بانتظار عدالة محكمة العدل
كتب / علي الخفاجي
مضى على اندلاعها أكثر من مئة وعشرة أيام وما زالت قذائف الاحتلال الاسرائيلي تحرق وتسرق أرواح وأجساد الضحايا من المدنيين العزل، فمنذ 7 اكتوبر من السنة الماضية وإلى يومنا هذا لم تسلم المستشفيات ودور العبادة والمدارس والأحياء السكنيَّة من الاعتداءات المتكررة من الكيان الاسرائيلي وبشكل انتقامي وعدائي.
فمنذ ذلك الحين ونحن نسمع الإدانات والاستنكارات الخجولة من قبل جميع دول العالم لا سيما العربيَّة منها فلا يتعدوا مرحلة الاستنكار والشجب ولغايات معروفة، وبعد مرور الأيام واشتداد الحرب وقتل وتشريد آلاف الأبرياء تدخل مجلس الأمن الدولي تدخلاً خجولاً كالعادة ولولا الضغوط الدولية والمطالبات لما فعل ذلك، وامام الرأي العام أصبح المجتمع الدولي مطالب بالضغط على الدول لإرسال مساعدات مادية ومعنوية لسكان قطاع غزة وتم ذلك وإن كانت تلك المساعدات أقل ما يقال عنها بالفقيرة مقارنةً بحجم الدمار الهائل الذي أصاب القطاع، وعلى الرغم من ذلك تكاد لاتصل منها إلّا القليل بعد عدة إجراءات وموافقات للسماح لها بالدخول.
وبعد أن عجز العالم عن إيقاف الحرب الهوجاء التي عصفت بالأرواح بدأت القليل من الشعوب الحرة بالتظاهر استنكاراً لما يجري في الأراضي الفلسطينيّة، حيث أثبت مواطنو تلك الدول بأنّ الأحرار في العالم يجمعهم موقف واحد وهو رفض الظلم بكل أشكاله ورفض الاعتداء على مقدرات الشعوب.
استخدمت إسرائيل وبمساعدة ماكنتها الإعلاميّة الكبيرة عدة وسائل لإقناع المجتمع الدولي بأنّها بريئة مما يحصل وإن ما تفعله ما هو إلّا ردّة فعل طبيعيّة وهي بذلك دولة مدافعة عن الحقوق الأصيلة لدولتهم، وبعد أن غرس الكيان الصهيوني مثل هذه المفاهيم في قلوب وعقول كثير من المتلقين حتى أصبح الإعلام الدولي وحتى العربي بقصدٍ أو من دون قصد يستخدم مصطلح جيش الدفاع الاسرائيلي بدلاً من الجيش الإسرائيلي في إشارة منه بأنّه يستخدم حقه الطبيعي بالدفاع عن مقدرات وكيان الدولة وان موقفه موقف المتصدي والمدافع، واستمراراً لمسلسل الخداع الممنهج الذي تستخدمهُ اسرائيل وانتهاجاً لتلك السياسة استخدمت الأكاذيب الأشد والأبشع حيث صرحت وبأكثر من مناسبة بأن المساعدات المقرر لها أن تصل لغزة عن طريق مصر لم تصل بشكلٍ سليم بحجة أن مصر هي من تعرقل إيصال تلك المساعدات، وهذا ما أكدهُ رئيس هيئة الاستعلام المصريّة في معرض دفاعه أمام محكمة العدل الدوليّة على الإدعاءات الاسرائيليّة حيث إتهم المسؤولين الاسرائيليين بالكذبِ والتهافت، ونتيجة للسياسات القذرة التي تنتهجها إسرائيل منذ عشرات السنين جعلها أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي في موقف المتهم، وبين خلط التصريحات ودمجها باتت مثل تلك التصريحات عرضةً للنقد تارةً وللسخرية تارة أخرى لأنّه وبأكثر من مناسبة صرح المسؤولون الاسرائيليون بأنّهم لم يسمحوا بدخول او ايصال أي مساعدات لسكان قطاع غزة وخصوصاً الوقود لأنّه وحسب قولهم إنّ ذلك جزءٌ من الحرب التي تشنها دولتهم على
القطاع.
اليوم أمام المجتمع الدولي فرصةً أخرى بعد أن فشل او تقاعس بالأولى وعليه أن يثبت حسن نواياه وان يعمل كما عملت دولة جنوب افريقيا حيث سحبت جميع الدبلوماسيين من إسرائيل، فضلا عن إقامة دعاوى قضائيّة بصورة علنيّة أمام محكمة العدل الدوليّة وان يقدم الأدلة والأسانيد التي تبيّن ارتكاب الاحتلال الاسرائيلي مئات المجازر بحق المدنيين، واذا ما تمَّ ذلك ربما يجعل من محكمة العدل الدوليّة أمام موقف مسؤول باتخاذ قرار حاسم وقطعي لإنهاء جرائم الاحتلال الاسرائيلي، ومن ثمَّ ستكون سبباً لإنهاء معاناة الفلسطينيين الذين طالما أضطهدوا منذ أمــدٍ بعيد.