تحديات المقاومة ضد إسرائيل
كتب / السفير د. عبدالله الأشعل
أظهرت الأحداث الأخيرة منذ 7 أكتوبر 2023 عدة تحديات للمقاومة ضد إسرائيل. والمقاومة فرعان فرع فى لبنان هو حزب الله وفرع في غزة هو منظمات المقاومة ويتقدمها حماس.
وتواجه المقاومة مع إسرائيل التحديات الآتية :
أولاً: أن إسرائيل تعتمد سياسة الأرض المحروقة وهى فى نفس الوقت تعمل على أساس إبادة السكان العرب سواء الفلسطينيين أو غيرهم وقد رأينا ذلك فى مذبحة مدرسة الاطفال فى بحر البقر فى محافظة الشرقية عام 1967 . كانت تلك جريمة بشعة أيدها الغرب تحت ستار عام غامض وهو دفاع إسرائيل عن نفسها وقد فهمنا طوال 70 عاما من الصراع أن الأمن الإسرائيلى أمن نفسى وشخصى وقد عبر نتانياهو عن هذه الحقيقة خلال الأسابيع الأخيرة من أكتوبر 2023 قال أن إسرائيل ستتحرك فى الشرق الأوسط كله حتى تؤمن نفسها ومعنى ذلك أن النفس الإسرائيلية تحتاج إلى الأمن النفسى وليس إلى حدود دولية وإسرائيل هى الدولة الوحيدة فى العالم وفى التاريخ التى ليس لها حدود دولية.
فالمقاومة الفلسطينية تجاسرت على قدس الأقداس الصهيونى وهو الجيش والمستوطنون حيث هاجمت المقاومة أوكار المستوطنين ومعسكرات الجيش وقتلت أكثر من 1500 شخصا ومستوطنا وهذه ليست نقطة البداية أى إنها ليست الفعل الذى يترتب عليه رد فعل فالفعل أساسا هو السياسة الأجرامية التى انتهجها الجيش والمستوطنون ضد الفلسطينيين وضد الأقصى ومعنى ذلك أن عمليات المقاومة ليست فعلا وإنما هى رد فعل على الاستعمار الصهيونى والاحتلال طويل الأجل وسياساته التى قهرت الفلسطينيين وخططه التى تسعى إلى ابتلاع فلسطين وطرد سكانها منها ومع ذلك فإن الغرب المنحاز انحيازا أعمى لإسرائيل زعم أن إسرائيل ترد على عمليات المقاومة وأن من حقها أن تدافع عن نفسها بالطريقة التى تراها بما فى ذلك إبادة الفلسطينيين ومسح غزة من الوجود وتهجير الفلسطينيين إلى خارج فلسطين تمهيدا لضم كل الأراضى الفلسطينية وتنفيذ المرحلة الأخيرة من المشروع الصهيونى.
ثانياً: من الواضح أن إسرائيل تعمد إلى إنهاء المقاومة الفلسطينية فى غزة عن طريق الغارات الجوية المكثفة باستخدام كل أنواع الأسلحة واستهداف كل المحرمات بما فيها المستشفيات وطواقم الاسعاف ومنع الماء والغذاء والدواء والايواء والاسعافات والمساعدات حتى تتمكن منهم ما بين فان من الجوع والعطش وما بين قتيل من العمليات العسكرية والأسلحة المحرمة ومن يبقى منهم على قيد الحياة يتم تهجيره فى نكبة جديدة بعد عام 1948 وبذلك تخلص فلسطين لليهود وحدهم وتقضى الخطة الإسرائيلية بالنسبة للمقاومة الفلسطينية باستمرار العمليات الحربية بكل أنواع الأسلحة ضد المدنيين حتى تفرغ غزة من سكانها وتبقى المقاومة بلا أسلحة وبلا غطاء شعبى ويسهل القضاء عليها أما المقاومة اللبنانية فقد هددت إسرائيل بأنها ستضرب بيروت وتبيد سكان لبنان وهذا فيما أعتقد أنه السبب فى تراجع حزب الله من الانضمام إلى المقاومة الفلسطينية رغم حديثه المتكرر عن وحدة الساحات ووحدة معسكر المقاومة فإذا كان المدنيون فى غزة رهائن للابادة الإسرائيلية وأن سكان لبنان رهائن مقابل عمليات حزب الله ضد إسرائيل فإن من المطلوب البحث عن طرق لحماية المدنيين من الابادة الإسرائيلية وإلا تحولت عمليات المقاومة ضد إسرائيل إلى سلاح مؤقت وذي حدين يمكن أن يصفى القضية الفلسطينية ولذلك يجب أن تبحث المقاومة ومعسكر المقاومة عن حل لهذه الإشكالية الخطيرة.
ثالثاً: إذا كانت إسرائيل مدعومة دعما مطلقا ومباشرا من الولايات المتحدة والغرب بحيث تشترك الولايات المتحدة فعليا بالمجهود الإسرائيلى لابادة غزة فإن من حق المقاومة أن تلجأ إلى أطراف دولية مناوئة للولايات المتحدة لكى تدعمها إذا أرادت أن تكون طرفا فى صراع دولى وأن المقاومة لا تستطيع وحدها أن تحدد نطاق الصراع فقد بدأ فلسطينيا إسرائيليا ويمكن أن يتسع لكل الإقليم فى حرب إقليمية واسعة كما يمكن أن ينذر بصراع عالمى ينضم إليه روسيا والصين وإيران.
رابعاً: أن وحدة المقاومة تقتضى حسابات دقيقة حتى لا تنقلب الموازين فدخول إيران يعرضها إلى انتقام إسرائيل والولايات المتحدة التى استقدمت حاملة الطائرات أمام سواحل غزة كما أن للولايات المتحدة قواعد ثابتة فى البحرين والامارات وقطر وتستطيع الولايات المتحدة أن تقدم دعما هائلا لاسرائيل إذا قررت الهجوم على إيران ومن حق إيران فى هذه الحالة أن تستخدم كل أنواع الأسلحلة للدفاع عن نفسها بما فى ذلك أذرع المقاومة التى ساندتها إيران طوال السنوات الأخيرة فالاستثمار الايرانى فى المقاومة مشروع خصوصا أن إيران تؤيد أطرافا تتمسك بالحقوق القانونية فى مواجهة معسكر آخر يساند الباطل ويدعمه.
خامساً: إذا لم تتدخل إيران فإن المقاومة الفلسطينية مهددة بالانتهاء لأن طول فترة الصراع مع المقاومة مع إغلاق الحدود والغارات المستمرة على سكان غزة يمكن أن تستهلك ذخائر وأسلحة المقاومة فيسهل اصطيادها بلا قتال وأعتقد أن هذه هى خطة إسرائيل بديلا عن التوغل البرى فى غزة وفى هذه الحالة يسهل احتلال غزة دون سكان ودون مقاومة وبذلك تضم إسرائيل غزة إلى الأراضى الفلسطينية حتى يمكن أن تتسع المساحة أمام الهجرة اليهودية وغزة بالذات لها ذكريات عند إسرائيل كما أنها كابوس فى الجيش الإسرائيلى لأن غزة بالذات مقر المقاومة كما أن المقاومة تمكنت من تحرير غزة وحدها دون بقية الأراضى الفلسطينية وكان من بين أسافين إسرائيل ضد المقاومة أن غزة وقعت تحت حكم المنظمات الإرهابية وزاد الطين بلة الصدام بين السيسى وبين الأخوان فى مصر فى صراع محموم على السلطة وبالفعل قام بعض المصريين برفع دعاوى ضد حماس أمام القضاء المصرى ولكن فى نهاية المطاف اتهمت الحكومة المصرية حماس بأنها تغذى الارهاب فى سيناء ضد الجيش المصرى ولكن عندما تغيرت المصالح وحاجة الحكومة المصرية إلى أن يكون لها سبيل مع حماس حتى يمكن أن تكون أوراق القوة لديها مع إسرائيل شاملة المقاومة حسنت مصر علاقاتها بحماس .
ويبدو أن حماس أيضا تفكر بذات الأسلوب ولكنها تركز على أن معركتها الأساسية مع إسرائيل وليس مع السيسى.
سادساً: أن معبر رفح هو المنفذ الوحيد لغزة على العالم الخارجى بالاضافة إلى منافذ إسرائيل المجاورة لغزة وهذه نقطة ضعف فى المقاومة الفلسطينية لأن المقاومة كى تؤمن فتح المعبر من الجانب المصرى لابد أن تكون على علاقة طيبة بالحكومة المصرية.
والخلاصة أن إسرائيل تنفرد بأمان واطمئنان بالساحة الفلسطينية ومصرة على إنهاء المقاومة حتى يظل الشعب الفلسطينيى بلا أسنان وتتلاعب بفلسطين وإذا كان الشعب يطالب بدولة فلسطينية فليكن ذلك خارج فلسطين إما فى مصر وإما فى الأردن ولذلك فإن من أهم تحديات المقاومة دخول مصر فى المعسكر الأمريكى الصهيونى منذ عام 1979 وتقارب أنور السادات مع أمريكا وإسرائيل يضاف إلى ذلك أن إسرائيل تعتقد إعتقادا جازما بأن مصر هى العدو الدائم مهما كانت العلاقات بين مصر وإسرائيل حميمية لأن إسرائيل لا تثق فى مصر وتشك أن مرونتها معها لايقضى على طبعها وانتمائها العربى وشعورها بالأمن القومى المصرى وإسرائيل تعلم جيدا بأنها أكبر مهدد لهذا الأمن ولذلك فإن العلاقات كما يراها الطرفان مؤقته وأتوقع أن ينفجر الموقف بين إسرائيل ومصر ويدخلان فى حرب تنتهى بزوال إسرائيل.