المصداقية الدولية في مهب الريح
كتب / الدكتور محسن القزويني
بالرغم من مرور بضعة ايام على قرار مجلس الامن 2728 الذي طالب اسرائيل بوقف اطلاق النار في شهر رمضان المبارك فلا زالت اسرائيل تمارس عدوانها السافر على غزة بل ازدادت رعونة وتغطرسا حيث ركزت هذه الايام ضمن اهدافها قصف المستشفيات وضرب التجمعات البشرية المزدحمة حول شاحنات المساعدات الغذائية وهذا يعني: ان اسرائيل ليس فقط تتجاهل هذا القرار وحسب بل تزداد تماهيا في الرد على القرار الاممي ، وهو ليس بجديد على اسرائيل التي تجاهلت منذ عدوانها على فلسطين في 1948 المئات من قرارات مجلس الامن مما جعلت المجتمع الدولي وبالاخص مجلس الامن امام امتحان عسير فكان لابد من اتخاذ تدابير اكثر صرامة من مجرد اصدار قرار لا زال النقاش محتدما حول الزاميته او عدم الزاميته على رغم وضوح الماده 25 من ميثاق الامم المتحده والتي تجعل قرارات مجلس الامن ملزمة لجميع الدول الاعضاء .
وكان واضحا للجميع الموقف الاسرائيلي من القرار قبل صدوره وانها ستتجاهل تطبيقه كما تجاهلت جميع قرارات مجلس الامن السابقة والتي تعد بالمئات وهذا هو ديدن اسرائيل في رفضها الانصياع الى القرارات الاممية سواء كانت صادرة من مجلس الامن او الجمعية العامة فجميع هذه القرارات بقت حبرا على ورق تتجاهلها اسرائيل طالما ظلت الدول المساندة لها تزودها بالسلاح والعتاد وتقدم لها المساعدات اللوجستية ومنها دول اسلامية وعربية مع الاسف لا زالت تدعم اسرائيل وتقدم لها ما تحتاجه من واردات تحت ذريعة الاتفاقيات التجارية. فما الذي يردع اسرائيل عن غيها؟ سؤال يوجه الى مجلس الامن والى الدول التي لا زالت تساندها وتقدم لها المساعدة.
ان السبيل الوحيد لوقف العدوان الاسرائيلي هو تطبيق ميثاق الامم المتحدة الذي يضع امام مجلس الامن خيارات عملية في حالة تهديد السلم والامن الدوليين ،من هذه الخيارات تنفيذ عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وحظر توريد الاسلحة وصولا الى استخدام القوة العسكرية فالماده 41 تؤكد: لمجلس الامن ان يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته وله ان يطلب الى اعضاء الامم المتحدة تطبيق هذه التدابير وهي: ايقاف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيا او كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الدولة المارقة التي يشكل وجودها تهديدا للامن والسلم ، وفي حالة عدم انصياع هذه الدولة عن تنفيذ قرارات الامم المتحده فيطبق بحقها المادة 42 من ميثاق الامم المتحدة والتي تلزم المجتمع الدولي باستخدام القوات الجوية والبرية والبحرية حفاظا على السلم والامن الدوليين، فمتى يصبح مجلس الامن عند مسؤولياته في مواجهة العدوان الاسرائيلي على غزة ، والذي اصبح يهدد السلام العالمي، والذي ينذر بتوسع دائره الصراع ليشمل دولا اخرى وساحات جديدة، اذ ليس من المعقول ان يسكت المجتمع الدولي على المذابح اليومية التي ترتكبها الآلة العسكرية الاسرائيلية.
والى متى يستطيع العرب والمسلمون ان يصبروا على مشاهد اشلاء الاطفال المتطايرة في غزة وعلى النازية الجديدة التي تمارسها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني والتي فاقت اعمال هتلر وموسليني.