أمريكا تفطم إسرائيل فهل تبحث الأخيرة عن مرضعةٍ؟
كتب / د. بسام روبين
تقوم بعض الدول أحيانا بإنشاء علاقات متقدمة مع أصحاب السوابق ظنا منها أن تلك العلاقة قد تخدم مصالحها وتساعدها في إنفاذ القانون ،ولكن هذه الفئة الضالة والتي لا يؤمن جانبها تسيء فهم ذلك التقارب فتتجاوز الحدود حتى تشكل خطرا على أمن تلك الدول مما يدفع بالدولة لتصفية هؤلاء حفاظا على النظام العام ،فالعلاقة العضوية المركبة بين أمريكا وإسرائيل لا تبتعد كثيرا عن هذا السياق فالكيان المحتل يرتكب الجرائم وينتهك القانون الدولي ويسبب حرجا لأمريكا بين دول العالم حتى وصل الأمر لهذا الكيان بتعمده إذلال مسؤولي البيت الأبيض بتمرده على نصائحهم بالرغم من أن أمريكا تشكل الماء والهواء والفيتو بالنسبة لهذا الكيان ،وأعتقد أن هنالك صحوة بين النخب الأمريكية المختلفة حيث بدأت تستشعر خطر هذا الكيان على القيم الأمريكية.
وبالرغم من الإتفاق الأمريكي الإسرائيلي على الخطوط العريضة المتمثلة بتدمير غزة والقضاء على المقاومة الفلسطينية لافساح المجال امام المخططات الأمريكية نحو مزيد من الهيمنة والسيطرة على مقدرات المنطقة إلا أن تعاظم ضغط الرأي العام الغربي على حكوماتهم أوجد مروحة سياسية تدفع باتجاه تهذيب الكيان المحتل وإجباره تدريجيا على الإلتزام بالقانون الدولي بعد فترة طويلة من تمرده على المنظومة الدولية وقتل أفرادها وقتل الصحفيين وضرب أي قرار دولي بعرض الحائط ،ويبدو أن أمريكا وتحت كواليس من الضغوط قررت أن تفطم هذا الكيان المحتل وبدأت ذلك بالإمتناع عن التصويت وعدم إستخدام الفيتو ضد قرار وقف إطلاق النار خلال شهر رمضان.
وقد كانت ردة الفعل الإسرائيلية فيها نوع من الإذلال والتنمر على الموقف الأمريكي وقد نفذت تهديدها بإلغاء إرسال وفدها الدفاعي المقرر لمناقشة خطة إقتحام رفح والتي لا تعارضها أمريكا بقدر ما تسعى لحماية إسرائيل من تبعات قراراتها بعد أن فشلت بتحقيق أيا من أهدافها بالقوة العسكرية ،وأعتقد أن إسرائيل إستشعرت بهذا الخطر فهي لا تمتلك أي أسنان لمضغ الطعام بعد أن شبت على الرضاعة لسن متأخرة يصعب عليها التأقلم مع الوضع الجديد الذي ربما تسعى له أمريكا ،لذلك نراها قد بدأت مبكرا بالبحث عن مرضعة جديدة تحل محل الرضاعة الأمريكية ،وهذا ممكن في العلاقات الدولية المتحركة وقد يضع أمريكا في حرج غير مسبوق فهذا الأسلوب قد يخلق حالة من التمرد لدى حلفاء أمريكا الذين ينفذون من الأوامر أكبر ما يطلب منهم ،فهل تلتقط الصين وروسيا هذه الموجات وتظهر بشكل أقوى من ظهورها الخجول حتى تشجع الدول الحليفة لأمريكا وخاصة العربية والإسلامية للإنفكاك التدريجي عن سياسة الإستعمار الأمريكي بقالبه الجديد ،فربما تشهد الفترة القادمة مزيدا من الأخطاء الإسرائيلية وتخبطا أمريكيا بالعودة إلى الفيتو والغرق في الوحل الإسرائيلي مما قد يتسبب في تعاظم معارضة الرأي العام الغربي ،فيسير خلف البرازيل وكندا وخلف أحرار مجلس النواب البريطاني الذي يقف بأعلى صوته التشريعي ضد جرائم الكيان المحتل.