مسلسل الخيانات العربية لفلسطين يمتدّ لأكثر من مئة عام.. و”الدولة الفلسطينية” كذب ووهم!
كتب / د. محمد أبو بكر
أحد المعلّقين في مقالتي السابقة طلب منّي الكتابة حول خيانات العرب للقضية الفلسطينية، وضرورة كشف كلّ ما هو مستور، وبالطبع ؛ فإنّ القيام بهذه المهمّة كمن يسير في حقل للألغام، ولا يمكن الكتابة في ذلك دون التطرّق للأشخاص، فلا يجوز الكتابة بتمويه أو تعميم دون تخصيص، وذكر الأشياء بمسمياتها.
ولكن ؛ يمكن القول بأن هذه الخيانات تمتدّ لأكثر من مئة عام، وما زالت متواصلة، لا بل وترتفع وتيرتها، خاصة إذا ما علمنا بأن غالبية الأنظمة ترغب في القضاء على المقاومة الفلسطينية تمهيدا لمواصلة قطار التطبيع المخزي، والإستمرار في سياسة الإنبطاح، وإلّا ما سرّ هذا الصمت المخجل من قبل معظم الأنظمة العربية على ما يجري في قطاع غزة؟
العلاقات العربية مع المنظمة الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية قبل قيام دولة الكيان الصهيوني، واضحة وضوح الشمس، فأحد الزعماء العرب اتّفق مع المنظمة الصهيونية بتسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين مقابل منح الإستقلال لبعض الأقطار العربية، وزعيم آخر أبلغ غولدا مائير بأنهما متفقان على وجود عدو مشترك لهما وهو الحاج أمين الحسيني الذي كان يعتزم إنشاء دولة فلسطين.
وما عليكم سوى الخوض في تفاصيل الثورة الفلسطينية عام 1936، ولولا تدخّل مشبوه من بعض الزعامات العربية بطلب من بريطانيا، لشهدنا إقامة دولة فلسطين قبل العام 1940، غير أن المؤامرة العربية كانت تهدف لإجهاض أيّ توجّه لإقامة الدولة، لأنها من وجهة نظرهم ستشكّل خطرا كبيرا على كافة الدول التي تدور في فلك الإنجليز.
ولنذهب إلى الهدنة مابين العامين 1947 و1949، وكان يمكن للعرب أن يحققوا الكثير من الإنجازات، غير أن القيادة السياسية كان لها رأي آخر، وبطلب بريطاني يتمثل بضرورة منح هدنة لليهود، حيث استطاعوا الحصول على أحدث الأسلحة من كل من بريطانيا وفرنسا وتشيكوسلوفاكيا، فحقق اليهود انتصارات لافتة، من خلال الإستيلاء على مزيد من الأراضي، ولم يبق للعرب غير 22 بالمئة من مساحة فلسطين، أي الضفة الغربية وغزة فقط.
هل أستمرّ في استعراض المسلسل؟ العرب لا يرغبون حقّا برؤية دولة فلسطينية على الإطلاق، ويحاربون ذلك بكلّ قوّة، ويقول الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر في مذكراته ما يلي ؛ ( إلتقيت بغالبية القادة العرب، لم يذكر أيّا منهم الموضوع الفلسطيني أمامي، سوى الرئيس اللبناني إلياس سركيس، ليس حبّا بالفلسطينيين، بل لأنّه كان يريد التخلّص منهم، وإعادتهم إلى بلدهم ).
ويعتقد العديد من القادة العرب بأنّ قيام دولة فلسطينية سيشكّل الخطر الأكبر على أنظمتهم، خاصة وأن الفلسطينيين من أكثر الشعوب العربية ثقافة وتعليما، وقد يكون لهم تأثير بالغ على شعوب عربية أخرى، وبالتالي فإنّ حديث القادة والمسؤولين العرب عن ضرورة قيام دولة فلسطينية مستقلة ما هو إلّا كذب ووهم.
لا أحبّ الإطالة في الكتابة، فحلقات المسلسل تفوق أيّ مسلسل تركي أو مكسيكي، صحيح أنني لم أتطرّق للأسماء، ففي ذلك حماية لي أيّها السادة، وحينها قد يكون هذا المقال هو الأخير لي، فأنا لست راغبا بتكرار الذهاب إلى ( بيت خالتي ) من جديد، فقد مللت السين والجيم، افتحوا الإنترنت واكتشفوا بأنفسكم تلك الخيانات التي تتوّج اليوم بما يجري من مجازر بحق الشعب الفلسطيني في غزة، وهي مجازر صهيونية عربية أمريكية مشتركة.