محطات التوتر الصيني-الأمريكي
كتب / مهند كزار
الصين نجحت في تشتيت تحركات الولايات المتحدة الامريكية في المحيط الهادي وأوروبا وأخرها عبور الغواصة ( أوهايو فلوريدا ) قناة السويس عن طريق البحر الاحمر إلى الخليج العربي والتي تعمل بالطاقة النووية وتحمل ما يتجاوز (154) صاروخ كروز توماهوك حيث أعلن متحدث باسم الأسطول الخامس الأمريكي أن غواصة فلوريدا دخلت المنطقة يوم الخميس وعبرت قناة السويس يوم الجمعة وهي تعمل الآن في الشرق الأوسط دعما للأسطول الخامس المتمركز في البحرين الأحمر والمتوسط. ينظر خريطة رقم(3).
* نجاح بكين في استمالة فرنسا حيث أكدت النيويورك تايمز أن الدبلوماسية الفرنسية تقوض جهود الولايات المتحدة باحتواء الصين وان الرئيس الفرنسي ماكرون عندما زار الصين مؤخرا وأثناء الخطاب الذي ألقاه غلى جوار الرئيس الصيني قال بالحرف الواحد ( إن العالم يحتاج إلى عالم متعدد الأقطاب ) وطالب بزيادة التعاون الاقتصادي بين فرنسا والصين ولم يشر لا من قريب ولا من بعيد إلى وضع تايوان وهذا يؤكد خروج الحليف الرئيسي للولايات المتحدة الامريكية عن المألوف والمتعارف عليه في طبيعة العلاقة ما بين البلدين .
* نجاح الصين في دعم توجه دول الاسيان في الاعلان عن التخلي عن الدولار والين الياباني واليورو في المعاملات البينية فيما بينهم وجعل التجارة بين تلك الدول بالعملات الوطنية وهي ضربة كبيرة للدولار الامريكي خصوصا بعد الجهود الجبارة التي بذلتها الولايات المتحدة الامريكية من أجل ضم هذه الدول الى التحالف الياباني الكوري الجنوبي والاسترالي الداعم للتوجهات الامريكية .ينظر خريطة رقم (1).
* نجاح الصين بالاتفاق مع البرازيل على أن تكون التعاملات التجارية بين البلدين بالعملات الوطنية خصوصا وان البرازيل من الدول التي تمتلك مواد خام كثيرة تدخل في الصناعات المختلفة ومن الدول الصاعدة اقتصاديا .
* عززت الشركات الصينية وجودها بالقرب من مضيق هرمز في الشرق الأوسط وهو أحد أكثر ممرات نقل النفط ازدحامًا في العالم ويمر من خلاله حوالي ثلث النفط الخام المنقول في العالم بحرا والذي يفصل بحوالي 20 ميلا فقط إيران عن شبه الجزيرة العربية. ينظر خريطة رقم (4).
* الصين لديها قاعدة عسكرية واحدة فقط خارج أراضيها وهي في جيبوتي بالقرن الإفريقي، وجيبوتي دولة ذات موقع استراتيجي في مدخل البحر الأحمر، ازدادت أهمية موقعها مع تفاقم القرصنة الصومالية في تسعينيات القرن العشرين، والقاعدة الصينية بها ليست استثناءً، فهذا البلد الصغير الذي كان مستعمرة فرنسية ويجاور إثيوبيا العملاقة، يستضيف قواعد أمريكية صينية وفرنسية بجوار بعضها البعض، إضافة لقاعدة لكل ألمانيا، واليابان، وإيطاليا، وإسبانيا، وبريطانيا، إلى جانب منطقة عسكرية تابعة للاتحاد الأوروبي لكن بكين اكتسبت نفوذاً من خلال إقراض الأموال لمشاريع البنية التحتية في عدد من البلدان بما في ذلك سلسلة من الموانئ، وهو نفوذ تقول واشنطن وغيرها من منافسي بكين إن هدفه الأساسي بعيد المدى قد يكون إقامة قواعد عسكرية. ينظر خريطة رقم (5).
* قيام الصين في تطويق تايوان من جميع الجهات والقيام بتفتيش السفن الداخلة اليها واجراء مناورات ومحاكات لضرب أهداف رئيسية فيها بعد الزيارة التي قامت بها رئيسة تايوان إلى الولايات المتحدة الامريكية والتي التقت فيها برئيس الكونغرس الامريكي كيفن مكارثي وأن المسؤولون الصينيون عبروا عن غضبهم بالفعل على هذه الزيارة ووصفوا الاجتماع بأنه “انتهاك خطير” لمبدأ الصين الواحدة، مضيفين أن الولايات المتحدة “تجاوزت الخط الأحمر وتتصرف بشكل استفزازي” ، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية. ولا بد من الاشارة إلى احتدام الاجواء داخل الجزيرة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية والتي تراها واشنطن بانها الاكثر خطورة بعد تصاعد تأييد حزب الكومنتانت المدعوم من بكين التي تعتبر جزيرة تايوان البالغ عدد سكّانها 23 مليون نسمة جزءًا لا يتجزّأ من أراضيها ولم تتمكّن بعد من إعادة توحيدها مع بقيّة أراضيها منذ نهاية الحرب الأهلية الصينية في 1949 وتنظر باستياء إلى التقارب الجاري منذ سنوات بين السلطات التايوانية وواشنطن التي تُقدّم للجزيرة دعمًا عسكريًّا مهمًّا رغم عدم وجود علاقات رسميّة بينهما. ينظر خريطة رقم 2.
* توسط بكين في توقيع الاتفاقية السعودية إلايرانية والتي اعتبرت صفعة على وجه الولايات المتحدة الأمريكية ليس فقط لأنها جاءت في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة وإسرائيل إقامة محور إسرائيلي عربي ضد طهران في الشرق الأوسط، ولكن أيضاً لأن الجهة التي توسطت في الاتفاق هي الصين المنافس الأكبر لواشنطن وذلك يشير إلى تراجع واشنطن في المنطقة وعلاقتها مع الرياض.
* نجاح الصين وبالتعاون مع روسيا والمملكة العربية السعودية في خفض أنتاج أوبك بلس بمقدار نحو 1.66 مليون برميل يوميا، تضاف إلى مليوني برميل تم توزيعها بين الأعضاء الـ23 في التحالف ابتداء من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وخلال الأيام السابقة لاجتماع دول المنظمة في فيينا يوم 5 أكتوبر أجرت وزارتا الخارجية والطاقة الامريكيتان اتصالات مكثفة مع مسؤولين في الدول الصديقة لواشنطن الأعضاء في منظمة (أوبك) لحثهم على التصويت ضد خفض إنتاج النفط، إلا أن اجتماع فيينا جاء عكس متمنيات حكومة الرئيس الامريكي جو بايدن.
* إعلان الفلبين عن السماح للولايات المتحدة الأمريكية باستخدام 4 قواعد عسكرية إضافية في الفلبين حيث تقع إحدى هذه القواعد بالقرب من بحر جنوب الصين والثانية بالقرب من تايوان .ينظر خارطة رقم (6).
* قيام الولايات المتحدة الامريكية بإرسال المدمرة “يو إس إس ميليوس”، وهي مدمرة مزودة بصواريخ موجهة عبر بحر الصين الجنوبي على بعد نحو 1300 كيلومتر جنوب تايوان وقد أدانت الصين انتهاك السفينة الحربية “بصورة غير قانونية” لمنطقة في بحر الصين الجنوبي تطالب بها بكين إلا أن واشنطن قالت إن السفينة تبحر في إطار حرية الملاحة البحرية عبر المياه الدولية وهو ما يأتي في إطار السياسات الأمريكية الرامية إلى الاستعداد لأي حرب محتملة مع تايوان كما أن واشنطن تهدف من هذه القواعد إلى مراقبة التحركات الصينية العسكرية في بحر الصين الجنوبي. ينظر خرطة رقم (7).
* إعلان وزارة الدفاع اليابانية أنها سوف تشرع في بناء قاعدة جديدة في جزيرة ميج في كاجوشيما لنقل موقع تدريب المُقاتلات الأمريكية من جزيرة إيووتو في المُحيط الهادئ، على بُعد حوالي 1250 كيلومتراً جنوب طوكيو إلى القاعدة الجديدة كما أن القاعدة الجديدة ستكون “لا غنى عنها” لحاملات الطائرات الأمريكية للعمل باستمرار في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وقد علقت اليابان على القاعدة بالقول إنها تأتي في وقت تتسم فيه البيئة الأمنية بأنها الأشد تعقيداً في حقبة ما بعد الحرب الباردة في إشارة إلى تنامي قدرات الجيش الصيني واتجاه الولايات المتحدة إلى تحجيم تهديداته بما يحمله ذلك من تنامي التوتر في جنوب شرق آسيا. ينظر خريطة رقم (8).
ويمكن القول إن الحرب الباردة الأمريكية الصينية قد بدأت في جنوب شرق آسيا، وأنها مرشحة للانتقال في أي لحظة إلى مواجهة عسكرية في ظل المؤشرات على استمرار الدعم الأمريكي لتايوان والتحركات الأمريكية في الشرق الأوسط .