الموازنة الاتحادية في ساحة الحكومة للتنفيذ بعد زوال الأعذار
كتب / د. باسل عباس خضير
اجتمعت أمس ( الاثنين 7 آب 2023 ) ثلاثة أحداث مهمة تتعلق بالموازنة الاتحادية لسنة 2023 والتي من المخطط أن تسري لمدة ثلاث سنوات ، الأول يتعلق بصدور قرار المحكمة الاتحادية بخصوص الطعون التي قدمها رئيس مجلس الوزراء بشان بعض مواد الموازنة الواردة في القانون 13 لسنة 2023 ، والثانية تتعلق بقرار المحكمة الاتحادية الذي تضمن رد بعض الطعون شكلا المتعلقة بعدم دستورية مواد بقانون الموازنة ، والثالثة صدور العدد 4731 من جريدة الوقائع العراقية والذي تضمن في احد فقراته نشر تعليمات بالعدد ( 1 ) لسنة 2023 بعنوان ( تسهيل تنفيذ قانون الموازنة الاتحادية للسنوات 2023 – 2025 ) ، وسواء كان اجتماع هذه الحالات الثلاث بمحض الصدفة او بالاتفاق فان ذلك يعني إن الموازنة استكملت جميع جوانبها وباتت واجبة التطبيق ، وان تنفيذ ما فيها أصبح في ساحة الحكومية الاتحادية ومن خلال وحدات الصرف بعد زوال كل الأعذار ، والموازنة استعصت على العراقيين بعد أن امضوا عام 2022 بدون موازنة والاضطرار بالصرف بمعدل 1/ 12 كما امضوا أكثر من 7 أشهر من العام الحالي بانتظار حل الإشكالات والحالات المتعلقة بتنفيذ الموازنة ، وللناس مصالح في تنفيذ الموازنة فهي تتضمن تخصيصات ب200 تريليون دينار وفيها تعيينات تمت المباشرة بها لأكثر من 800 ألف مواطن ولم تصرف الرواتب لحد اليوم ، كما تعني علاوات وترفيعات وزيادات مستحقة لم تصرف منذ سنوات بانتظار الموازنة ، كما إن اغلب المشاريع والخدمات توقفت او تلكأت بسبب التخصيصات المالية او عدم وجود أوجه للصرف ومنها الماء والكهرباء والإعانات والخدمات وكثيرا من الأمور .
والحالات الثلاث التي اشرنا لها في أعلاه من شانها أن تزيل العديد من حالات اللبس والالتباس ، فقرار المحكمة الاتحادية المتعلق بالطعن ببعض مواد الموازنة حسم الجدل بشان الموضوع وكانت نتيجته قبول الطعن ب7 مواد ورد الطعن ب6 مواد ، فقد الغي النص الذي يسمح للمحافظين التعاقد مع المطورين كما الغي النص الذي يقيد مجلس الوزراء في التصرف بتحديد أماكن عمل أصحاب الدرجات العليا ممن لا مناصب لهم إذ اعتبر الموضوع من صلاحية المجلس وليس بناءا على طلب المعفيين ، كما ألغت المحكمة النص بتخويل اللجان الفرعية بتعويض الممتلكات بمبالغ لا يزيد عن 50 مليون دينار وأعيد الموضوع لأصله ، كما ألغت المحكمة النص الذي يجيز استقطاع نسبة واحد بالألف من الراتب الكلي لموظفي الدولة لمصلحة صندوق الشهداء ، كما لم تؤيد المحكمة استقطاع واحد بالألف من الراتب الكلي للمنتسبين في الداخلية لمصلحة صندوق شهداء الشرطة ، كما تمت الموافقة على تعطيل النص الذي يسمح إضافة تخصيصات لذرعات العمل خلال الخمسة أشهر الأولى من العام الحالي ، فضلا عن عدم العمل بنص المادة 72 التي سمحت باستيفاء 2% من حصيلة الديون وتوزع 80% منها حوافز لموظفي التنفيذ و20% لدائرة التنفيذ ، أما الأمور التي ردت الطعن بها فتتعلق بالاستقطاع الوارد بالقانون 2 لسنة 2016 إذ تم الإبقاء على الاستقطاع وتحويله إلى حساب صندوق الشهداء ، كما تم رد الاعتراض على تعيين 150 موظف في مجلس النواب ، ورد الطعن على الغاء استثناء مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا من قرار إيقاف التعيينات ، وتم الإبقاء على النص الذي يسمح لمجالس الجامعات التعاقد مع القطاع الخاص بعقد مشاركة في مجال بناء المستشفيات التعليمية والمختبرات الاستثنائية والمصانع العلمية وغيرها بما يخدم الدراسات الأولية والعليا والبحث العلمي والمجتمع ، ومن الأمور التي رد الطعن بها نص المادة 71 التي تلزم الحكومة بإنهاء إدارة مؤسسات الدولة كافة بالوكالة في موعد أقصاه 30 تشرين الثاني 2023 وإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات للوكالات وعلى مجلس الوزراء إرسال ترشيح الدرجات الخاصة قبل 30 يوم من الموعد أعلاه ، وردت المحكمة الاتحادية أيضا الطعن الذي قدمته الحكومة على نص المادة 75 المتضمن ( يعتمد التاريخ 31/ 12 / 2019بدل التاريخ 2/ 10 / 2019 المعتمد بقرار مجلس الوزراء 315 لسنة 2019 في الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة ) .
ونشير هنا إلى إن قرار المحكمة الاتحادية المتضمن الرد الشكلي بالطعون المقدمة على قانون موازنة 2023 لان مقدمي الطعون ليست لهم مصالح ناشئة عن القانون يعطي الإشارة بانتهاء كل الطعون التي يمكن أن تقدم بخصوص الموازنة الاتحادية لثلاثة اعوام ، كما إن نشر تعليمات تنفيذ الموازنة يعني من الناحية القانونية انتهاء جميع الاعتراضات والتعديلات على مواد وجداول الموازنة وقبولها بالشكل الذي تضمنه بيان رئاسة الجمهورية المنشور في الجريدة الرسمية في شهر تموز الماضي ، مما يعني إن كل كلمة وحرف ورقم ورد في الموازنة ولم يقبل الطعن فيه أصبح واجب التنفيذ اعتبارا من تاريخ نفاذ الموازنة الاتحادية في 1/ 1/ 2023 ، والسؤال الذي يتبادر لدى البعض هل إن الحكومة مهيأة من حيث التخصيصات المالية وتوفر السيولة النقدية في تنفيذ ما عليها من التزامات منذ بداية السنة وبأثر رجعي ؟، وفي حالة توفر السيولة والأموال فهل إن إطلاق الصرف بهذه الكمية سيؤثر على حركة الأسواق دون أن يسبب ذلك تضخم في الأسعار في ظل الازمات التي تشهدها البلاد وأبرزها عدم قدرة البنك المركزي ومن يقف معه في السيطرة على أسعار صرف الدولار التي تزيد عن 1500 دينار مقابل الدولار في حين إن لسعر الرسمي هو 1320 ؟، والسؤال الأكثر حرجا هل يستطيع مجلس الوزراء من انجاز إيقاف العمل بالوكالات في مناصب الدولة التي تبلغ الآلاف في موعد أقصاه نهاية تشرين الثاني القادم ؟، وهل سيسحب مجلس النواب الصلاحيات الإدارية والمخصصات المالية لمن يشغلون المناصب بالوكالات ؟ ، وهناك أسئلة وتساؤلات كثيرة بصدد الموضوع نتمنى أن نجد لها إجابات او ننتظر لما ستؤول إليها الأمور بأزمات او تسويات ، دون أن ننسى مواعيد انتخابات مجالس المحافظات القريبة جدا من موعد انتهاء العمل بالوكالات ؟! .