الكيان يترنح تحت وطأة سوابق التاريخ وجرائم الحاضر
كتب / د. احمد القطامين
منذ انشاء الكيان عام 1948، واستمرار الدعم الغربي الهائل عبر سبعة عقود، لم يواجه هذا الكيان الغريب تحديات حقيقية كما يواجه اليوم. فقد حضي بتوفر ثلاثة عوامل تسمى في علم الادارة بعوامل التمكين.
اولها، تمثيل دور الضحية لدى الانسان العادي الغربي التي تصور اسرائيل على انها بلد وادع يعيش في في بيئة صعبة محاطة بمجموعة من الشعوب الهمجية التي تسعى الى منعها من اسباب الحياة، لذلك تكونت تصورات لدى المجتمعات الغربية مفادها ان المعيار الاخلاقي يحتم الوقوف الى جانب تلك الضحية المظلومة في وجهة العرب المتوحشين الذين تم تصويرهم على انهم سفاكي دماء ومتخلفين لا يتورعون عن قتل ابناء جلدتهم واخوتهم في الدين والعرق فكيف يؤتمنون على اناس غريبين عنهم. لقد خدمت هذه الفكرة الصهيونية العالمية ايما خدمة وتجندت وسائل الاعلام الجماهيري ذات التأثير الواسع للدفاع عنها وتعميق سردية الضحية في الخلفيات الدينية والفكرية في هذه المجتمعات.
اما ثانيها، فتلخصت في طريقة تداول السلطة والحكم البدائية السائدة في الوطن العربي والتي جعلت من العرب بلدانا متعددة تتنافس فيما بينها على خدمة المصالح الغربية، وهكذا اصبح الغرب قادرا بسهولة على تطويعهم للعمل ضمن مصالحه الاستراتيجية ومن ضمن تلك المصالح اسرائيل نفسها وهكذا تم تجنيد الامة ومواردها تحت الطاولة وفوق الطاولة لخدمة وتدعيم الوجود الصهيوني في فلسطين واصبح النظام الرسمي العربي باغلبيته احد اهم عوامل تمكين اسرائيل واستمرارها وتفاقم قوتها العسكرية والتكنولوجية وبالتالي القدرة على البقاء والازدهار.
اما ثالثها، فكانت تلك الحالة من جعل اسرائيل قلعة عسكرية هائلة يتم تزويدها باحدث ما تنتجة صناعات الاسلحة في الغرب من ادوات الحرب الفتاكة وتكنولوجيا الصراع المتطورة، رافق ذلك تزويدها بكل ما يلزم لتمكينها من انتاج السلاح المتقدم جدا وادوات التكنولوجيا الحربية والتجسسية بالغة الكفاءة وبيعها الى الدول الاخرى بكل ما يرافق ذلك البيع من هيمنة على الدول التي تتلقى تلك المنتجات.
امام عوامل التمكين تلك، يواجه الكيان منذ اندلاع معركة طوفان الاقصى ثلاث تحديات وجودية اخذت تطيح بعوامل التمكين المذكورة اعلاه واحدة بعد اخرى.
فمع تطور الحرب على غزة جلب انتباه المجتمعات الغربية ان تلك الحرب لا تتعدى كونها اعتداء من طرف واحد يسعى الى ارتكاب مجاز ابادة جماعية ضد مدنيين عزل ومع تصاعد عمليات القتل والتبجح الرسمي العلني بها اخذت الامور تتغير واخذت السردية الصهيونية تنهار بسرعة قياسية واخذت تلك المجتمعات المغرر بها تستفيق من سباتها وتنتصر لغزة وفلسطين، وهنا سقطت اولى عوامل التمكين.
اما هيمنة الغرب على النظام السياسي العربي وتطويعه لخدمة اهدافها فبالرغم من كل محاولات احكام السيطرة من قبل القوى الغربية الا ان الشعوب شرعت تدرك حقيقة ما يجري وسيكون لها حسابها الخاص مع انظمتها قريبا عندما تنتهي الحرب في غزة، عندها سينهار عمال التمكين الثاني.
واخيرا فيما يتعلق بالسلاح الغربي لاسرائيل كعامل تمكين فقد تغيرت اليات الحرب في هذه المنطقة ولم يعد اي جيش نظامي مدجج باحدث وافتك الاسلحة قادرا على حسم اية معركة باستثناء قتل النساء والاطفال وتدمير البنى التحتية المدنية، فقد اصبح بمقدور وحدة مقاتلة مؤلفة من عدة الاف من المقاتلين الذين تم تدريبهم واعدادهم جيدا تكفي لالحاق الهزيمة بجيش عرمرم مدجج باحدث السلاح وتكنولوجيا الحرب، وهكذا ينهار عامل التمكين الثالث.