طوفان الاقصى قراءة مابين الأسطر
كتب / عبد الجليل الزبيدي
شبكة الجزيرة وهي مؤسسة كبيرة ومؤثرة في صناعة الرأي العام العربي والدولي .. بدأت هذه الشبكة بقنواتها المتعددة استخدام مصطلح ( عملية القسام ) وذلك في سياق سياسة تحريرية هدفها تجيير هذا الانتصار النوعي لصالح حركة حماس ( الاخوانية ) حصرا.
هذا النهج الدعائي هدفه ( تهميش ) بقية الفصائل وبالاخص سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي .
وكانت حركة الجهاد التحقت (علنا )بعملية طوفان الاقصى بعد ساعات قليلة حينما اقتحم مجاهدوها مواقع عسكرية ومستوطنات في غلاف شمال القطاع .
وبتقديري ان حركة الجهاد كانت ولاتزال جزءا اساسيا من عملية الطوفان لان العملية لايمكن ان تنجح مالم تؤمن جميع المحاور منها الشرقي والشمالي للقطاع .
ومعروف ان الجهاد الاسلامي وجودها رئيسي واساسي في شرق القطاع وخاصة حي الشجاعية وايضا في شمال القطاع ( بيت حانون – جباليا ) .
فهل يعقل ان حماس تحركت من الجنوب والوسط وعبر البحر فقط وتركت بقية المحاور مفتوحه امام العدو وبالتالي ابقاء بقية الفصائل( اخر من يعلم )؟ !
هذا التهميش الدعائي المتعمد يأتي على الرغم من اشارة السيد اسماعيل هنية في اكثر من مقطع من كلمته الى بقية الفصائل المسلحة وذلك في تاكيد ضمني بان فصائل المقاومة الاخرى مشاركة ومنخرطة في العملية .
فمنذ الساعات الاولى والى الان ،تواصل الجهاد ( سرايا القدس ) باطلاق الرشقات الصاروخية وقذائف الهاون ، كما ان السرايا نشرت مقاطع مصورة لعمليات اقتحام لمواقع لجيش الاحتلال في الجزء الشمالي من الغلاف واعلنت عن أسر 30 صهيونيا مايعني ان السرايا كانت جزءا من العملية وعلى علم بها وان السرايا كانت جزءا من التنسيق الميداني( للطوفان ) .
موقف سرايا القدس المنخرط في القتال هو موقف متقدم وحيوي وذلك مقارنة بموقف حماس خلال عملية ( سيف القدس ) في 21 مايو ايار عام 2021 التي بدأتها سرايا القدس ردا على اعتداءات الاحتلال ضد سكان حي الشيخ جراح في القدس المحتلة . وفي حينها لم تشترك ( كتائب القسام ) على الارض في تلك العملية واكتفت حماس باصدار بيانات الدعم والتأييد .
والمثير للشك هو ان اعلام سرايا القدس ينشر ويوزع بشكل منتظم مواد مصورة لعملياتها وتبث هذه المواد عادة عبر قناة ( فلسطين اليوم ) وهي القناة الوحيدة الناطقة باسم الجهاد ،غير ان القنوات الاخبارية الرئيسية لا تعرضها ولا تعتني بها في سياقة التغطيات الاخبارية للقتال المتواصل في محيط القطاع !
وعليه اعتقد ان محاولة قناة الجزيرة تجيير عملية طوفان الاقصى وحصرها ب ( حركة حماس ) ينطوي على اجندة سياسية تمهد لمرحلة التفاوض لاحقا وذلك باعطاء مرجعية الاخوان المسلمين ( تركيا وقطر )الصدارة على طاولة التفاوض وذلك على حساب الدور الايراني .
فالواضح من ضخامة وسعة وقوة تأثير نتائج ملحمة طوفان الاقصى ، هو ان هذا الحدث سيشكل نقطة تحول مفصلية في تأريخ القضية الفلسطينية . والمرجح ان يسفر هذا الحدث عن طرح مشروعات تسوية جزئية او شاملة لمستقبل الوضع الجيوسياسي لقطاع غزة والضفة الغربية ،يتجاوز مشروع اوسلو وايضا خطة ( غزة – اريحا ) لعام 1989.
وتعول الاطراف الدولية والاقليمية على حيوية حماس ، فالحركة باتت سياسيا اكثر براغماتية من بقية الفصائل الاساسية بعد ضمور حركة فتح .
وكانت حركة حماس قد طرحت عام 2014. مقترح (هدنة سياسية ) مع اسرائيل امدها عشر سنوات وفق شروط تشمل تحديد وضع الاماكن المقدسة في مدينة القدس .
ويلاحظ من التحركات الاميركية السياسية والعسكرية ومنذ اللحظة الاولى لعملية الطوفان ، ان واشنطن تخطط لعودتها الى طاولة التسوية وانها ستكون طرفا في ترتيبات مابعد ( الطوفان ) حينما ارسلت قطعها البحرية الحربية واعلانها عن وجود قتلى واسرى اميركيين .
والمتوقع هو ان الولايات المتحدة ودولا عربية واوروبية تخطط من الان لتحويل عملية طوفان الاقصى من ( حرب تحرير الى حرب تحريك للقضية الفلسطينية ) واعادة فتح ملفات التسوية بعد ان يصار الى تأطير ممثل جديد للقضية ( بدعم وضمانات خليجية – تركية ).