قد لايكفي الاعتذار من البعثيين!!
كتب / سعيد البدري…
يبدو من غير المنطقي إلغاء هيئة المساءلة والعدالة التي كانت نسخة مطورة من قانون اجتثاث حزب البعث المحظور، ولعل الحراك النيابي بهدف السعي لإلغاء هذه الهيئة ،أخذ منحى جديا في إطار تنفيذ ما يطلق عليه بورقة الاتفاق السياسي، التي أفضت لتشكيل الحكومة الحالية، فمن هم أبرز المتحمسين لتفعيل هذا الإجراء وتمريره، وما هي المخاطر التي ينطوي عليها الإلغاء، وهل سيكون ذلك مقدمة لدخول واسع للبعثيين وإعادتهم للعملية السياسية، سيما من تورط منهم بدماء الأبرياء من أبناء شعبنا ،الرافض لعودتهم جملا وتفصيلا.
ليس سرا ان من بدأ هذه الاجراءات هو رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي المدان بالتزوير، فقد وجه خلال وجوده في منصبه، كتابا يطالب فيه هيئة المساءلة والعدالة، انتهاء مهامها، كما سبق ذلك إرسال الحكومة طلبا يتضمن جمع بيانات المشمولين بالاجتثاث، وارسال أرشيفها إلى القضاء، دون الافصاح عن الترتيبات والبديل الذي يمكنه متابعة كل الاجراءات المتعلقة بمتابعة نشاطات وصلاحية المشمولين بقوانينها بأعتبارها احد اهم الجهات التي جرى تأسيسها ضمن مؤسسات العدالة الانتقالية بعد اسقاط نظام البعث في العراق العام 2003.
على المستوى الشعبي هناك مخاوف جمة وهذه حقيقة لايمكن نكرانها، فحالة الرفض الواسع لحل هيئة المساءلة والعدالة سببه ذلك الحراك الذي يقوم به بعض كبار البعثيين، ولعل مطالبات جهات بعينها عرفت بخطابها المتماهي مع سلوكيات النظام المقبور على تضمين الغاء الهيئة ،يشير بوضوح لوجود عمل منظم على إعادة تنظيم صفوف الحزب المقبور، وهذا ما تكشفه بياناتهم ولقاءاتهم خارج العراق وبالتنسيق مع اجهزة مخابرات دولية معروفة،اما على صعيد الملاحظات وفقدان هذه الهيئة مبررات وجودها بسبب كثرة الخروقات والاستثناءات لبعثيين تم دمجهم في العملية السياسية نقول ان رمزية وجود هيئة تعالج ملف الحزب المحظور على غرار ما جرى من اجراءات في المانيا بعد زوال النازية،يوجب اعادة ضبط الاداء وتقييمه ،لا الالغاء وتمييع هذا الملف الهام.
سياسيا لا بد من أن تبدي قوى الإطار التنسيقي موقفها الواضح والصريح، بدل حالة التبرير السائدة حاليا، سيما ان الواقع يشير لانهم ممثلين عن الضحايا ،فيما تقول احاديث الكواليس ان بعض القوى ليست مع عودة البعثيين إلى مؤسسات الدولة ،وان محاولات إلغاء قانون المساءلة والعدالة ستواجه بالرفض ،وعليه فلا داعي لممارسة دور مزدوج بالتناغم مع اي قانون جديد يذهب بأتجاه الالغاء، وكون الهيئة قد فقدت مبررات وجودها لأن امر البعثيين المدانين واركان النظام المحظور حولت للقضاء، فذلك لن يرضي العراقيين، الذين يرون في ذلك محاولة للتنصل تحت تأثير الصفقات السياسية والتسويات التي تجري على حسابهم.
لقد اشازت التسريبات عن ان بنود وثيقة الصفقة السياسية التي تشكلت الحكومة بموجبها، يشير لالزامية إلغاء هيئة المساءلة والعدالة وتحويل ملفاتها إلى القضاء والدوائر ذات الشأن، كما تضمن بند اخر تمرير قانون العفو العام مع بعض الاستثناءات التي منعت المتورطين بالعمل مع التنظيمات الإرهابية أو من ساعدوا الإرهاب أو ورد اسمائهم بقوائم الجهات الأمنية من هذا العفو.
من هنا نقول ان اي اجراء فعال يراد منه تحكيم رأي الشعب العراقي ينبغي تضمنه حظر البعثيين المجرمين، مع حصر التعاطي معهم بجهة متخصصة تمنع استثنائهم من اي فقرات عقابية، فهم لم يفكروا بالاعتذار للشعب ولم يثبتوا ولاءهم للنظام السياسي الذي اختاره الشعب حين صوت للدستور ،بل مازالوا يتحدثون بوقاحة عن عدم ندمهم على ما اقترفوه من جرائم ، وعلى من يتبنون مسار الالغاء الحذر، وعدم الانسياق خلف أوهام تسوية الملفات السياسية لضمان الوحدة الوطنية، لأن حزب البعث المحظور ورموزه وازلامه لأيؤمنون بوطن وسجيتهم العدوان والقتل والانقلابات، كما ان الغاء هيئة المساءلة والعدالة، ليست الا مقدمة للترحيب بهم وقد لايكفي الترحيب وسيطالبنا حماة الدستور بتقديم الاعتذار لاؤلئك الاوباش، لممارسة دورة الاجرام التي رافقت وجودهم في السلطة، فمن يصفق لهم يعتقد ان العراقي الذي رزح عقودا طويلة تحت وطأة جلاوزة حزب البعث المجرم قد اساء التقدير برفضهم ،وقد حان الوقت للاعتراف بذلك والتصفيق لعودتهم من جديد...