس(Fifth Column) ومخصصا امولا طائلة لتحقيق ذلك.
وحروب الجيل الرابع اساسها وهدفها الرئيس اكراه او اجبار ( Compulsion) الخصم دون الاعتماد على الجيوش والاسلحة والقتال والدماء في جعل الخصم يقبل تقاليد و اعراف وعادات الطرف الثاني كما كان يحدث قبل عشرين سنة في حروب الغرب في اسيا وافريقيا وامريكا اللاتنية. و حروب الجيل الرابع لاتهدف ابدا الى تحطيم المؤسسات العسكرية وانما تهدف الى اخضاع الخصم على التقبل التدريجي لارادة الطرف الثاني الاقوى والمتخذ كمرجعية وليس انموذجا من بين نماذج الحضارية. وبعد ذلك الاخضاع يتمكن الطرف المنتصر على اكتساب نفوذ كبير (Gaining Influence)
والمقصود بالدول الفاشلة هي الدول التي لاتسيطر سيطرة تامة على اجزاء كبيرة من اراضيها السيادية وهي بيئات ذات تنوع ديني وطائفي وقومي وعرقي غير متجانس واجزاء هذا التنوع مرتبط بشكل ما بدول الجوار او غيرها من الدول الكبرى او الدول ذات النفوذ المتعاظم و لاتستطيع الدولة فرض سيادتها على جزء كبير من هذه البيئة فتكون هذه الدول الفاشلة ناقصة السيادة . وتكون السيادة في كل جزء بيد ميليشا متنفذة متضاربة المصالح مع مليشات الاجزاء الاخرى. وعادة ما يكون النظام السياسي في هذه في الدول الفاشلة نظام ديكتاتوري او ثيوقراطي لايحظى بشعبية كبيرة لدى مكونات الدولة.
ويعتمد الانتصار في حرب الجيل الرابع على القوى الذهنية او الذكية( Smart or brain power) كما حصل في هدم جدار برلين فقد هدم هذا الجدار الفاصل بين شرق اوروبا وغربها من خلال استخدام العملة – المارك الالماني ( Deutsch Mark) وتوظيف تقلباته في عدم الاستقرار في المنطقة ( Destabilization).
وتبدأ حروب الجيل الرابع على شكل عملية ذات مراحل(Process ) ولا تكون حدثا منفصلا منعزلا (ِAn Event ) وانما مجموعة احداث تتسم بالعمومية او الدولية كالبطولات الرياضية الاقليمية والعالمية التي تنظمها ال (Fifa ) مثلا والمسابقات القارية او الاقليمية كمسابقة الاغنية المصورة الاوربية ( ُEurovision song contest ( التي تم قبل سنين ااتخاذها كمنصة للترويج للمثلية كما حصل بعد ترويج لفوز الامرأة الملتحية من النمسا كونشيتا فرست بالمرتية الاولى واستقبالها من قبل جمهور كبير في المطار وهم يحملون اعلام قوس قزح المثلية . فيما اعتبرت روسيا ذلك تشجيعا للفساد والشذوذ.
وما الاعترضات في الغرب على ارتداء الحجاب للمرأة المسلمة في الغرب الا تجسيد لهذا النوع من الحروب المتمثل في فرض الارادة والاجبار على تقبل اعراف وقيم مجتمع ما. وفي الوقت نفسه انكار ثقافة اساسية لشريحة سكانية من مجتمع غير متماثل تعيش في الغرب دون استعمال السلاح والجنود وسفك الدماء.
ما اردنا قوله ان للطرف الاخر رؤية غير ظاهرة متجسدة في استخدام سبل غير السبل التقليدية في تعايشه مع فئات بشرية على سطح هذا الكوكب. هذا الطرف له ثقافة مشتركة غير متماثلة اوغير متشابهة مع ما تربى عليه غيره من جماعات. ومن خلال هذه السبل ينوي هذا الطرف فرض ارادته على غيره من الجماعات التي للاسف كانت تنظر اليه هذه الجماعات خطاءا كمرجع . ودعوتنا لشعوب العالم الثالث الا تتخذه كمرجع وانما كانموذج من النماذج. وليعلم الجميع ان لكل عرف قيمته عند اهله.