*قراءة في الرد الايراني ( الاسباب والنتائج )*
كتب / سعيد البدري
لم يكن رد ايران ردا انغعاليا فارغا كما حاولت بعض الدوائر الصهيونية والغربية تصويره ،ولم يكن ردا عاطفيا مشحونا برغبة الانتقام ،رغم كونه كذلك بالنسبة لطيف كبير ممن شاهدوا اسراب الطائرات المسيرة والصواريخ وهي تضيء ليل الاراضي الفلسطينية المحتلة وتروي حكاية فجر جديد لذا يمكننا فهم سياق الرد الايراني في 4 اتجاهات والنتائج المتحققة التي ينبغي التركيز فيها لتعزيز حالة النصر التي حققها محور المقاومة في مواجهته مع قوى الاستكبار العالمي وغطرستها .
*الرد الايراني ومبرراته*
يمكن فهم الرد الايراني على الكيان الصهيوني المجرم ومبرراته بشكل اوسع عبر الاحاطة باسبابه وما اردت ايران تحقيقه من اهداف قد نجحت في معظمها وكمايلي :
1 *- الرد الايراني حق قانوني مكفول دوليا :*
التأكيد ان هذا الرد مشروع وقد كفلته القوانين الدولية فأيران بلد معتدى عليه من قبل الصهاينة المجرمين ويحق للبلدان المعتدى عليها الدفاع عن نفسها ليس بالتصدي للعدوان فور وقوعه فحسب، بل بملاحقة القوى الاجرامية المسؤولة عنه والردع احد اهم الاساليب التي ركزت فيها الجمهورية الاسلامية فجاء ردها متسقا مع هذا الحق بدك طائرتها المسيرة وصواريخها للقاعدة الصهيونية التي انطلقت منها الطائرات الحربية المعتدية التي نفدت الاعتداء على القنصلية الايرانية في دمشق فضلا عن موقع اخر للخلايا الاستخبارية الصهيونية التي نسقت عملية الهجوم على القنصلية وبذلك تكون ايران قد ردت على مصادر النيران ،وستفعل الامر ذاته في حال استخدمت اميركا قواعدها المنتشرة في بلدان المنطقة منطلقا لاي عدوان على الاراضي الايرانية وتهديد امن الجمهورية الاسلامية وفي ذلك تحذير عملي واضح وجدي يكشف جدية الايرانيين ويفسر توجيههم انذارات مسبقة لكل البلدان التي تحتضن قواعد عسكرية من مغبة السماح للاميريكيين باستخدام اراضيهم والا فأنهم سيعرضون بلدانهم للخطر لان ايران عازمة على الرد ومعاقبة المتواطئين ،وكانت تلك احد اهم الرسائل التي جرى تمريرها وتأكيدها بقوة ووضوح .
*2* *- شكل الرد ونوعه :*
كان شكل الرد الايراني باستخدام الاسلحة والقدرات الايرانية من طائرات مسيرة وصواريخ مجنحة و باليستية وبدفعات وطريقة تنسيق الهجوم ودقة التوقيتات واواقات الوصول لاهدافها في العمق الصهيوني وكذلك نوعية الاهداف المنتخبة و توقيت التنفيذ يمثل حالة عالية من التنظيم ويكشف عن براعة ميدانية وبنية تحتية عسكرية متقدمة ،هذا الامر تحديدا كان موضع اهتمام القوى الاستكبارية ،التي ثبت لديها بالدليل ان القدرات الايرانية اكبر مما تبدو عليه ظاهرا فأستخدام الرؤوس الحربية الانشطارية موضوع تحليلي دسم وكذلك حالة التحدي الايراني الذي مثله الاعلان عن اطلاق الهجوم والاسلحة المستخدمة فيه والوقت اللازم لمهاجمة الاهداف والذي مثل بدوره تحديا للصهاينة والغرب الذي سخر قدراته للدفاع عن وجودهم السرطاني وعبر عن اقتدار ايراني وتحد لتلك القدرات التي ستشبع تحليلا ودراسة على اكثر من مستوى لغرض تفكيكها وفهم اسرارها ضمن التصورات ادناه :
* الاداء السياسي قبل واثناء وبعد الرد.
* الكفاءة والقدرات العسكرية والجهوزية.
* العمليات النفسية واساليب التأثير التي انتهجتها بمشاركة محور المقاومة .
* التكلفة الباهضة التي فرضتها حالة الاستنفار ومحاولات مواجهة الرد الايراني فضلا عن تكلفة خوض حرب مفتوحة او محاولات الرد على ايران
* الاداء الاعلامي قبل واثناء وبعدالرد لمحور المقاومة وتأثيره في تماسك الجبهة الداخلية لجمهور المحور والتأثيرات التي رافقت ذلك على معنويات الغرب المنحاز والداخل الصهيوني المهزوم.
*3* *- تأكيد ثقة محور المقاومة بقدراته:*
حقق الرد الايراني الثقة لدى جمهوره بما يمتلك محور المقاومة من قوة وقدرات واقتدار في ادارة المعركة سياسيا ونفسيا واعلاميا وعسكريا وجاء بسياقاته التي نحن بصددها ليوجه صفعة لنظريات التفوق الصهيوامريكي فمنذ بداية عملية طوفان الاقصى حاولت دوائر وجهات متعددة تصوير ايران على انها قوة براغماتية تورط حلفائها بمغامرات غير محسوبة ،وتتخلى عنهم لانها لاتمتلك القدرة على مواجهة التفوق العسكري الصهيوني ،لذا كان هذا الرد بما حواه من مضامين صفعة قوية لمتبني هذا الرأي ،كما اسهم بتوحيد الجبهة الداخلية واعادة الثقة لها بحتمية انتزاع النصر في هذه المواجهة من خلال :
* تحرير ارادة بعض شعوب المنطقة التي تخلت عن نهج المقاومة وقد رأت بأم عينها ما يمكن ان يتحقق بتبني هذا النهج او التعاطف مع على اقل تقدير.
* زاد الرد الايراني حالة الحرج لدى الانظمة التي تبنت نهج التطبيع مع الكيان الصهيوني وبات الشعوب تدرك زيف متبياتهم وتخليهم عن القضية الفلسطينية.
* ردود الفعل الرسمية هي الاخرى كان بعضها لافتا من قبيل ارسال الكويت وقطر رسائل للادارة الاميريكية بعدم استخدام اراضيهم للعدوان على ايران ،كما مثل نفي الاردن الرسمي لعلاقتها بأي تصد للطائرات المسيرة والصواريخ الايرانية تنصلا عن مشاركتها الفعلية ومدى الخشية من ايران وعدم ثقة الحكومة الاردنية بالحماية المطلقة من قبل الامريكيين.
* عزز الرد ايضا حالة من الارتياح في الداخل الفلسطيني والتعاطف الجارف شعبيا وعزز حالة المقاومة والاستمرار بالتصدي للعدوان الصهيوني رغم الصعوبات وسيسهم في ادامة حالة الصمود وتوحيد الفلسطينيين الذين ادرك بعضهم ان خيار المقاومة هو الحل في ظل حالة التمكين التي يدفع باتجاهها محور المقاومة .
*4 *-* *ما يعنيه الصبر الستراتيجي والرد الستراتيجي :**
كشف الرد الايراني عن ان الصبر الستراتيجي له مبرراته وغاياته الموضوعية ولن يستمر الى ما لا نهاية ولا مجال للتراجع في حال اقتضت الضرورة اثبات الوجود وادامة حالة النصر ، في التفاصيل كانت نهاية الصبر الستراتيجي عقابا كتبت عنه كل الصحف ومراكز الدراسات والشخصيات السياسية ولعل التعبير الاكثر دقة الذي ركزت فيه ايران ومعطياته اسقط حسابات المراهنين على النيل من هذا الرد الذي جاء محكما مقتدرا وكبيرا يليق بأسم محور المقاومة بابعاد ستراتيجية هامة وكمايلي:
* رد بتوقيتات واسلحة معلومة
* رد معلن يحمل نبرة التحدي
* رد محق بمبررات واسباب مفهومة.
* فعل سبقه اصرار بمعاقبة الكيان المجرم.
* رد محسوب ومسؤول باهداف محددة ذات طبيعة عسكرية.
*ردود الافعال :*
* اسقاط عملي لنظرية التفوق الصهيوامريكي ،فامريكا اجبرت الكيان على عدم ابداء رد فعل ،و وجهة نظر اميركا ان ( ماكشفه الرد الايراني جزئيا ان ما ينتظرها اكبر ولدى ايران المزيد )
* ايران تشجع روسيا للالتحاق بها والانحياز لجبهتها في مواجهة الحلف الامريكي الغادر ( تلويح روسي بمساندة ايران وتوسيع دائرة الحرب في حال مهاجمة ايران )
* صمت خليجي مطبق وكأنها غير معنية بمايدور حولها وطلبات معلنة وغير معلنة بعدم المشاركة في اي عمل تجاه ايران تجنبا لاثارة غضبها ( يحسب للدبلوماسية الايرانية خطابها في تحييد حلفاء اميركا في المنطقة مما يعني تعطيل وعزل الكيان)
* ادانة مجلس الامن لنفسه واثبات كونه مؤسسة اميريكية بمسارعته الاعلان عن عقد اجتماع طارئ لمناقشة الرد الايراني وهو ما لم يحدث بعد الاعتداء على قنصلية ايران في دمشق
* كشف الرد هزيمة حلفاء اميركا اعلاميا سواء ببثهم مشاهد تساقط الصواريخ وعجز القبة الحديدية واسقاط هيبة الكيان بنظر حلفائه ومؤيديه او بالاحتفاء الواسع الذي اظهرته شعوب العالم وهو كما تم وصفه ببث مباشر للهزيمة الصهيونية ، كما كشفت افلاس مناصري وعملاء امريكا وهزيمتهم اعلاميا ونفسيا بتبنيهم مفردات مثل ان ما يحدث مسرحية وان ايران لاتمتلك قدرات هجومية رادعة حيث لم يستطيع هؤلاء العملاء التقليل من اهمية هذا الرد او النيل من الاثر النفسي الكبير الذي احدثه في نفوس المناوئين للكيان الغاصب .
* يرى خبراء ومحللون دوليون ان ايران استعرضت جزءا من قدراتها وقد اجبرت على ذلك وتخلت عن حروب الظل التي استمرت لاكثر من ثلاثة عقود مما يعني انها اعطت تصورا واضحا عن ما يمكن ان يحدث مستقبلا في حال خاضت حربا مباشرة مع الكيان الصهيوني وحلفائه في المنطقة والتي ستكون مدمرة بكل المقاييس.