مرجعية الفاتيكان الدينية وأمريكا والمثلية الجنسية!؟
كتب / علاء كرم الله
منذ أن أوجد الله عز وعلا كوكب الأرض ، وعلى الرغم من كل المخاطر التي مرت على هذا الكوكب وما شهده من براكين وزلازل وفياضانات وأعاصير ورياح وحرائق وأوبئة وأمراض وحروب وما الى ذلك ، ألا أنه أستمر بالعيش وبشكل طبيعي بسكانه ال 8 مليار وأستطاع ان يحتوي كل هذه المصائب والكوارث وأن يعيد ويجدد بناء نفسه لتستمر الحياة فيه . ألا أن هذا الكوكب وتقريبا منذ منذ فترة ليست بالقصيرة ، بدأ يتعرض الى خطر جديد لم يعرفه ويألفه سابقا! ، خطر بات يهدد كيانه الأنساني ونسيجه الأجتماعي والأخلاقي وبالتالي يهدد وجوده السكاني، ألا وهو( المثلية الجنسية ، وموضوع الجندرة)! ، حيث وجدوا سكان هذه الأرض على أختلاف أجناسهم ومللهم ونحلهم وألوانهم وأشكالهم ولغاتهم ، بأن هذا الخطر وهذه الأفكار اذا تم تطبيقها والعمل بها فأنها بالأكيد ستهدد، وجودهم ولربما الى أنقراضهم وسوف تقلب حياتهم رأسا على عقب! . ومن الضروري أن نذكر هنا أن الأمريكان هم من تبنوا هذا الخطر الجديد وهم من يقفون وراءه ، ولا غرابة في ذلك!! ، فالعالم كله يعرف وبيقين تام أن ما من مصيبة تحدث بهذا العالم لابد وأن أمريكا تقف ورائها لأنها فعلا عنوان كبير للشر وللخطيئة والأثام وتدمير الأنسان والشعوب!! . فقد باتت أمريكا وباقي دول الغرب ( ونقصد هنا الحكومات) ، تفرض المثلية الجنسية كأمر واقع لا مفر منه! ، وقد أنقسمت المجتمعات الأوربية ، حيال هذا الأمر الشاذ الذي باتت تحصنه وتفرضه قوانين الدولة!! ، فمنهم من تقبله كأمر واقع لا مفر منه ! ، ومنهم من رفضه ولم يقتنع به لمشاعر دينية أو أخلاقية أو نفسية أو جسدية أو جنسية! ، حيث وجدوا في الأمر شذوذا واضحا وخروجا عن المألوف وعن فطرة الله التي خلق بها الأنسان! ، ولكنهم ظلوا في حيرة من أمرهم فلا حيلة لهم للتخلص منه! ، لأن أمريكا وباقي الحكومات الغربية بدأت تفرضه وتنشره بين الناس أبتداء من الروضة والمدارس الأبتدائية! وصولا الى باقي المراحل الدراسية ومفاصل الحياة الأجتماعية. ومن المفيد أن نذكر هنا بأن موضوع (المثلية الجنسية) الذي بات الشاغل الأكبر للعالم أجمع ، لأنه صار يهدد كيان الأسرة والمجتمع وبالتالي سيؤدي الى أنقراض الأنسان! ، كانت له مقدمات فلم يكن طرحه مفاجأ !! ، ولكنه لم يكن بهذه التسمية بل تم طرحه بصيغة أخرى للتغطية على مضمونه! حيث ((أعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة ، أتفاقية للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بموجب قرارها رقم 34/180 في 18/ كانون الثاني / من عام 1979 ! ، ودخلت الأتفاقية حيز التنفيذ في 3/9/1981 كمعاهدة دولية شاملة وملزمة قانونا على الصعيد العالمي ، تهدف منها الى القضاء على كل أشكال التمييز على أساس الجنس ضد المرأة ؟!)) ، ولا بد أن نذكر هنا بأن هذه الأتفاقية عرفت فيما بعد بأتفاقية (سيداو) التي تتنافى فقراتها وتتقاطع تماما مع تعاليم الشريعة الأسلامية السمحاء!!؟ ، ولا بد من الأشارة بأن عدد من الدول العربية أعلنت عن رفضها وتحفظها بالعمل بوثيقة ( سيداو) مثل (السعودية وقطر والكويت) ، لأنها تتنافى مع أحكام الشريعة الأسلامية ومع ما جاء بالقرآن الكريم فيما يخص الرجل والمرآة والأسرة والولاد والأطفال . من جانبها فقد أكدت الولايات المتحدة بأعتبارها هي من تبنت طرح هذا الموضوع والتأكيد والتشديد عليه! ( أن جميع دول العالم أذا ارادت أن تقيم علاقات جيدة مع القوى العظمى فيجب عليها أن تقبل بزواج (المثليين / أمرأة مع أمرأة ورجل مع رجل!) ، وتطرفت جمهورية ألمانيا الى اكثر من ذلك! ، عندما وقعت قبل أيام ، على قانون (يسمح لزواج الأخ من الأخت والأم من الأبن والأبنة من الأب!!) ، أما كندا فسمحت بممارسة الجنس مع الحيوانات!! ، وفي أسبانيا صار مسموح مشاهدة الأفلام الأباحية في المدارس الثانوية والجامعات ، وأيضا تم أعلان مدينة ميامي الأمريكية كمدينة لمشتريات الجنس العامة ، وهذا يعني بأنك بأمكانك أن تتمتع بها في أي مكان حتى ولو بالكنيسة نفسها ! ، كما أقرت أمريكا قوانين أعطت بموجبها الأذن بدعارة القصر! ، والأخطر في ذلك فقد سمحت أمريكا بفتح كنائس شيطانية علنا! وللتوضيح أن (( الكنيسة الشيطانية هي منظمة تضم مجموعة من الأشخاص يمارسون الديانة الشيطانية ، وهي ديانة الملحدين الذين لا يؤمنون بالله ، ولا بأبليس ، ولا بالحياة بعد الموت ، وبناء على ذلك فهي تدعوا ، الناس أن يستمتعوا بحياتهم الحالية ، وأن يحيونها كاملة كما يحلوا لهم.!!)) . والسؤال هنا : ماهو موقف الكنائس المسيحية على أختلافها من مثل هذه الطروحات والأفكار التي تتنافى مع فطرة الأنسان الذي خلقه الله ، ومع القيم والمباديء الأخلاقية والتربوية التي جاءت بها كل الأديان والرسالات السماوية؟ ، والسؤال الأهم : ماهو رأي حاظرة الفاتيكان بذلك بأعتبارها المرجعية الدينية لجميع المسيحيين بالعالم؟!.
وهنا لا بد وأن نشير وبوضح الى أن جميع الرسالات السماوية التي انزلها الله عز وعلا على رسله وأنبيائه ، فأضافة الى الموضوع الرئيسي فيها وهو الدعوة الى التوحيد بالله عز وعلا ، فهي أكدت على ضرورة الحفاظ والتمسك بالقيم إلأنسانية والتربوية والأخلاقية للأنسان ، فالله لا يحلل أمور عند هذا الدين وهذه الرسالة ، ويحرمها في هذا الدين وهذه الرسالة!؟ فالحلال عند الله واحد وكذلك الحرام واحد وواضح ، فعلى سبيل المثال: أن لحم الخنزير والخمر والميسر مثلما هي من المحرمات في الدين الأسلامي فهي أيضا محرمة في الأنجيل والتوراة !!؟، ونفس الشيء بخصوص الزواج ، فمثلما حرم الله الزواج من المحارم في الأسلام فقد حرمه في الأنجيل والتوراة . نعود الى موضوع رأي الكنائس بهذا الموضوع الشائك ، ففي حقيقة الأمرلا يوجد رأي واضح وصريح من قبل الكنائس المسيحية في أوربا على أختلافها (الكاثوليكية ، البروتستانتية ، والأنجيلية) وغيرها ، بخصوص موضوع المثلية الجنسية وحتى ، زعيم الفاتيكان نفسه ليس له موقف واضح وصريح بذلك، فمثلا (نقل عن بعض أساقفة الكنائس قولهم بأن المثلية الجنسية ليست جريمة ، وأنما خطيئة! وهناك فرق بين الخطيئة والجريمة)؟! ، ومنهم من يقول أن (التعاليم المسيحية للكنيسة الكاثوليكية ، يجب أن ترحب بالمثليين وتحترمهم ولا ينبغي تهميشهم أو التمييز ضدهم ، فالكنيسة لا تزال تعتبر المثلية الجنسية خطيئة لكنها تستقبل المثليين جنسيا وتحتظنهم وترحمهم ولا تتبنى أفكارهم)!! ، وهناك من يقول في شرح الرسالة البابوية ( أن الكنيسة لا يمكن أن تكون ألا مع زواج الرجل بأمرأة فقط وكل ماهو خلاف ذلك يندرج ضمن الخطيئة) ، وقسم منهم يرى أن الشخص المثلي ( هو مثل شخص يخون زوجته أو زوجة تزني مع رجل آخر، فهي أشبه بعلاقات خارج أطار الزواج ولكنها بالتالي تندرج ضمن أطار الخطيئة!) ، أما (الكنيسة المارونية) في لبنان فلم تتخذ موقفا واضحا من هذا الأمر؟ ، ومن جانب آخر صرح الناشط في مجال حقوق (الميم / جورج قزي) ، الى فضائية الحرة بأن ( الكنائس التابعة للفاتيكان في الدول التي تضطهد وتجرم المثلية الجنسية لا تلتزم بهذا الموقف) ، ومن المفيد أن نذكر أن أول دولة سمحت بزواج المثليين هي الأرجنتين وكان ذلك عام 2010 . ولحسم هذا الأختلاف بالمواقف والرؤى بين هذه الكنيسة وتلك لا بد من الرجوع الى رأي بابا الفاتيكان البابا (فرانسيس) لمعرفة الرأي القاطع والحازم في موضوع المثلية الجنسية : ففي مقابلة حصرية له مع وكالة ( الأسيوشيتدبرس) قال : ((( أن المثلية الجنسية ليست جريمة، منتقدا القوانين التي تجرم هذه الممارسة وواصفا أياها بأنها غير عادلة! ، وأضاف أن الرب يحب كل أطفاله تماما كما هم! على حد تعبيره ، داعيا الأساقفة الكاثوليك الذين يدعمون هذا النوع من القوانين المناهضة للمثلية الى الترحيب بالمثليين في الكنيسة ، كما وذكرالبابا (فرانسيس) بأن بعض الكاثوليك في أنحاء العالم يدعمون القوانين التي تجرم المثلية الجنسية أو تميز ما يعرف بمجتمع ( الميم) ، لكنه تناول هذه القضية من منظور الخطيئة وعزا هذه المواقف الى خلفيات هؤلاء الثقافية ، داعيا الأساقفة على وجه الخصوص الى الخضوع لما سماها عملية تغيير مفضية الى الأعتراف بكرامة الجميع ، وأضاف يجب أن يخضع هؤلاء الأساقفة لعملية أهتداء ، مضيفا أن عليهم أن يطبقوا مبدأ العطف والحنان كما يفعل الرب مع كل واحد منا ، وقالت الوكالة أن تعليقات البابا (فرانسيس) الجديدة بشأن القوانين المناهضة للمثلية الجنسية هي الأولى من نوعها للبابا ، لكنها تتسق مع نهجه العام تجاه مجتمع المثليين وأعتقاده بأن على الكنيسة الكاثوليكية أن ترحب بالجميع لا أن تميز بينهم.!!))) الى هنا أنتهى ما ذكره البابا فرانسيس زعيم الفاتيكان . ويشار الى أن البابا (فرانسيس) ، في فيلم وثائقي له عن حياته تم بثه عام 2020 دافع فيه عن حق المثليين في تكوين أسرة قائلا: أنهم أبناء الرب. أن خطاب ورأي البابا (فرانسيس) بخصوص المثلية الجنسية والذي ألزم العمل بها جميع الكنائس وبالتالي يعني جميع المسيحيين !، سيجرنا الى سؤال : هل هذا يعني أنه يوافق أيضا على زواج الأخ من أخته أو الأبن من أمه أو الأب من أبنته!؟ ، بأعتبارها جانب آخرمكمل للمثلية ؟! ، كما في ألمانيا التي أقرت قانونا بذلك؟ ، وهل يعقل أن الحكومة الألمانية أقرت هذا القانون دون علم الكنيسة وأخذ موافقتها!؟ ، وأذا كان الأمر كذلك ، ترى ما هو رأي الأساقفة ورجالات الدين المسيحيين في البلدان العربية ، بكل ما ورد أعلاه؟؟! لا سيما أن المجتمعات الأسلامية ترفض ذلك تماما لأنه يتقاطع مع تعاليم الشريعة الأسلامية ، ومن وجهة نظري( (أرى أن الأخوة المسيحيين هم في موقف لا يحسدون عليه! ، وأن هذا الأمر سبب وسوف يسبب لهم حرجا كبيرا أذا تبنوه وعملوا به!!؟) .
السؤال المهم هو ماذا تريد أمريكا والأمم المتحدة من وراء ذلك؟ وماهي القوى الظلامية والخفية التي تدفع بأتجاه أفساد الأنسان والأسر والمجتمعات ، ونشر الفسق والفجوروفرضه بقوانين أجبارية ملزمة على الجميع؟؟ . وهنا لا بد من الأشارة أن ((الجاليات العربية المسلمة في اوربا تعاني الأمرين من موضوع المثلية الجنسية ، بعد أن تم فرضه في رياض الأطفال والمدارس والجامعات ، وصار أشبه بكابوس يخنق حياتهم ، وباتوا لا يعرفون ماذا يفعلون تجاه هذا الأمر خوفا على أبنائهم!؟)) . والسؤال ماهو موقف الدول العربية من الأمم المتحدة نفسها ؟ التي هي من أقرت أصل الموضوع وفرضته كأتفاقية أسمتها أتفاقية ( سيداو)! كما أشرنا أليها في بداية مقالنا ، ألم يحتاج هذا الأمر الى أنعقاد جلسة طارئة للجامعة العربية لمناقشة الموضوع لاهميته القصوى؟ . أرى ومن وجهة نظري أن هذا الأمر مهم جدا وعلى الدول العربية بكل زعاماتها التي ترتبط بعلاقات طيبة وجيدة ليس مع أمريكا فحسب ، ولكن حتى مع أسرائيل من خلال موضوع (التطبيع) !! ، أن تأخذ موقفا جديا بذلك وعدم أهماله وتسطيحه وتمييعه بأعتبار أن كل الأمور والعلاقات مع أمريكا وأسرائيل أصبحت أمر واقع ولا مناص من السير على نهج أمريكا وما تريده!! ، لأن فرض هذا الأمر الشاذ والمرفوض ربانيا ودينيا في الحقيقة ، يمثل حرب بين الأديان كلها (الأسلام ، المسيحية ، اليهودية) وبين الألحاد!!. ولله الأمر من قبل ومن بعد.