الوطن الموازي!!
كتب / عامر ممدوح
اكتب هذا العنوان مستأذناَ من المنشغلين والمهووسين بنظرية العالم الموازي، وتعدد الأكوان، ذلك اني لم اجد وصفاً ينطبق علينا اليوم من نظريتهم تلك المثيرة للاهتمام.
فثمة وطن موازٍ لما نعيش فيه، انه ان شئت عالمين بين ظاهر وباطن، يحتاج فهمه إلى بعضٍ كثيرٍ من التأويل وفك الرموز والأسرار، قوامه تناقض حاد بين صورة يروج لها وتراه ظاهراً، وصورة أخرى نعيشها ونلمسها عياناً.
وكأننا كما قال الدكتور علي الوردي رحمه الله وهو يؤسس لنظريته الاجتماعية نعيش حالة الازدواجية بأشد ما تكون عليه، في قولنا وفعلنا وأفكارنا.
الوطن الأول أو الظاهر، هي الصورة التي نتمنى، وهو الواقع الافتراضي الذي يشابه إلى حدٍ بعيد عوالم التواصل الاجتماعي التي غرق بها الناس حتى كادوا يفقدون حياتهم وهم لا يرجون النجاة!!
مبادئ سامية، وشعارات رنانة، وطهرٌ يترفع عن كل الأدران!!
والوطن الثاني او الباطن، هو الكثير مما نعيشه ونراه لكننا لا نريد حتى تصديق عيوننا وهي تبصره ليل نهار، ربما كي لا تخدش مشاعرنا أو لعله حتى لا يزعجنا ألمه ومعاناته!!
شظف عيش، وارتهان وامتهان، وهوية هشة، وفساد أتي على القواعد فأحال الوطن كله إلى هيكل خاوٍ، وميراث ضخم من الكراهية التي يزرعها البعض زرعاً حتى لا تنسى وتضيع عليه بضاعته المزجاة!!
أما الشعب المسكين فهو في منزلة بين المنزلتين، يحن إلى الوطن الأول، ويكتوي مرغماً بالوطن الثاني، وهو لا إلى خلاص ولا قرار!!
قاسية تلك الكلمات نعم، ولكنها حكاية ترويها ألسنة المناطق الفقيرة، والأخرى المتخمة بالمال الحرام!!
مؤلمة تلك الكلمات نعم، ولكنها لن تكون باعثة على الاستسلام بأي حالٍ من الأحوال، بل على العكس، هي تثير فينا الحافز لنزور الوطن الموازي بنيّة التغيير، ونصحح البوصلة، ونحقق التطابق بين العالمين، ونعيد الاندماج!