التخصيب الإعلامي وولادات الثقافة القيصرية
كتب / حسن كاظم الفتال
قادتني الصدفة لأن استمع من المذياع إلى برنامج خلف البؤس في نفسي ودعاني لأن أقول :
غالبا ما تنسدل أستار العتمة فيختلط الحابل بالنابل .
ويزداد حدوث هذا الأمر حين يتولى الوارثون السلطة الذين هم عن كل حقيقة ساهون ولعري زمن الإنفتاح مغتنمون . ذلك العري الذي أحدثته البلبة والفوضى العارمة وحوكمة المحسوبية والمنسوبية وغياب كل الرقابات والمتابعات.
المتسللون من منظومة الأهواء والفضائل والمناقب المزاجية التي لا تنتج الا رعاية واهتماما بالغا بأبناء العمومة والأخوال ومعظم المقربين والتابعين والمناصرين للأوهام والمصفقين دون إفهام .
وُجِدَت هذه المنظومة لتوفر الفرص الذهبية للتخصيب الإعلامي
وتكثر عمليات ولادة الأنابيت الثقافية وتتزايد ولاداتها القيصرية.
حتى تزدحم المؤسسات الإعلامية والثقافية والأدبية والفنية بهذه المواليد .
وهذه المواليد تتقمص الغرور قميصا معصفرا وتمشي بمرح وخيلاء وسط صحراء الفكر بتبختر حسناء الدمن .
وتساهم بإجهاض كل المبادرات التي تهدف لتشييد صروح التوعية والفطنة وتلاوة تعويذة الإصلاح . ويتم إسقاط كل الطاقات والمهارات .
يتحين الخدج الفرص للتناوب بالتَسَيِّد على المتكاملين عمرا وكيانا وفطنة وعقلا .
كثيرا ما يُرفعُ شعار: ( إمارة ولو على حجارة ).
يسعى العقلاء لتحجيم العرجان والعوران حين يترقبون موعدا يؤذن لهم لأن يقودوا الأصحاء السالمين رغما عنهم . فتراهم لا شغل لهم إلا التنافس والتسابق اللا مشروع على احتلال الصدارة .وحذف قيود المستحقين وإلغاء أدوارهم .
تتلبد غيوم الخجل حول أفق الواقع المر ويدلهم حين يتحتم عليه أن يُقَدِمَ الصغار على الكبار .
ليس من المروءة أن ينتصر الخواء على اكتظاظ المعرفة والتفوق العلمي وطفح الثقافة
وتغدو المفاهيم الحقة والإعتبارات والمعايير والمقاييس موءودة.
فترى أصحاب الشأن وتظن أنهم سكارى وما هم بسكارى .إنما هم حيارى مندهشون مذهولون مما يجري .
تلك حماقة زمن أغبر سولت له بلادته أن يعلي الدني ويَدُّعَ المستحق ويركل كل فضيلة بسخافة وسفه.
لعل ذلك يساعد على أن تزداد التشوهات الصورية في الولادات ومن بين هذه التشوهات :
أن تكون صيغة تقديم البرنامج مجرد هرطقة , وسفسطة , وثرثرة ,وهذرمة ,وهراء .
كوسيلة إعلانات تسويقية شخصية بصبغة بكائية وحوارات طفولية تهويمية . وانبهارات بلقلقة خادعة . وإيحاءات بتصنع وتلون . ونبرات بوتيرة واحدة مستديمة مفتعلة بائسة .
وتكرار واجترار لعبارات لا تختلف إحداها عن الأخرى .
ولا هذه الحلقة عن تلك التي قدمت قبل أكثر من عقد من الزمن.
حين تجتمع هذه العناصر .تلحظ إلى أنها حصيلة خواء فكري ثقافي .
عندها اعلم أنها ما هي إلا نصرة للجهالة *
بمساندة ورعاية ودعم واحتضان من رعاةٍ نُوَّم*
أو ساهين أو مجاملين مساومين .
يُبرزون من يشاؤون ويُقْصون من يشاؤون .
وما هي إلا قسمة ضيزى .
وحين تلمس ذلك.
فاقرأ على الاعلام الفاتحة .
ولكن بإخفات صوت .
كي لا يتذمر المشيعون نعش الإعلام أو الغارزون فيه آخر مسمار.
والمغتالون التفاؤل في نفوس بعض الأخلاء .