بوتين.. زيلينسكي.. بايدن.. بين الحرب والانتخابات من يضعف ومن يصمد؟
كتب / د. نواف إبراهيم
ثلاثة سيناريوهات انتخابية يمكن أن تغير عام 2024، بوتين يسحق منافسيه، زيلينسكي في أزمة، يؤجل التصويت، وبايدن في حالة سقوط حر.
في عام 2024، تنتهي فترة ولاية الرؤساء الثلاثة بوتين،زيلينسكي ،بايدن، الذين سيطروا على المسرح العالمي خلال العامين الفائتين، ففي شهر مارس/آذار القادم ، ستصوت روسيا على إختيار رئيس البلاد، وفي ذات الشهر، تنتهي أيضا فترة ولاية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، ستُفتح أبواب الإنتخابات للتصويت على خليفة الرئيس جو بايدن في الولايات المتحدة. ثلاثة مواعيد حاسمة ونهائية ستحدد مسار الأحداث في الأعوام المقبلة، هذه المواعيد تتشابه فقط بالشكل الرسمي مع بعضها البعض. في هذا العام المتقلب ، يبدو أن عنصر الاستقرار الوحيد، وللمفارقة، يتمثل في فلاديمير بوتين، على الرغم من أنه بعد الهجوم “العملية العسكرية الخاصة” على أوكرانيا كان هناك من قال، إن نظامه السياسي قد إقترب من النهاية لأسباب مختلفة (مرض الزعيم) ، العجز المالي، عدم الاستقرار الاجتماعي، العزلة الدولية) والخ … المطيات الفعلية إذا مانظرنا إلى بدايات العام الحالي تعطي أمل أكبر، والتي يبدو أنها مسحت التوقعات المنتظرة بشكل تام. إذ أنه في الواقع سيبقى “القيصر” في السلطة بقوة حتى عام 2030، وهي ولايته الخامسة على التوالي، ليصبح الزعيم الأطول بقاءً في سدة الحكم في روسيا الحديثة، الآن بات الأمر مسلماً به، مع الأخذ بالسحبان الغياب التام للمعارضة، التي تم تصفير تأثيرها و تحييدها بفعل التدابير الوقائية الحاسمة التي اتخذها الكرملين.
مظاهر المنافسة الديمقراطية
وفقاً لمنظمة “غولوص” وهي منظمة غير حكومية محظورة في روسيا. فقد تم استبعاد ما يقرب من ربع المرشحين الإداريين”ممن تم إعتبارهم خارج القانون” من بين الذين فاز بهم حزب “روسيا الموحدة” الحاكم في سبتمبر الماضي بشكل تعسفي من المنافسة بسبب مخالفات رسمية مزعومة أو شكاوى من التطرف”. المعارضة “المنظمة” التي ستقدم مرشحيها لمنصب الرئاسة، تتمتع بسمعة نظيفة، ضرورية لإضفاء المظهر الديمقراطي على المنافسة، ويبقى أليكسي نافالني الخصم الحقيقي الوحيد القادر على توحيد الإجماع على مثل هذا الموقف، لكنه في عزلة تامة في سجن IK-3 الإصلاحي في “خارب” وهي ” بلدة حضرية تقع في منطقة يامالو- نينيتس التابعة لمنطقة لابيتنانغي و تتمتع بالحكم الذاتي ،خلف االدائرة القطبية الشمالية. وفي أعقاب بدء نافالني حملته ضد إعادة انتخاب بوتين، والتي تم الترويج لها من خلال موقع neputin.org، حُكم على كسينيا فاديفا، النائبة السابقة في المجلس التشريعي للمدينة والمقربة من نافالني، مؤخراً بالسجن تسع سنوات في سجن تومسك في سيبيريا بتهمة”إنشاء منظمة متطرفة”.
الميدان وقبضة بوتين الحديدية
أما على جبهة المواجهة الميدانية يبدو أن قبضة بوتين الحديدية قد تغلبت على الأخطاء التي ارتكبت في الأيام الأولى للحرب، اذ كان من المفترض في خطط الكرملين الأولية أن يؤدي الهجوم على كييف الى الإطاحة بزيلينسكي، وتأمين ولادة حكومة صديقة للمقاومة الأوكرانية، معززة باستغلال الدعم العسكري الذي تقدمه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما أدى إلى تغيير الإستراتيجية، وحوّل الحرب الخاطفة المخطط لها إلى حرب طويلة الأمد ضمن دائرة صراع منخفض الحدة. ولكن هذا المجال بالتحديد، حيث يعد استخدام القوات البرية أمرًا حيويًا، يبدو أن روسيا قد عززت موقفها، بفضل الفوارق الكبيرة بين الأطراف المتحاربة على المدى الطويل، وبالتالي يستطيع بوتين تحمل وزر المزيد من التضحيات بحجم اكبر من حيث العديد والموارد مقارنة بزيلينسكي دون التفكير بمدى تأثر الإحتياطات العسكرية والإقتصادية والديموغرافية بذلك.
فخ الصراعات الأوكرانية الداخلية
إن الأجواء التي تعيشها أوكرانيا مختلفة، حيث النشوة التي أعقبت الإعلان عن الهجوم المضاد سرعان ما أفضت إلى حالة من التشاؤم الحاد. ويدرك جنرالات كييف أن الأشهر القليلة المقبلة سوف تكون محفوفة بالمخاطر أكثر من الفرص المنتظرة، بسبب نفاد الأسلحة مع تناقص أعداد المكلفين الذين يواجهون الانشقاقات المتزايدة بين المجندين الشباب. الوضع مختلفاً تماماً عما حدث بعدما بدأ الهجوم، حيث توافد المتطوعون على مراكز التجنيد في كل أنحاء البلاد. ومن غير المستغرب أن تتصاعد الصراعات بين زيلينسكي والقيادة العليا لهيئة الأركان العامة الأوكرانية مترافقة مع انتقادات حادة من الجنرال فاليري زالوجني، قائد القوات المسلحة، الذي انتقد غير مرة سير العمليات الميدانية و الإجراءات التي اتخذها الرئيس زيلينسكي. على هذه الخلفية، من الصعب فتح صناديق الاقتراع الأوكرانية في 31 مارس/آذار، زيلينسكي نفسه في تشرين الثاني/نوفمبر قال : “الآن ليس الوقت المناسب للذهاب إلى صناديق الاقتراع”، نظراً للتحديات الأمنية واللوجستية الكبيرة الناجمة عن الحرب المستمرة وفرار أكثر من 8 ملايين أوكراني، من البلاد منذ أن بدأ الصراع و معظمهم من الناخبين.
ريبة الإنتخابات الأمريكية وشبح ترامب
في الأيام الأخيرة، نصحت صحيفة نيويورك تايمز زيلينسكي بالتخلي عن الأراضي التي تسيطر عليها روسيا، ولو بشكل مؤقت، من أجل تسريع دخوله إلى الاتحاد الأوروبي وبالتالي الحصول على حماية دولية أكثر استقرارا وديمومة. ولكن وفقا لدراسة أجراها معهد كييف الدولي لعلم الاجتماع، فإن المفاوضات المحتملة مع الكرملين لن تؤثر على ثقة زيلينسكي، الذي تقلصت سلطته في عام 2023 بأكثر من 20%. هذا السيناريو شديد التقلب يخلق حالة من الريبة المرتبطة بالانتخابات الأمريكية، تترافق مع تحضير جو بايدن، الثمانيني، نفسه لإنهاء فترة ولايته بأسوأ سجل شعبية تم رصده على الإطلاق لرئيس أمريكي، إذ أنه وفقًا لاستطلاع أجرته مؤسسة “غالوب” بلغت نسبة الموافقة الشعبية على أفعاله فقط 39٪ فقط ، في وقت يحوم فيه شبح ترامب حول البيت الأبيض، مهدداً بالخروج من حلف شمال الأطلسي”الناتو” ورفض أوكرانيا لقبول مصيرها.