كركوك وتقاطع الطرق..!
كتب / د. ظفر التميمي ||
السلام عليكم جميعا /
يعد الدستور العراقي لعام ٢٠٠٥ احد الثغرات التي اوجدها حكام العراق لأنفسهم بعد عام ٢٠٠٣ بشكل مستعجل ، وكانهم بدستورهم هذا قد طوقوا انفسهم وطريقهم السياسي والذي ما عاد محملا بورود الاستقلال والسيادة ، بل احيط بهم من كل جانب باشواك الشركاء وطمعهم باكثر من حقهم في العراق الجديد ، فالمناطق المتنازع عليها اصبحت وسيلة للابتزاز الكردي وأضحت الحكومة الاتحادية خير من يتنازل مرارا وتكرارا عن حق لا تمتلكه من الاساس ، ومن هذه التضحيات غير المبررة هو محافظة كركوك ، او ما اصطلح على تسميتها بمحافظة التأميم في ظل النظام السابق ، فهذه البقعة من العراق تكتظ بالتساؤلات اكثر من اكتظاظ الحجيج في مكة ، اذ تتعدد فيها الاعراق بين عرب واكراد وتركمان ومسيحيون ، كما تتنازعها الاديان جميعا ، وهي المحافظة الغنية بالنفط والغاز غير المستثمر كما يجب ، كما انها الطريق الامثل والاقصر لمد الانابيب الى الموانىء العالمية ، وهي تمثل نقطة التفاف حول المناطق الاستراتيجية المهمة بين محافظتي ديالى وبغداد ، وبالتالي الاقرب الى حدود الجمهورية الإسلامية الايرانية ، والاكثر استفزازا لها ، ولذا ترى الاكراد مندفعين لتمهيد حصولهم على ما يدعون بانه استحقاق تاريخي في مناطق ذات اغلبية عربية في ديالى ، والحقيقة ان الوصول الى ديالى و وضع اليد عليها اهم من كركوك ، فهو يعني التحكم بطرق الامداد اللوجستية المدنية والعسكرية للحكومة العراقية وحلفائها ، ولم تغفل تركيا عن هذا الامر ، فدخلت المنافسة مع الاكراد بادعاء تمثيلهم للمكون التركماني ، وتعرضه للمظلومية ، وبالتالي فان المحورين التركي والكردي يلتقيان في طريق المنافسة على الاستثمار النفطي والغازي وامكانية توسيع القواعد العسكرية لهم ولحلفائهم ، وكل ذلك يجري في ظل صمت مطبق ومثير للشك من قبل الحكومة الاتحادية والتي كلفت الشعب العراقي في السنوات الماضية الكثير من التضحيات دفاعا عن محافظة كركوك لاستردادها من فكي الحكومة الكردية .
وبامعان النظر فيما يجري ، فاننا نعتقد بان التحرك الكردي قد تم بموافقة الحكومة الاتحادية في ظل التنازلات التي اقدمت عليها الاحزاب العربية السنية والشيعية قبل تشكيل الحكومة سابقا .
وان المناورة حول احقية الاكراد بكركوك يتضمن اكثر من احتمالية ، اولها ان العرب واقصد هنا الحكومة باحزابها ذات الاغلبية الشيعية تراهن على الدخول في تنافس حزبي مع الاكراد ، وهو احتمال فاشل لن تحصد منه احزاب الشيعة على اي نجاح يذكر ، والاحتمالية الثانية هو جر القوات العسكرية النظامية متمثلة بالجيش العراقي ومضافا له الحشد الى المواجهة مرة اخرى ، وهذا اضعاف مقصود للحكومة والحشد في ظل ظروف غير مستقرة سياسيا ، اما الاحتمالية الثالثة فتتمثل بالضغط على الجانب التركي لمنحهم احقية التدخل في الشؤون الداخلية ، وهنا يمكننا القول بان التنافس سيكون كرديا – تركيا وليس للعراق الا دور المتفرج !
العجيب ان الحكومة الاتحادية ترغب بان يطلق عليها تسمية حكام بغداد كما كان الامر في ظل النظام السابق ، والذي فقد سيطرته أثناء الحصار الاقتصادي لتصبح بغداد مرتعه الوحيد فقط للمغامرات السياسية غير المحسوبة ، والسؤال هنا هو :- ما هي المنافع من التنازل عن كركوك لصالح الاكراد ، واين تكمن مصلحة الاحزاب الشيعية بذلك ، في ظل غضب شعبي كامن في النفوس قد ينفجر في اية لحظة !؟