الهاسبارا: قوة إسرائيل الإعلامية
كتب / سيف ضياء
في ظل التطورات المتسارعة والصراعات المتنامية على الساحة الدولية، شهدنا تحولات جذرية في أساليب إدارة النزاعات، إذ برزت بقوة آليات قتالية تتجاوز الحدود التقليدية لتمتزج بخبايا الحرب النفسية والإعلامية؛ حيث بات الإعلام، وبخاصة في العقد الأخير، يشكل محوراً رئيسياً في هذه الصراعات، معززًا بقدرته الهائلة على التأثير في الوعي الجماعي وتشكيل الرأي العام العالمي، في هذا السياق، يبرز «الهاسبارا» كاستراتيجية إسرائيلية رئيسية ضمن جبهات الصراع، إذ تسعى من خلالها إسرائيل لتحسين صورتها العالمية وتقديم نفسها كنموذج للديمقراطية والسلام في مواجهة «الإرهاب»، كمفصل استراتيجي في السياسة الإسرائيلية، لا تقتصر ممارساتها على الإطار الأمني والعسكري فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل الأبعاد الإعلامية والثقافية، مستعينة بتقنيات معقدة ومتطورة لإدارة وتوجيه المعلومات، تمتد جهودها لتنظيم حملات إعلامية مكثفة تستهدف من خلالها دحض النقد الدولي وتبرير تحركاتها العسكرية تحت غطاء مواجهة «الإرهاب»،إذ إن في السنوات الأخيرة، زادت الحكومة الإسرائيلية من تخصيص الموارد المادية والفنية لدعم جهود «الهاسبارا»، بتخصيص ميزانيات كبيرة لوزارات مختلفة ومنظمات مدنية ناشطة في هذا المجال، ما يعكس مدى الأهمية التي تُوليها لتعزيز سياستها الإعلامية، إذ أصبحت «الهاسبارا» نقطة محورية في السياسة الخارجية والداخلية لإسرائيل، وعنصرًا أساسيًا في مساعيها لتشكيل الوعي والرأي العام العالمي بما يخدم أجندتها، إذ يشكل التوظيف المكثف للإعلام في إطار «الهاسبارا» تهديدًا على الرأي العام العالمي، حيث يمكن لهذه الجهود أن تؤدي إلى تشويش الحقائق، وتغيير مسار الرأي العام، وإثارة الانقسامات، وتبرير الأعمال العنيفة، لذلك، يُعد التعريف بأساليب «الهاسبارا» وخطورتها على الوعي الجماعي ضرورة ملحة؛ ليتسنى للفرد التمييز بين المعلومات المغلوطة والدقيقة، ولتعزز المؤسسات الإعلامية والتعليمية ببرامج التوعية حول هذه الظاهرة.
في ختام هذا العرض، يتضح أن «الهاسبارا» لا تعتبر مجرد أداة دبلوماسية أو إعلامية، بل تمثل استراتيجية شمولية متعددة الأبعاد تسعى إسرائيل من خلالها لتعزيز نفوذها وتأثيرها عالميًا. ومن خلال فهم آليات هذه الاستراتيجية ومواجهتها بوعي ومسؤولية، يمكن تجاوز التحديات التي تفرضها هذه الجهود على العدالة والسلام العالميين.