"طوفان الأقصى وأمواجه المستقبلية"
كتب / ماجد الشويلي
إن صولة طوفان الأقصى تمثل تحولا كبيرا في تاريخ القضية الفلسطينية،
ويمكن اعتبار أن مابعدها ليس كما قبلها بالمرة ، نظراً لما أحدثته وستحدثه في المستقبل القريب من تحولات كبرى
على جميع الصعد، وبمختلف الابعاد المحلية والاقليمية والدولية .
إنها بحق انعطافة وعلامة فارقة في تأريخ المقاومة الفلسطينية .
ولأجل الوقوف على أهم ما ستتركه هذه العملية من تداعيات ، وتفرزه من نتائج
مستقبلية نورد القراءة الآتية؛
1- إن دلالتها التوقيتية تشير الى أن هذه الصولة في اليوم السابع من شهر تشرين الأول جاءت لتصحيح ما أفرزته
نتائج حرب اكتوبر بنفس هذا التأريخ من عام 1973 على صعيد الأرض والعقيدة القتالية وأساليب المواجهة.
فالعقيدة القتالية لقوى المقاومة اليوم
منبثقة عن العقيدة الإسلامية في اطار محور عظيم يتمتع برصيد عالٍ من الانتصارات على الكيان الصهيوني بدءا من تحرير جنوب لبنان والانتصار بحرب تموز مرورا بوثبة سيف القدس وانتهاء بطوفان الاقصى ،
وبظهير ومعاضدة إسلامية نابعة من الايمان بوحدة العقيدة والمصير
بنحو يتخلف تماماً عن معاضدة الاتحاد السوفيتي آنذاك للجيوش العربية التي قاتلت بعقيدة قومية في حرب اكتوبر .
فهذه الرسالة ليست رسالة اعتباطية،
والعدو الصهيوني يدرك خطورتها جيدا،
ويعرف أنها وراء كل الانتصارات التي حققها حزب الله ومحور المقاومة في الميادين كافة.
كما أن الصهاينة تيقنوا استحالة الوصول بعقيدة جيشهم القتالية الى مايضاهي العقيدة القتالية لفصائل المقاومة الإسلامية لاسباب يطول شرحها.
2- ستترك هذه العملية آثارا نفسية بالغة الخطورة على المستوطنين، فلن يكون بوسع المستوطنين الشعور بالأمان ولن يكون بمقدورهم الوثوق بالوعود والتطمينات التي تطلقها الحكومات الاسرائيلية ، خاصة وأن المستوطنين
كانوا يعولون كثيرا على الحماية الأمريكية والغربية بشكل عام.
وهم اليوم يشعرون بأن أمريكا تتخلى عنهم ولم تعد حماية الكيان الغاصب أولية لها على حساب الصراع في أوكرانيا
وما تعانيه من ازمات مالية واقتصادية ومجتمعية.
وحتى سابقا فان أمريكان لم تعط ضمانات كافية لاسرائيل في الدخول المباشر للدفاع عنها ، وجل ما كانت تطمنهم به تقديم المساعدات العسكرية والمالية و القبة الحديدية التي تهاوت وثبت فشلها أمام الصواريخ البدائية التي انطلقت من غزة!!
3- سيكون لهذا الصولة تأثير مباشر على معنويات الجنود الاسرائيليين ، الذي شاهدوا بأعينهم كيف أن المق اوم ة اقتحمت ثكناتهم وأسرت قادتهم واقتادتهم بشكل مهين الى قطاع غزة .
4- سيتعمق الخلاف بين واشنطن وتل أبيب بشأن مايمكن لأمريكا تقديمه لإسرائيل.
فم المعلوم أن الولايات المتحدة لم تدخر وسعا بدعم هذا الكيان اللقيط على جميع الصعد ، بغية الوصول به لمرحلة الاستغناء عنها عن حمايتها .
حتى أنها حبتهم ببعض الاسلحة النوعية وآثرتهم على نفسها ولكن دون جدوى.
وهذا هو السؤال الذي سيثار في الغرف المغلقة ،
إننا وصلنا الى أقصى ما يمكن تقديمه لكم ، وأنتم على هذه الحال وبهذه الصورة ، أفلا يكون الاستمرار بدعمكم عملا عبثيا ؟!
هذا السؤال ليس من نسج الخيال، وانما هو يمثل توجها سياسيا داخل الادارة الأمريكية.
يكفي أن بايدن في مستهل تدشينه لولايته قال ؛ ((أننا لن نمنح اسرائيل شيكا على بياض لكي تتصرف في المنطقة على حساب مصالحنا الستراتيجية)).
ومن المتوقع أن تتعمق فجوة الخلافات بينهما
بما ينعكس ميدانيا على الارض الفلسطينية.
5- التحولات الكبرى في موازين القوى العالمية لصالح القضية الفلسطينية بشكل أو آخر .
ولذا لن يكون بوسع مجلس الأمن أن يسعف اسرائيل بقرارات أممية ملزمة
يمكن لها أن تعطل دور الم ق اوم ة أو تنقذ اسرائيل.
7- أمريكا وحلف الناتو منشغلون بالصراع الروسي الأوكراني ، وقد بات هذا
الملف يحظى بأهمية قصوى لديهم.
وهم ليسوا على استعداد للقيام بأي خطوة من شأنها اضعافهم أمام الروس.
8- أثبتت هذه العملية نجاعة (مبدأ )وحدة ساحات المقاومة
من خلال الجهوزية التامة التي ابدها حzب الله لاقتحام الجليل فيما لو اجتاح الصهاينة غزة.
بل رأينا الاستعداد التام والعالي لدى انص ار الله في اليمن وتلهفهم للدخول في هذه المواجهة.
فضلا عن مطالبة الجماهير المليونية من الشعوب الاسلامية للالتحاق بنصرة المقاومين في غزة.
9- ستكون الساحة السورية اسرع الساحات تأثرا بمعطيات هذه الانتصارات الكبيرة.
وسيتعزز فيها التلاحم بين سوريا وايران اكثر باتجاه تحرير ماتبقى من الاراضي السورية وصولا لمحاصرة الكيان الغاصب من الجولان.