مافيات وأدوية
كتب / عبد الهادي مهودر ..
تنشر منظمة الصحة العالمية تقارير مرعبة عن موت مئات الآلاف من البشر سنوياً بسبب الدواء المغشوش،ولاندري كم تبلغ نسبة العراقيين من تجارة الموت التي تستهدف صحة الانسان والاقتصاد على حدٍ سواء،حيث تحقق مافيات الدواء في العالم أرباحاً طائلة منها لكن المرضى يخسرون أموالهم وحياتهم في آنٍ واحد حين يشترون الدواء المغشوش بأسعارٍ مرتفعة ، ولاتنجو حتى الدول المتقدمة من مافيات الغش الدوائي وإن كان بدرجة أقل من الدول الفقيرة لكونها دولاً مصنّعة للأدوية ومسيطرة عليها ومحققة لأمنها الدوائي.
وفي العراق كما في دول العالم المستوردة للدواء تنتشر أصناف عديدة من الأدوية المغشوشة ومنتهية الصلاحية التي تفتك بالناس وتسرّع بوفاتهم، وفي وقت تزداد حاجة المرضى إليها كمنقذ تتحول الأدوية إلى سم قاتل تتاجر به مافيات الموت، وتأتي خطورتها في العراق من كثرة الدواء المستورد ومن التهريب الذي تعلن عنه هيأة المنافذ الحدودية بين حين وآخر ، كما أصبح الدواء سلعة رائجة في السوق السوداء مع ارتفاع أسعاره وبالأخص الأدوية المنقذة للحياة ولمرضى السرطان ، وقد كشف رئيس الوزراء في آخر لقاء مع منتجي الأدوية عن استيراد العراق مانسبته %90 من حاجته للأدوية بقيمة ثلاثة مليارات دولار سنوياً وانتاج %10 فقط محلياً ، مع أن صناعة الدواء في العراق حققت نجاحاً عبر مصنع ادوية سامراء والمصانع والشركات المحلية المنتجة وكان يجب ان يتضاعف انتاجها كماً ونوعاً ويزداد عدد مصانع الادوية ، ولعل قرار (توطين صناعة الادوية) في العراق هو واحد من أخطر القرارات التي اتخذتها الحكومة العراقية على طريق منع انفلات الدواء وإطلاق الصناعة الدوائية،وصحيح أن هذا التوجه كان يجب البدء به قبل سنوات عديدة ليقطع مراحل متقدمة لكن اعتباره هدفاً لحكومة السوداني "وواحداً من متبنياتها في برنامجها الخاص وليس شعارا"كما قال رئيس الوزراء يكشف عن مايمكن وصفه بمعركة لتوطين الصناعة الدوائية،وهي معركة وطنية فوق السياسة والانتماءات لابديل عن المضي بها لتحقيق هدف(صنع في العراق) الذي يهدد بطبيعة الحال مصالح المتاجرين بالأدوية الفاسدة ويهدد المستفيدين من موت الصناعة الوطنية ومن تحويل العراق إلى ممر ومقر لمافيات الدواء بعد مافيات المخدرات وإلى سوق لتصريف منتجات الدول القريبة والبعيدة ومجرد ( مول ) كبير.