لماذا كل هذا الهوان الامريكي امام اسرائيل؟
كتب / د. احمد قطامين
افهم ان تقوم دولة عربية محدودة القوة والامكانيات كالاردن باسقاط جوي لمساعدات انسانية لاهل غزة في غياب وسائل اخرى لايصال تلك المساعدات لمجتمع تم حصارة وقتله ومنعه من الوصول الى مصادر ابقاء ودعم الحياة، فالاردن دولة لا تملك القوة الخشنة او الناعمة لاجبار اسرائيل على عدم التعرض لقوافل المساعدات الداخلة من المعابر مع غزة ولا تستطيع تقديم دعم حقيقي يؤثر في مجريات الامور في غزة اكثر من الاسقاطات الجوية المتتالية بهذه الطريقة.
لكن الغريب ان تلجأ الولايات المتحدة الامريكية الى اسلوب اسقاط المساعدات جوا الى غزة مع ان بامكانها ان تدخل المساعدات وبالآف الشاحنات يوميا من خلال كافة المعابر مع غزة حتى دون اخذ الاذن من اسرائيل، فكلنا يعلم ان اسرائيل لا تستطيع البقاء على قيد الحياة ليوم واحد في غياب دعم امريكا ورعايتها في كافة جوانب حياة هذا الكيان.
اذن، ما هذا الهوان الامريكي امام اسرائيل الذي لا مبرر له ومن غير الممكن ايجاد اي تفسيرله سوى ان الادارة الامريكية الحالية تعاني من ازمة خطيرة في قدرتها على تزويد العالم بدور قيادي يليق بما لدي الولايات االمتحدة من امكانيات وموارد استراتيجية وبالتالي قدرة على ممارسة دورها المفترض والمتوقع منها كاقوى قوة في العالم.
انها ادارة تعاني من شلل هيكلي في عملية اتخاذ القرارالاستراتيجي، وحتى في الحسابات التكتيكية للانتخابات الرئاسية الامريكية هذا الضعف امام اسرائيل لا يخدم هذه الادارة لا بل يجعل من احتمالية الفوز بالانتخبات الرئاسية احتمالية اقرب الى الصفر.
لقد ضجت وسائل التواصل الاجتماعي الامريكية خلال الايام الماضية بانتقادات لاذعة لعمليات الاسقاط الجوي للمساعدات في غزة نظرا لكون امريكا قادرة على اجبار اسرائيل على السماح بادخال المساعدات المكدسىة بكميات كبيرة في معبر رفح وهو الاسلوب الاكثر فاعلية وقدرة على ادخال كميات كبيرة جدا من المساعدات لحماية الناس من الموت جوعا في غزة، اضافة الى محدودية تأثيرالمساعدات الجوية ولكون التجارب السابقة بينت ان من الصعب ايصالها للناس المحتاجين لها لانقاذ حياتهم، حيث سقطت كميات من هذه المساعدات في البحر غربي القطاع وسقطت اخرى شرق القطاع في المستوطنات الاسرائيلية في غلاف غزة بعد ان سحبت الرياح المظلات التي تحمل المساعدات الى تلك المناطق.
خلاصة الموضوع ان دولة عظمى كالولايات المتحدة لا يجوز ان تكون تحت رحمة التقلبات الانفعالية السياسية لنتنياهو واجنداته الخاصة واحلام كيانه المرضية في السيطرة والقوة وارتكاب ابشع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية علما ان الحقيقة الواضحة والمؤكدة ان نتنياهو وكيانه وعصبته الاجرامية كلها لا تستطيع ان تملك شيئا اذا ارادت امريكا ان لا تملكه، ولا يستطيع احد في الكيان ان يتخذ قرارا منفردا اذا لم توافقه امريكا على ذلك القرار.
ونقول لامريكا ان الكبير يجب ان يظل كبيرا، والا في يوم ما ومع تراكم الاخطاء والخطايا سيبدل الله الارض غير الارض والحال غير الحال، لآن الظلم ظلمات والحق ابلج.