الحرس الثوري لإسرائيل: إنتظرونا!
كتب / الدكتور خيام الزعبي
فعلتها المقاومة، وضربت في العمق الإسرائيلي، في إطار مواصلتها مقاومة الاحتلال، ونُصرةً للشعب الفلسطيني في غزّة، وردّاً على العدوان الإسرائيلي على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق ، رافضة بذلك تكريس معادلة تقول أن الضربات الإسرائيلية يمكن أن تمرّ مرور الكرام دون ردّ، فارضة في المقابل معادلة من نوع آخر، معادلة عنوانها “من يعتدي على محور المقاومة سنحرقه ونجعل منه عبرة للعالم”.
قرع الحرس الثوري الإيراني طبول الحرب مع إسرائيل بعد أن قصفت القنصلية الإيرانية التي إستهدفت قادة في المقاومة، والصراع بين الجانبين طفى على السطح من جديد، وبدأ يكشر عن أنيابه، وبعد توعد إيران بالإنتقام، أعلنت المقاومة الإسلامية في العراق ضرب مجاهديها، هدفاً حيوياً في الأراضي الفلسطينية المحتلة بالأسلحة المناسبة ، هذا مما دفع الإسرائيليين إلى العيش في حالة خوف ورعب وتوترٍ، كونهم يخشون من أن تؤدّي هذه العملية إلى حرب شاملة ومفتوحة تندلع مع حزب الله وحتى مع إيران وسورية والمقاومة في العراق واليمن وحركات المقاومة الفلسطينية.
بالتأكيد أن هذا العمل الإرهابي في قصف القنصلية الإيرانية يحمل البصمتين الأمريكية والإسرائيلية وحلفاؤهم للانتقام من إيران التي أسقطت كل هذه المشاريع ووضعت مع حلفائها في محور المقاومة امريكا والكيان الصهيوني في حالة من عدم القدرة على استكمال مخططاتهما في المنطقة عامة وإيران خاصة.
في هذا السياق ستنجلي الأيام والأسابيع القادمة عن تداعيات هامة وكبيرة لهذه الحرب أهمها انحسار الهيمنة العسكرية الإسرائيلية على المنطقة لصالح توازن قوى جديد يفرضه محور المقاومة، فهناك شرق أوسط جديد سيظهر، لكنه ليس وفق رغبات تل أبيب، وإنما وفق توازن القوى الجديد، كل هذه التطورات المتوقعة تشكل مفصلا تاريخيا يؤثر بصورة كبيرة على كل المخططات والسياسات الإسرائيلية- الغربية في المنطقة، وستدخل المنطقة في مرحلة تاريخية جديدة تهدد بقاء إسرائيل وقدرتها على الاستمرار في السيطرة على ثروات المنطقة، ولهذا فإن القوّة الصاروخية التي يمتلكها الجيش الإيراني والقادرة على ضرب أي مكان في إسرائيل، فضلاً عن قدراته الهجومية التي لا تزال في إرتفاع مستمر، ليس لمصلحة إسرائيل في فتح جبهة مع طهران، ليصل الأمر بالمقابل إلى إعتبار أن سيناريو الحرب القادمة مع إيران سيكون الأخطر في تاريخ إسرائيل.
اليوم باتت المواجهة بين ايران والكيان الإسرائيلي قاب قوسين أو أدنى، فالردود الأخيرة المتبادلة بين الطرفين كانت عبارة عن رسائل أولية محسوبة بينهما، قد تتدحرج الكرة وتنزلق إلى معركة كبيرة، وهنا يمكنني القول إن إنجاز المقاومة هذه العملية في ضرب العمق الإسرائيلي تحمل رسائل متعدّدة، وموجهة للكيان الصهيوني وحلفاؤه القدامى والجدد في الوطن العربي، الرسالة الأولى كرّست مقولة أنّ المقاومة لن تسكت على دماء مجاهديها، وأنّ ثأرها لهم آتٍ لا محالة، مهما طال الزمن، وإنها على جهوزية كاملة لردع الإحتلال، أما الرسالة الثانية، أكّدت أنّه من يحدّد قواعد اللعبة ليست إسرائيل وإنما إيران ومقاومتها من حيث تحديد المكان والزمان المناسبين.
وأخيراً… إن عملية ضرب إيلات التي نفذتها المقاومة وضعت نتنياهو بمأزق كبير فهو اليوم يغامر في مستقبله السياسي، لذلك ليس من السهل على إسرائيل أن تفتح جبهة حرب مع محور المقاومة وهي مقبلة على إنتخابات قريبة، وأن القرار الآن سياسي بامتياز ، وبإختصار شديد إن هذه العملية أكدت على مصداقية محور المقاومة وقدرته في رد الصاع صاعين لإسرائيل، وعلى أهمية الثقة بالنفس وإمتلاك الإرادة والشجاعة لقوى المقاومة في التعامل مع العدو ووجوده الغاصب على أرض فلسطين وأي بقعة في الأراضي العربية، فالعملية رد طبيعي على جرائم الاحتلال، لذلك لا بد من تشكيل جبهة مقاومة وغرفة عمليات موحدة لوضع إستراتيجية جديدة للمقاومة في الأراضي الفلسطينية، واللبنانية، والعربية المحتلة.
بإختصار شديد…. إن الحرب قادمة لا محالة، وأن المنطقة قادمة على مشهدين لا ثالث لهما إما تسوية مرضية بشروط محور المقاومة وحلفائه الدوليين أو حرب إقليمية ولن تكون إسرائيل في مأمن منها أبداً.