طوفان الاقصى عناصر النصر..
كتب / جمعة العطواني ||
مركز افق للدراسات والتحليل السياسي
منذ بزوغ فجر الطوفان قبل اسبوع من اليوم اكدنا، ان البعد الغيبي كان حاضرا في هذا الطوفان، حيث حجم الانتصار ونوعيته وسرعة الانجاز من جهة، وحالة الهلع والارباك والارتباك الذي عاشه العدو الصهيوني وردة فعله الوحشية، كلها عوامل على وجود حسابات غير مادية وغيرعسكرية ايضا، انه النصر الالهي بلا شك.
نحن كمسلمين في الوقت الذي نضع الحسابات المادية في اولوياتنا( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم)، الّا ان التوكل على الله والايمان بنصره يعد من اولى اولوياتنا( ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، ( وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى).
بعد اسبوع من المواجهة المصيرية مع العدو الصهيوني برزت اهم ثلاث عناصر لديمومة النصر في هذه المعركة:
ثبات المقاومة .
الحاضنة المليونية.
وحشية العدو.
فالمقاومة الاسلامية في فلسطين تسجل انجازا تاريخيا فريدا من نوعه في الثبات والصبر ومباغتة العدو والتوغل في عمق المستوطنات بروح جهادية عجيبة وثبات غير مسبوق.
عليك ان تتصور ان هذا المقاتل العقائدي يتوغل في عمق مستوطنات العدو وياتيه خبر(اجتثاث ) كامل افراد عائلته من اطفال ونساء في القصف الوحشي للكيان الصهيوني، ولايزيده ذلك الا ايمانا وتسليما، فاي ايمان اكثر من هذا، واية قضية اشرف من هذه؟.
ثبات المقاومة ليس في التصدي لاجرام العدو ووحشيته فحسب، بل انه يتقدم نحو اكثر من نصف المستوطنات ويواجه السلاح الصهيوني بايمان راسخ وعقيدة ثابتة.
ليس هذا فحسب، فان ايمان رجال المقاومة بالنصر الالهي، وثقتهم بقضيتهم جعلتهم لا يكتفون في جبهة واحدة يتمتروسون فيها، بل انهم يفاجؤون العدو في اكثر من جبهة ، ففي الضفة الغربية انطلقت هذا اليوم صواريخ القسام لتدك حصون المستوطنين في جنين وطول كرم وغيرهما ، وفي جنوب لبنان تنطلق صافرات انذار العدو بين الفينة والاخرى لتحذر المستوطين هناك بان صواريخ المقاومة لحزب الله على ابوابكم..
هذا الصمود والثبات والاصرار في الدفاع عن الارض والمقدسات جعلت المستوطنين يثقون انهم لا وجود لهم في هذه الارض، فاحزموا حقائبهم ورحلوا الى مواطنهم الاصلية في الغرب وامريكا، فحسب التقاربر الصحفية ان اكثر نصف سكان المستوطنين قد غادروا المستوطنات الى غير رجعة، في الوقت الذي لم يتعرضوا الى عشر معشار ما تعرض له ابناء غزة من عمليات وحشية قام بها العدو.
بينما يتعرض الشعب الفلسطيني في غزة الى عملية ابادة جماعية غير مسبوقة باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا، راح ضحيتها المئات من الاطفال والنساء والشيوخ، ورغم ذلك نجد الاصرار على البقاء في ارضهم وديارهم التي اختفت ملامحها، ولم يبق منها الا رائحة الدم الزكي والارواح الطاهرة التي فارقت اجساد ابنائهم ، فهم على استعداد ان يعيشوا على ركام المباني وسقوف البيوت المنهارة على اهلها دون ان يسمحوا لصواريخ العدو الفسفورية ان تزحزهم .
اما العنصر الاخر فهو ذلك الطوفان البشري بملايينه (المتلونة )في اصقاع البلاد الاسلامية من طهران( ام القرى لمحور المقاومة )، الى اليمن( معجزة المقاومة)، مرورا بالعراق (قاهر المحتلين والارهابيين )، ناهيك عن لبنان ( فخر المقاومة)، وبقية البلدان العربية الاخرى التي خرجت شعوبها رغما على انوف حكامها مثل الاردن وبقية الدول في المغرب العربي.
هذه الحاضنة الجماهيرية اعطت بعدا اخر للطوفان، واوصلت رسالتها الى المقاومين في غزة بانكم تقاتلون نيابة عن ملياري مسلم، وان هذه الملايين هي رصيدكم البشري في المواجهة في الوقت الذي يعيش عدوكم عزلة اجتماعية الاّ من الانظمة الغربية المجرمة وانظمة التطبيع العربي المتواطئة.
كما ان هذا الطوفان البشري اوصل رسالته للعدو، سواء كان العدو الصهيوني او الاعداء الداعمين له من انظمة غربية وامريكا وغيرها، بانكم واهمون ان كنتم تعتقدون ان حربكم في غزة هي من اجل تهجير مليوني مواطن منها، فان غزة نفوسها هذه الملايين التي تصدح اصواتها من كل اصقاع ارض الملسمين .
العنصر الثالث الذي ساهم ولازال في تحقيق النصر في هذا الطوفان هو وحشية العدو الصهيوني، فقد اسقط هذا العدو بوحشيته كل الشعارات الكاذبة التي رفعتها الانظمة الليبرالية في امريكا والعالم الغربي، مثل حقوق الانسان وتقرير المصيرو غيرها، واثبت للمجتمعات الغربية فضلا عن الاسلامية ان الغرب وامريكا هي انظمة مجرمة ومتوحشة وتتعامل مع المجتمعات الاسلامية على اساس انها مجتمعات لا قيمة لها، ولا حق لها في الحياة، وقد اشار وزير دفاع العدو الصهيوني الى ذلك بوضوح بان الشعب الفلسطيني(وحوش البشرية)
وحشية العدو هذه لم تترك للشعب الفلسطيني من خيار غير الثبات والتضحية من اجل كرامة شهدائهم وقدسية ارضهم ، بل زادت من تعاطف الشعوب الاسلامية معهم واستعدادهم لبذل المزيد من اجل تحقيق النصر في طوفانهم.