المقاومة حق مشروع أينما وجد إحتلال
كتب / الدكتور طارق ليساوي
حاولت من خلال مجموع المقالات التي كتبتها مباشرة بعد 7 تشرين الثاني 2023 تاريخ تنفيذ عملية طوفان الأقصى التركيز على القضية الفلسطينية ، و قد ركزت على الجوانب التي أرى أني أهل لها ، و محاولة تحليل الموقف الصيني من معركة طوفان الأقصى و من القضية الفلسطينية هو إمتداد لهذا الدعم المعنوي و المعرفي و الجهاد بالكلمة من أجل نصرة إخواننا في غزة، و للأسف الشديد قلوبنا تتمزق حزنا و ألما لما نراه من إجرام صهيوني و حشي في حق المدنيين بغزة، عدو جبان يقصف من الجو أطفالا و نساءا و شيوخا، و مجتمع دولي منافق و يكيل بمكيالين ، و حكام عرب جبناء لا يملكون حتى شرف التهديد و لو بالكلمة، ماذا تنتظرون لطرد سفراء الكيان من العواصم المطبعة مع الكيان الصهيوني؟ ألا تخجلون من شعوبكم و من أبنائكم ؟ كم من الشهداء تريدون حتى تستيقظوا من سباتكم؟
الكيان الصهيوني يا حكام العرب يهدد عروشكم و كراسيكم ، و كم أود من القراء ان يطلعوا على كتاب ” بيبيو الخراب على الباب” من تأليف الأستاذ أحمد ويحمان ، وهذا الكتاب يوثق لمخططات الكيان الصهيوني لتفتيت المغرب و باقي البلدان العربية…
للأسف الشديد، الحكومات العربية ميتة و فاقدة للعقل الإستراتيجي القادر على قراءة المتغيرات على الأرض ، عملية طوفان الأقصى و النصر الساحق الذي حققته المقاومة ينبغي حمايته و إستغلاله للضغط على الكيان الصهيوني و داعميه، هذا النصر يؤكد بالملموس أن الكيان الصهيوني باع للبلدان العربية المطبعة الوهم و السراب ، فما يدعيه من تفوق عسكري و تكنولوجي و إستخباراتي ماهو إلا وهم ..لا نريد منكم يا أصحاب الفخامة إعلان الحرب على الصهاينة فذلك أمر نعلم جيدا أنه فوق طاقتكم، و لكن على الأقل مارسوا السياسة كما يتقنها غيركم و على سبيل المثال إيران و الصين و روسيا..لماذا تقدمون دعما مجانيا للصهاينة و لأمريكا و للغرب ، قفوا بجانب غزة و المقاومة و لو بالكلام، و سترون العجب العجاب من شعوبكم أولا..لكني أعلم أن لا حياة للموتى ..
و لكن من باب الإنصاف و الموضوعية ، فالمشكل لم يعد مقتصرا على الحكام و أصحاب الكراسي و المكاسب و المناصب، و لكن إمتد إلى قطاعات واسعة من شباب و شيب الأمة ، فالبعض يدافع عن إسرائيل و ينتقد المقاومة بشراسة ، و يردد عبارات لا يعلم حقيقتها و خلفياتها، و من ذلك أن الفلسطينيون باعوا أرضهم ، هذا الكلام سمعته من بعض طلبتي ، و عندما طالبتهم بالمؤشرات و الحجج العلمية و الواقعية التي تؤكد هذا الطرح عجزوا عن إثبات ذلك ، و حجتهم الوحيدة “سمعنا” و “يقال” ، لذلك قررت الكتابة في هذا الموضوع حتى أدحض هذا الادعاء بالحجة القاطعة ..
لكن سأحاول تأجيل هذا الأمر لما بعد هذا المقال، فقد إستفزتني تصريحات هذا المسمى “ماكرون” ، عندما وصف حركة المقاومة ” حماس بالإرهابية ” و ينبغي حشد تحالف دولي لمواجهاتها، و المضحك المبكي أن تصريحه هذا قاله أمام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، و دون أن يحرك هذا الأخير ساكنا أو يحتج على إعتبار أن حماس شركاء في الوطن المغتصب و هي تعبير عن إرادة الشعب الفلسطيني، ففي أخر انتخابات تشريعية تم تنظيمها سنة 2006 في الضفة و القطاع إكتسحت حماس نتائج الانتخابات بحصولها على 76 مقعدا من أصل مقاعد المجلس التشريعي البالغة 132..و هذا الفوز تم رفضه من قبل البلدان الغربية التي ترفع زورا و كذبا، شعار الديموقراطية وصناديق الإقتراع..
بمعنى أن الشعب الفلسطيني من خلاله تصويته على حركة حماس فهو صوت على برنامجها المقاوم، و أعلن رفضه لمسلسل المفاوضات العبثية و السريالية مع الكيان الصهيوني، كما رفض كل مشاريع تصفية و إقبار القضية الفلسطينية، و إسقاط حركة حماس و برنامجها المقاوم ينبغي ان يتم بصناديق الانتخابات و بأصوات الشعب الفلسطيني..و ليس عبر دعم المحتل الصهيوني و عدوانه الغاشم على قطاع غزة ، هذا العدو الجبان لو كانت له ذرة شجاعة ، فليقم بهجوم بري على غزة و ليدخل في مواجهة مباشرة مع شباب المقاومة ..
و عطفا على تصريحات هذا المسمى ماكرون، لابد من التأكيد أن المقاومة حق مشروع مادام هناك إحتلال.. فما من شعب تم إحتلاله إلا ولجأ للمقاومة المسلحة لتحرير وطنه.. ففرنسا مثلا الذي يحاول “ماكرونها” وصف المقاومة بالإرهاب، عندما تم إحتلالها من قبل ألمانيا قاومت الاحتلال بقيادة “شارل ديغول”..فهل ما قمتم به هو مقاومة و إنجاز تاريخي تمجدونه، و ما تقوم به المقاومة الفلسطينية هو إرهاب ينبغي إدانته ، “ما لكم كيف تحكمون” ؟
و هنا ندعو ماكرون و من على شاكلته، إلى العودة ل “إعلان حقوق الإنسان والمواطن” الصادر في 26 أغسطس/آب 1789 (أي في أعقاب انتصار الثورة الفرنسية التي أسقطت الملكي)، و خاصة المادة 2 التي تنص بالحرق على أن: “مقاومة القمع هي حق أساسي، وللفلسطينيين حق المطالبة به”.
كما أن حق تقرير المصير يعد حقاً ثابتاً في القانون الدولي، ومبدأ أساسي في ميثاق الأمم المتحدة، والتي في قرارها رقم 1514 لـ “إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة”، بتاريخ 14 ديسمبر/ كانون الأول 1960، أكدت بصفة صريحة أنه “لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها، ولها بمقتضى هذا الحق أن تحدد بحرية مركزها السياسي وتسعي بحرية إلى تحقيق إنمائها الاقتصادي والاجتماعي والثقافي”.
ويشمل هذا الحق القضية الفلسطينية، وهو ما يؤكده القرار الأممي 3236، بتاريخ 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، والذي نص على أن الأمم المتحدة “تعترف كذلك بحق الشعب الفلسطيني في استعادة حقوقه بكل الوسائل وفقاً لمقاصد ميثاق الأمم المتحدة ومبادئه (…) وتناشد جميع الدول والمنظمات الدولية أن تمد بدعمها الشعب الفلسطيني في كفاحه لاسترداد حقوقه، وفقاً للميثاق”.
وقبل هذا، وفي عام 1970، أصدرت الأمم المتحدة القرار رقم 2649 بـ “إدانة إنكار حق تقرير المصير خصوصاً لشعوب جنوب افريقيا وفلسطين”، والذي ينص بالحرف على أن الجمعية العامة “تؤكد شرعية نضال الشعوب الخاضعة للسيطرة الاستعمارية والأجنبية، والمعترف بحقها في تقرير المصير، لكي تستعيد ذلك الحق بأية وسيلة في متناولها”.
كما أكدت الجمعية العامة على شرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية، وربطتها وقتها بما كانت تعيشه ناميبيا وجنوب إفريقيا من أنظمة فصل عنصري، أيضاً في قرارها بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1986، والذي ينص “على شرعية كفاح الشعوب من أجل استقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية، والتحرر من السيطرة الاستعمارية والفصل العنصري والاحتلال الأجنبي بكل الوسائل المتاحة، بما في ذلك الكفاح المسلح”.
وفي نفس السياق، تؤكد كل من اتفاقية لاهاي واتفاقية جنيف الثالثة الخاصة بحماية أسرى الحرب، على شرعية حمل السلاح لمقاومة المحتل. وأضفت اتفاقية جنيف صفة “أسرى الحرب” على أعضاء حركات المقاومة المنظمة “التي تعمل داخل أرضها أو خارجها وحتى لو كانت هذه الأرض واقعة تحت الاحتلال”، وذلك بشروط، أولها أن يكون لهم رئيس مسؤول، وأن يحملوا السلاح علناً، أن يحملوا علامة مميزة ظاهرة، وأن يلتزموا في نضالهم بقوانين الحرب وأعرافها، وهي كلها شروط تنطبق على المقاومة الفلسطينية..
ولسنا في حاجة إلى التأكيد على أن كل الشرائع السماوية نصت على أن مقاومة المحتل والبغي والظلم حق مشروع..
و ما أريد التأكيد عليه أن ما قامت به حركة حماس هو مقاومة مشروعة وتنطبق عليه شروط و ضوابط مقاومة المحتل الأجنبي.. وفي مقابل المقاومة المشروعة التي يحاول البعض وصمها بالإرهاب ..
هناك الإرهاب الفعلي و الواقعي الذي تمارسه إسرائيل في غزة و فلسطين عموما ، وهو من أخطر و أشنع أنواع الإرهاب، و يندرج ضمن ما يصطلح عليه ب “إرهاب الدولة
فإرهاب إسرائيل” الديمقراطية ” تمارسه ضد شعب محتل في دولة تقوم على التمييز العنصري الذي يقدم أساسًا نظريًّا لاستباحة المدنيين استباحة كاملة؛ لأنه ينزع عنهم صفة الإنسانية أو يراهم أدنى عِرقيًّا أو دينيًّا بل يراهم بأنهم “حيوانات بشرية ” كما وصفهم مجرم الحرب وزير حرب الكيان الصهيوني ” يواف غالانت” ..