تساؤلات في استقلال اقليم كردستان
كتب / فتاح الكعبي
كلما عصفت الازمة بين اقليم كردستان والمركز كلما ظهرت دعوات الانفصال والاستقلال على لسان زعماء وقادة أكراد، وكلما اثارت تساؤلات الرأي العام العراقي عن امكانية ذلك ومدياته السياسية في اقليم يطفو على مشاكل تاريخية واجتماعية واقتصادية داخليا وامواج متلاطمة اقليميا .
وعودة إلى منتصف القرن الماضي ودراسة المشكلة الكردية من حيث الزعامات السياسية والتنوع المجتمعي ، ونظرة المواطن الكردي ذاته الى الزعامات المحلية التي كانت تمارس دور الوسيط بين الحكومة وجماعتها . الامر الذي عزز السلطة العشائرية مقابل الحكومة كقوة غريبة عنها .
وبسبب ظهور الافكار القومية في تلك الفترة ووصولها الى شمال العراق ونتيجة التنوع السكاني برزت افكار قومية اخرى كان اهمها القومية الكردية ، ولعب التدخل الخارجي منذ القرن التاسع عشر باشكاله الثقافية ثم الدينية وانتهاءا بالتدخل العسكري بعد اكتشاف النفط في شمال العراق دورا مهما في تعزيز هكذا دعوات وليؤكد هذا التدخل على ان المشكلة الكردية هي واحدة من اهم المشاكل التي واجهت الدولة العراقية الحديثة .
وتعتبر الاحداث التي رافقت ثورة 14 تموز 1958 وما تلاها تاثر القضية الكردية بها باعتبارها عراق مصغر ، فاحداث حركة الشواف في الموصل/1959 واحداث كركوك الدامية /1959 والحرب الكردية 1961_ 1963 تاثرا اجتماعيا /عشائريا / سياسيا / اقتصاديا / وايديولوجيا ، وان استمرار هذه المشكلة ومارافقها من حروب وبشكل متقطع إلى عام 1975 اظهر وبشكل واضح الاسباب التاريخية والخارجية والداخلية لتجعلها الحدث الاهم في تاريخ العراق المعاصر .
والسؤال الذي كان يطرح اثناء ثورة تموز 1958 عن الرؤية السياسية للحركة الكردية ، وربما تكون الاجابة قد تجسدت عند الملا مصطفى البرزاني الذي لم تك عنده اية رؤية سوى الانفصال ، والامر الذي جعل فيما بعد ان كل زعيم كردي يتواصل مع الحكومة هو بموضع ريبة فانقطعت جسور التواصل بين الطرفين .
ساعدت الحرب الباردة والصراع الدولي في المنطقة على تدخل اطراف دولية واقليمية عديدة في شمال العراق ومنها الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكية ، والكل كان يسعى لاستخدام الاكراد دون الاهتمام بمصيرهم ، ومثال ذلك ما قام به شاه ايران محمد رضا بهلوي من التخلي عن دعم الاكراد في اتفاق الجزائر عام 1975 مع راس النظام البعثي.
ان غياب المؤسسات الدستورية ووجود الانظمة الدكناتورية والصراع على السلطة والخلافات الداخلية بين الاكراد انفسهم كانت سببا اضافيا في عدم الوصول إلى اية حلول للمشكلة الكردية فكان التعاطي معها يجري بين السلطة التنفيذية في ظل انظمة لا تعرف الاستقرار السياسي وحكومات انقلابية ودستور مؤقت ، وعلى الرغم من اهمية الأسباب الداخلية يبقى العامل الخارجي مهما في التاثير على الموقف الكردي وقد يؤدي إلى اخفاق مساع كثيرة في ابواب الحلول المنشودة .
والان فان القادة والساسة الاكراد عندما يقدمون مطالب تعجيزية ويعدون ذلك دليل ضعف للحكومة الجديدة /حكومات بعد سقوط السلطة الدكتاتورية 2003 ، فان هذا الامر يثير بنفس الوقت مخاوف الحكومة ويدفعها إلى التراجع او المماطلة خوفا من راي الشارع والحركات السياسية الاخرى والكردية خصوصا والامر في حقيقته ما هو الا سياسة (خطوة تليها خطوة) والتي اتبعها الكرد بعد عام 2003 ، كما وان القيادات الكردية لم تدرك اهمية الاعتراف بالحقوق ضمن السلطة اللامركزية فهي تسلك سلوكا ازدواجيا كسلطة فدرالية مرة وكونفودرالية مرة اخرى