المتقاعدون يتظاهرون ليطالبوا بحقوقهم التي كفلها القانون
كتب / باسل عباس خضير
المتقاعدون في العراق دائمو التعرض للظلم ، فلم يراعوهم في الزمن البائد تحت مختلف المسوغات والأعذار كما لم ينصفهم النظام الجديد لعدة مرات ، مرة عند نفاذ قانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 عندما لم يساوي في الحقوق بين الذين أحيلوا على التقاعد قبل نفاذه والذين أحيلوا فيما بعد كما ظلمهم حين انشإت أسس لرواتب متدنية لا توازي ما يتقاضاه الموظف المستمر بالخدمة بحجب جميع المخصصات عن المتقاعدين حتى مخصصات الزوجية والأطفال ، كما إن التعديل الأول لقانون التقاعد رقم 26 لسنة 2019 ظلم شرائح من الموظفين بإخراجهم إلزاميا من الخدمة وإحالتهم إلى التقاعد المبكر دون تعويض و أحدث اعباءا على صندوق تقاعد الموظفين بجعل السن التقاعدي 60 عاما بدلا من 63 عام ، ورغم إن كثيرا من السياسيين أطلقوا وعودا بإنصاف المتقاعدين بمنحهم الحقوق القانونية التي يستحقونها كونهم الشريحة المضحية من المواطنين التي أفنت اغلب أعمارها في خدمة الشعب والوطن ومنهم دولة رئيس مجلس الوزراء الحالي السيد محمد شياع السوداني الذي وجه قبل أسابيع بتشكيل لجنة لدراسة ما يستحقه المتقاعدون ، إلا إن معظم الوعود لم يتحقق منها شيئا رغم تعاقب عدة حكومات ، وقد لمسوا فقدان الأمل بذلك بعد نشر مسودة قانون الموازنة للسنوات الثلاث ( 2023، 2024، 2025 ) فلم تحتوي نصوص المشروع على أية إشارة لإنصاف المتقاعدين ، لذا وجدوا إن القيام بالتظاهر ابسط الوسائل المناسبة للتعبير عن مظلوميتهم باعتباره حق كفله الدستور ، وقد باشروا بالتظاهر سلميا بشيبتهم البيضاء داخل المنطقة الخضراء ( الأحد 19 آذار ) أملا في إيفاء أصحاب القرار بوعودهم قي منحهم الحقوق لا غير .
وما يطالب به المتقاعدون ليس منة او صدقة من احد وإنما هو حق ورد في المادة 36 من قانون التقاعد النافذ حاليا والتي نصت على ( تزداد بقرار من مجلس الوزراء الرواتب التقاعدية كلما زادت نسبة التضخم السنوي على أن لا تكون الزيادة أكثر من نسبة التضخم ) ، ونسبة التضخم في العراق ازدادت خلال السنوات 2014 – 2023 بالنسب والمعدلات المعروفة للجميع والمثبتة في البيانات الرسمية ومنها تقارير الجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط ، فهناك ارتفاع عال في متطلبات المعيشة خلال هذه السنوات وخاصة بعد تغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار فالسعر السابق هو 1200 دينار والسعر الحالي قريب من 1600 دينار أي إن هذا التغيير لوحده اوجد تضخما يزيد عن 33% ناهيك عن التضخم العالمي الهائل الذي انتقل للبلاد و أصاب العقارات والإيجارات وسائر أسعار السلع والخدمات ، والدولة بموجب المعايير المرعية من واجبها الأخلاقي والوطني والدستوري تعديل وزيادة رواتب المتقاعدين لعدة مسوغات ، أولها الالتزام بالنص الذي اشرنا إليه وثانيها إن النصوص القانونية لم تسمح للمتقاعد بمزاولة العمل وهي إن تغاضت فان اغلب المتقاعدين هم من كبار السن ممن تزيد أعمارهم عن 60 سنة وليست لديهم القدرات البدنية وغير بدنية لمزاولة الأعمال وحتى وان توفرت فرص العمل فهل سيوظف المتقاعد التعبان والشباب لا يجدون ألأعمال؟ .
واستنادا لبيان صادر من نقابة المتقاعدين العراقيين ( منظمة غير حكومية ) فان مظاهرات ( الأحد ) أسفرت عن بعض النتائج ، أبرزها مقابلة السيد مدير مكتب دولة رئيس مجلس الوزراء في مكتبه الخاص لمناقشة مطالب المتقاعدين وقام باطلاع ممثلي المتظاهرين عن الإجراءات التي تم اتخاذها بتشكيل لجان عمل مشتركة بين مجلسي الوزراء والنواب ووزارة المالية وهيئة التقاعد الوطنية ولا يزال العمل جاري بشأنها ، وردا عن الاستفسار حول أسباب عدم إدراج زيادة الرواتب ضمن الموازنة الاتحادية أجاب السيد مدير المكتب إن زيادة الرواتب تكون بقرار من مجلس الوزراء استنادا إلى الصلاحيات المخولة له حسب قانون التقاعد الحالي ، أما بخصوص تعديل قانون التقاعد لرفع الحيف الذي أصاب البعض فقد أوضح إن مسودته لدى اللجنة المالية وتجري عليه مناقشات مستفيضة للخروج بإعداد قانون تقاعد موحد ومنصف للجميع ، وتم استثمار اللقاء بتقديم طلب خطي لغرض لمقابلة السيد رئيس الوزراء وتم التهميش عليه من قبل مدير مكتبه ووضع في البريد الشخصي لدولة الرئيس وسيتم الإبلاغ عن نتائجه لاحقا ، وفي الوقت الذي نقف فيه إلى جانب المتقاعدين من باب العدل والإنصاف بمنحهم الحقوق التي يستحقونها ، فإننا ننقل دعوتهم لممثلي الشعب في مجلس النواب للوقوف مع من هم بأعمارهم او بأعمار آبائهم او أعمامهم او أخوالهم لإقرار الاستحقاقات التقاعدية بما يوازي الحقوق التي كفلها القانون ، ولا نقصد بذلك بالطبع رفع الحد الأدنى فحسب وإنما تعديل رواتب كل المتقاعدين لأنهم جميعا تضرروا من التضخم ولهم الحق في ثروات البلاد ، ونذكر أصحاب الضمائر الحية والإنسانية وحماة الوطن والمواطنة بان المكان المفترض للمتقاعدين ليس التظاهر في الشوارع والساحات ، وإنما التواجد في أماكن للرعاية والراحة والاسترخاء لقضاء ما تبقى من العمر في الرفاهية و الشعور برد الجميل والعرفان لهم بما يجازي الخدمات التي قدموها خلال سنوات خدمتهم المدنية والعسكرية ومراعاة كرامتهم الإنسانية ، وهي استحقاقات أغفلتها قوانين التقاعد التي صدرت منذ عقود ولم يمنحوهم سوى الرواتب التي لم تعد تكفي لمعيشة الكفاف من المأكل والملبس والأدوية وسائر المتطلبات ، وإعادة النظر برواتبهم من الواجبات التي لم تراعيها مجالس الوزراء التي تعاقبت بعد 2014 وحان الوقت لإدراجها كأولوية في اجتماع مجلس الوزراء ، والمتقاعدون وعوائلهم يعولون على السيد محمد شياع السوداني في تبني حقوقهم كونه عاهد بإصلاح ألأمور ووضعها بنصابها الصحيح بما يصب في المصالح العليا لخدمة العباد والبلاد .