طوفان الأقصى : اللغة التي يفهمها الكيان الصهيوني!
كتب / نجاح عباس رحيم
تعوّد الكيان الصهيوني منذ عام النكبة ان يعيش بقناعة مفادها ان الشخصية العربية تمثل الجانب الضعيف في كل القضايا السياسية العربية المطروحة على طاولة المفاوضات بشكل عام , وفي قضية فلسطين بشكل خاص ,
مستندآ بهذه الرؤية على عينة من حلفائه من الحكام العرب الأوائل الذين اغرسوا في رأسه هذه الفكرة الهشّة بسبب مواقفهم السياسية المتفق عليها مع امريكا للبقاء في السلطة , وقد استغل هذه الفكرة حتى بلغ بها كالجرذ , يقضم بالأرض يومآ بعد آخر رغم الأتفاقات التي يبرمها مع السلطة الفلسطينية , مدعوما من الغرب العنصري وامريكا , ظنآ منه ان مسك الأرض باليد تجعله قويآ في أية مفاوضات لاحقة مع الفلسطينيين ,
وهو بهذه الرؤية لايعرف اية لغة اخرى من الجانب الفلسطيني كأن يقوموا بعمليات عسكرية ضده بسبب الحصار المفروض عليهم وهم في بقعة صغيرة من الأرض , فضلآ عن تقييد حركة الجهاديين في داخل الأراضي المحتلة .
ويمتد هذا السلوك الجبان على كل فعالياته العسكرية والمدنية الرامية الى اسر وقتل الناشطين وتجريف البيوت بحجج تقرّبه من الإستحواذ على الأرض , ومن هذه الحجج حجة الدفاع عن النفس الشائعة لدى امريكا واللصيقة في خطابها المتحيّز للكيان الصهيوني والموجه ضد الفلسطينيين عندما يقفون بوجه استفزازات المحتل وهو يمارس تلك الفعاليات ,
ولكن اولئك الغربان الذين اغرسوا تلك الفكرة التي همّشت قضية استعادة الأرض , قد طاروا الى القبور وماتوا بأجنحة مكسورة وبلا ضمير , اما الشعوب فمازالت حية وحرّة وباقية تتناسل بالسمات العربية الأصيلة التي يجهلها العدو الصهيوني ,
لذلك عمد الفلسطيني الى تطوير تنظيمه السياسي باستراتيجية تلائم استجابة تلك السمات المؤمنة بإستبدال السياقات السياسية القديمة بسياقات جديدة اكثر اثارة للمشاعر التي تدفع الكيان الصهيوني الى نبذ تلك الفكرة الهشة التي كانت ملازمة ضد استرجاع الحق العربي أولآ , والى جعله ينظر للفلسطينيين كقوة عسكرية منطلقة من معرفة علمية متطورة تقف ورائها تلك الشخصية العربية الأصيلة نفسها التي باعها الحكام الغربان في مقابل مكاسب وظيفية ثانيآ ,
وبهذا فقد جاءت “عملية طوفان الأقصى ” بلغة يفهمها العدو الصهيوني وخبرها منذ عهد بعيد ودفع ثمنها الاف القتلى والاسرى ثمنا لجرائمه ضد الشعب الفلسطيني من ناحية , وببداية جديدة تقهقرت على يدها صلة العدو بالحكام الخونة والعملاء من ناحية التأثير على الحرب الجارية الآن بالتهدئة من ناحية اخرى ,
إذ ان المقاومة الفلسطينية بقرارها الحر والمستقل لاتنادي بالنزعات التطبيعية التي يدعون اليها الحكام الآن ومن قبل كبديل عن بيانات الحياد والتهدئة والإنهزامية , بل يدعون الى تطبيق وسائل وسياقات تنحدر من رؤية نزع ظاهرة التدخل الذليل من الحكام في الشأن الفلسطيني بأعمال تنسجم مع سمات الشخصية العربية الثورية التي تقود الى طرد المحتل .
ومما ورد يتبين ان المقاومة جعلت عملية طوفان الاقصى كمعيار جديد لمقاومة المحتل مهما كانت نتائجها , ومن غير هذا المعيار لامعنى لأي تنظيم سياسي او اجتماعي يعطي معنى آخر غير طرد المحتل ,
والعدو الصهيوني المتعالي على السياقات السياسية التأريخية بفضل السياسات التي رسمها معه الحكام العملاء والخونة , سيتعامل حتما مع هذا المعيار اذا تمسكت به المقاومة من حيث لاتوجد اية تجربة اخرى تكافيء سمة الشخصية العربية في استردادها للأرض غير الحرب , عندئذ سيرى العدو نفسه مجبرا من الناحية المنطقية على القبول بها .