أفتونا مأجورين
كتب / ماجد علاوي ...
ما الشرعية الدستورية لاستثناء محافظات إقليم كردستان من قسم كبير جدا من النفقات الاتحادية، واستقطاعها من نفقات المواطنين في المحافظات الأخرى
هناك مسألة خطيرة لم تأخذ حقها من النقاش، حسب علمي، ما عدا ما سبق لي أن أثرته حولها (1)، ألا وهي مسألة النفقات الاتحادية في الموازنة وتسميتها نفقات سيادية وما ترتب على ذلك من توزيع الموارد وتحمل النفقات تبعا لصفقات التشكيل الحكومي.
ولمعرفة القوى الضاغطة في توزيع النفقات من المفيد الرجوع إلى ما كتبه السيد مايكل نايتس الخبير في معهد واشنطن في الشؤون العراقية وبالأخص في علاقات إقليم كردستان مع الحكومة الاتحادية ورسم حدودها ومحرماتها، وهو يمثل صوت الإدارة الأمريكية خارج الإطار الدبلوماسي.
كتب السيد مايكل نايتس عند إعداد مشروع موازنة 2021 (2) [حان الوقت الآن لكي تساعد واشنطن حلفاءها من خلال حثّ بغداد على تعديل مطالبها الاقتصادية المتسرعة من «حكومة إقليم كردستان» ... إعادة احتساب "النفقات السيادية" الخاصة ببغداد بشكلٍ أكثر عدلاً إلى جعل الأكراد أقرب إلى هذا المبلغ دون زيادة حصتهم من الإنفاق الاتحادي... يجب ممارسة هذا الضغط على الصعيدَين العام والخاص، وبالتنسيق مع جهود "صندوق النقد الدولي" و "البنك الدولي" و"الأمم المتحدة" و"الاتحاد الأوروبي"].
ما الذي يعنيه “دون زيادة حصة الأكراد من الإنفاق الاتحادي” بالأرقام والذي أعيد تطبيقه بحذافيره في مشروع موازنة 2023؟
معلوم أن النفقات الاتحادية (الدوائر والأجهزة والتشكيلات التي تمارس مهام اتحادية) تمول من الإنفاق الفعلي في الموازنة ويتحملها المواطنون بالتساوي، ولا يستثنى مواطنو أي محافظة من هذه النفقات إلا إذا فقدت صفتها الاتحادية وصنفت كنفقات محلية مختصة بهذه المحافظة أو تلك. وكلما ازداد مجموع النفقات الاتحادية قلت حصص النفقات الأخرى ومن ضمنها حصة إقليم كردستان البالغة 12.67%. ولأجل تسهيل التحكم بتوزيع موارد الدولة ضمن صفقات حكومات المحاصصة سميت النفقات الاتحادية نفقات "سيادية" منذ الموازنة الأولى في عام 2006. وبمساعدة هذه التسمية استبعدت نفقات اتحادية هائلة تقرب من الثلث من مجموع النفقات الاتحادية في مشروع الموازنة، مع أن الكثير منها هي سيادية في أي اعتبار، كوزارة المالية ووزارة التخطيط ومجلس الدولة وغيرها...، وبذلك فإن حصة الإقليم البالغة 12.67% من المتبقي من النفقات ازدادت بنفس نسبة تقليل النفقات الاتحادية. ولتمويل النفقات الاتحادية التي لم تدخل في النفقات التي سميت سيادية فإنها استقطعت من متبقي النفقات التي ستوزع على بقية المحافظات، أي أن الإقليم استثني من تحمل هذه النفقات الاتحادية التي لم تعط صفة السيادية وحملت على حصص المحافظات الأخرى من الإنفاق.
إن هذا الاستبعاد لنفقات اتحادية يبلغ مجموعها حسب القائمة المرفقة (27,084) سبعة وعشرون تريليونا وأربعة وثمانون مليار دينار من مجموع النفقات "السيادية" التي تطرح من مجموع الإنفاق أدى إلى استثناء إقليم كردستان من تحمل نفقات اتحادية وتحميلها على حصص المحافظات المتبقية في العراق تبلغ (3,432) ثلاثة تريليونات وأربعمائة وإثنان وثلاثون مليار دينار [لقد اجتهدنا في تحديد النفقات الاتحادية الواردة في القائمة ولم نضم إليها تخصيصات وزارات مثل الصحة أو الكهرباء البالغة تخصيصاتها حوالي 18 تريليون دينار، ولا نفقات عاصمة الاتحاد التي هي اتحادية بموجب الدستور، ولا وزارة العدل واعتبرناها نفقات محلية غير اتحادية بسبب طبيعة نشاطها المحصور بالمحافظات خارج الإقليم حسب تقديرنا غير الموثق. والقائمة قابلة للتمحيص والتدقيق والمراجعة من الجهات المختصة، ولكن ضمن مبدأ احتساب جميع النفقات الاتحادية بدون استثناء].
وبالإضافة إلى النفقات الاتحادية غير المطروحة من إجمالي النفقات لم يطرح مشروع الموازنة من حصة الإقليم المفصلة في الجدول الخاص بها (3) مبالغ تقاعد موظفي الإقليم (4) التي تدفعها الحكومة الاتحادية والبالغة (1,345) تريليون وثلاثمائة وخمسة وأربعون مليار دينار. وبذلك يبلغ مجموع هذا الاستثناء (الجدول المرفق) الذي ذهب إلى حصة الإقليم مستقطعا من تخصيصات المحافظات الأخرى (4,777) أربع تريليونات وسبعمائة وسبعة وسبعون مليار دينار [(3,789) [ثلاث مليارات وسبعمائة وتسعة وثمانون مليون دولار].
تقول المادة 14 من الدستور العراقي "العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية" فبأي حجة شرعية التي سمح بهذا التجاوز على الدستور؟ أن هذا التجاوز على الدستور، إن طعن به أمام المحكمة الاتحادية، فمن المرجح بما يصل إلى درجة اليقين بتقديري، أن المحكمة ستحكم بان استثناء محافظات الإقليم من قسم كبير جدا من النفقات الاتحادية وتحميلها على المحافظات أخرى أمر مخالف للمادة 14 من الدستور، وسندخل في دوامة لا خروج منها بشأن الموازنة.
لتوخي العدل في توزيع موارد الدولة يجب طرح مجموع النفقات الاتحادية (وليس بدعة ما يسمى "سيادية" القابلة للمط والضغط) من إجمالي الإنفاق وبعد ذلك يقسم الباقي على حصص الإنفاق الأخرى.
أكرر، ما الشرعية الدستورية لاستثناء محافظات إقليم كردستان من قسم كبير جدا من النفقات الاتحادية، وتحميلها على نفقات المواطنين في المحافظات الأخرى؟ هل "نصائح" السيد مايكل نايتس تنزيل مقدس فوق الدستور! من يرتضي أن أهلنا وثرواتهم حطب للحروب وكل المصائب، وعند توزيع موارد الدولة، المتأتية بنسبة أكثر من 90% منها من ثرواتهم النفطية، تسرق اللقمة من أفواه أطفالهم وتذهب إلى خزائن العائلة المالكة في الإقليم!
أفتونا مأجورين.
(1) ماجد علاوي/ أيها السادة: لقد وصلتم إلى نهاية الطريق – 16/1/2021
(2) مايكل نايتس "العلاج بالصدمة سيقضي على اقتصاد «كردستان العراق»" – معهد واشنطن 13/11/2020.
(3) الصفحات 53 - 56 من النسخة الإلكترونية لمشروع قانون موازنة 2023.
(4) سادسا - ب- تقاعد المحافظات لإقليم كردستان/ ص 102 من النسخة الإلكترونية لمشروع قانون موازنة 2023.
لتوخي العدل في توزيع موارد الدولة يجب طرح مجموع النفقات الاتحادية (وليس بدعة ما يسمى "سيادية" القابلة للمط والضغط) من إجمالي الإنفاق وبعد ذلك يقسم الباقي على حصص الإنفاق الأخرى.
أكرر، ما الشرعية الدستورية لاستثناء محافظات إقليم كردستان من قسم كبير جدا من النفقات الاتحادية، وتحميلها على نفقات المواطنين في المحافظات الأخرى؟ هل "نصائح" السيد مايكل نايتس تنزيل مقدس فوق الدستور! من يرتضي أن أهلنا وثرواتهم حطب للحروب وكل المصائب، وعند توزيع موارد الدولة، المتأتية بنسبة أكثر من 90% منها من ثرواتهم النفطية، تسرق اللقمة من أفواه أطفالهم وتذهب إلى خزائن العائلة المالكة في الإقليم!
أفتونا مأجورين.
(1) ماجد علاوي/ أيها السادة: لقد وصلتم إلى نهاية الطريق – 16/1/2021
(2) مايكل نايتس "العلاج بالصدمة سيقضي على اقتصاد «كردستان العراق»" – معهد واشنطن 13/11/2020.
(3) الصفحات 53 - 56 من النسخة الإلكترونية لمشروع قانون موازنة 2023.
(4) سادسا - ب- تقاعد المحافظات لإقليم كردستان/ ص 102 من النسخة الإلكترونية لمشروع قانون موازنة 2023.