ماذا لو تحالف الشيعة مع أمريكا و(إسرائيل)؟
كتب / د. علي المؤمن
كلامي في هذا المقال موجه اليك أخي العربي السني، لأكشف لك الحقيقة التي يحاول بعض الطائفيين تزويرها والضحك على ذقون بعض السنة البسطاء، بهدف تأجيج الفتنة وضرب السلم المجتمعي، وهم يتقوّلون على الشيعة بأنهم حلفاء اليهود تاريخياً، وحلفاء أمريكا و(إسرائيل) حالياً.
أسألك دون مقدمات: ((هل تعلم ماذا سيحصل لو تحالف شيعة العراق وايران ولبنان وسوريا واليمن والبحرين مع أمريكا و(إسرائيل)، وشكّلوا منظومة أمنية وسياسية واقتصادية موحدة في الشرق الأوسط؟)).
أجيبك على السؤال:
ستنقلب أوضاع الشيعة السياسية والاقتصادية والأمنية رأساً على عقب، وستمنحهم أمريكا واوروبا حق الهيمنة الحصرية على المنطقة الخليجية وغرب آسيا بكل مقدّراتها وتفاصيلها، وستقف أنظمة هذه البلدان على أبواب الشيعة وحكوماتهم تطلب الرضا وتقدم فروض الولاء، ولمنحت لشيعة بلدانها كل حقوقهم وحرياتهم المذهبية والسياسية والاجتماعية، ولكانت إيران سيدة المنطقة دون منازع، ولامتلكت كل انواع الأسلحة النووية وتكنولوجيا غزو الفضاء، ولاستلم شيعة البحرين واليمن السلطة في بلادهم، ولبات الدولار الأمريكي يساوي 7 تومانات إيرانية، و7 ليرات لبنانية، و10 ليرات سورية، و3 دنانير عراقية.
ولكن؛ حينها سيفقد الشيعة الخصائص الأبرز التي توارثوها عن نبيهم وأئمتهم وأسلافهم، وظلت منذ وفاة رسول الله (ص) وحتى الآن تميزهم عقدياً وفقهياً وسياسياً، وهي خصائص الموقف الشرعي في بناء العلاقة والتحالف والولاء، و”الرفض” و”المقاومة” و”التصدي” لكل أشكال ومضامين الإستكبار والظلم والاستبداد والانحراف، والتي ستظل تمنعهم من الولاء لأمريكا، وإقامة أي تطبيع ومهادنة مع الكيان الإسرائيلي، لأن قاعدتهم في التعامل مع الظالم غير الشرعي والمستكبر المعتدي، هي القاعدة التي أعلن عنها الإمام الحسين: ((ومثلي لايبايع مثله))، وليس مثلما تقوم به أنظمة (53) دولة سنية، لدى أغلبها علاقات وثيقة وتحالفات أمنية مع الكيان الإسرائيلي، والتزامات ولاء وطاعة لواشنطن.
وأطرح عليك سؤالين آخرين، وأطالبك بإجابة منطقية واقعية، وليس إجابة مسيسة متسرعة معلبة: ((من سيبقى في ساحة المقاومة ضد الصهيونية ومشروع الهيمنة الأمريكية، لو ألغينا الشيعة من خارطة المنطقة!؟، وماذا سيحدث للحركات السنية المقاومة في الداخل الفلسطيني وخارجه، كحماس والجهاد؛ فيما لو امتنع الشيعة ومرجعياتهم وأنظمتهم وأحزابهم، عن دعمها بالمال والسلاح والاعلام والسياسة، والذي لم يعد سراً؟!.)).
سأجيب نيابة عنك:
لا أتخيل حينها إلّا مشهداً مرعباً للاستسلام الكامل للمشروع الصهيو ــ أمريكي، وانهياراً تدريجياً للمقاومة ضد الكيان الإسرائيلي، وتحول إسرائيل الى السيد المطلق في المنطقة، والقابض على أمن الشرق الأوسط وسياساته واقتصادياته، بحماية أمريكية كاملة، وخضوع وانسحاق وتهليل من الأنظمة العربية الطائفية.
وحين تُراجع أخي العربي السني ما تنشره وتبثه وسائل الإعلام العربية، وتصريحات قادة الأنظمة الطائفية ومشايخهم، ومخططاتهم الميدانية، وفاعلية مليارات المال السياسي الخليجي، ومراسلات السفارات الأمريكية في المنطقة وتحليلات مسؤولي الأمن القومي والدفاع والمخابرات والخارجية الأمريكية؛ سترى بالعين المجردة أن السبب الحقيقي وراء تعرض الشيعة لعقوبات الحصار والتجويع والمقاطعة والتآمر والقتل والدمار، والضرب المتواصل بكل أنواع الأسلحة السياسية والمخابراتية والثقافية والاعلامية والاقتصادية؛ يتلخص في رفض الشيعة القاطع لمشروع الهيمنة الأمريكية والوجود الصهيوني في المنطقة العربية والإسلامية، ولأنهم باتوا منذ أربعة عقود ركيزة محور الممانعة والمقاومة.
وأوفّر عليك عناء الاحتجاج بوجود بضعة عملاء وخونة ومرعوبين شيعة؛ أكرر بأن المقصود بالشيعة هو خطهم العام، وليست الخطوط الخاصة الصغيرة المنحرفة التي تمثل أصحابها، سواء تمثلت بأفراد أو مجموعات، وهي محدودة جداً، وإن كان صوتها عال أحياناً.
وعندما تراجع وتتأمل بموضوعية وتجرد وانفتاح؛ سيزول عندك الشك، بأن أغلب الأنظمة والأحزاب الطائفية على امتداد البلدان العربية؛ يتمنى لو قامت أمريكا وإسرائيل بقصف شيعة العراق وايران ولبنان وسوريا واليمن بالقنابل النووية لإحراقهم وإبادتهم؛ لتتخلص الأنظمة الطائفية وقادتها وعوائلها وأحزابها الحاكمة من عبء المقاومة التي يشعر أنها باتت تمعن في إحراجه وفضحه وفضح تحالفاته مع الكيان الإسرائيلي، وباتت تقض مضاجعه أكثر مما تقض مضاجع الصهاينة والأمريكان، وهو ما كشفته وثائق ويكيليكس، بكثير من التفصيل، وتكشفه اليوم مقاومة الشعب الفلسطيني النوعية.